وصل الزعيم الديني مقتدى الصدر إلى كردستان في محاولة للتوسط بين رئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس الإقليم مسعود بارزاني الذي هدد بإعلان دولة كردية في أيلول (سبتمبر) المقبل. إلى ذلك، أفاد بيان ل»التحالف الوطني العراقي» امس بأن الرئيس جلال طالباني أجرى اتصالاً هاتفياً الليلة قبل الماضية مع رئيس التحالف إبراهيم الجعفري و»شدد الطرفان على ضرورة اللقاء واعتماد الحوار الإيجابي البناء بين الأطراف السياسية للخروج بحلول ناجعة للقضايا المطروحة». وفي إطار الجهود لاحتواء الأزمة بين بغداد وإقليم كردستان، وصل الصدر إلى أربيل امس، قادماً من إيران. وكان في استقباله بارزاني ورئيس البرلمان وأعضاء حكومة الإقليم. وقال الصدر: «جئت لأستمع إلى آراء القادة الأكراد وتوجهاتهم لأنني في الحقيقة من دعاة التقرب إلى الشعب». وقرأ ورقة تحتوي على 18 نقطة تهدف إلى حلحلة الأزمة السياسية، أبرزها «إلغاء سياسة التهميش والإقصاء»، معتبراً أن «الأقلية جزء مهم في الساحة العراقية ويجب إشراكها في بناء العراق سياسياً واقتصادياً وأمنياً». ودعا في هذا السياق أيضاً إلى «العمل على تقوية الحكومة بإشراك كل مكونات الشعب فيها». وتضمنت هذه النقاط مطالبة السلطات العراقية بالوقوف «مع الشعوب العربية المظلومة لا سيما في البحرين وسورية». وأكد الصد أنه التقى المالكي خلال زيارة الأخير إيران وأنه نقل إليه» الصورة المعقدة في العملية السياسية. وأنه جاء إلى كردستان «من اجل فهم الصورة عن كثب». وأضاف «أنا هنا مجرد ضيف ولا دخل لي بالخلافات السياسية». وأوضح الصدر أن برنامجه «يتضمن تقديم مصالح العراق على المصالح الحزبية والطائفية والعرقية. وتأكيد وحدة العراق وسلامته واستقلاله، وضرورة أن يحظى بعلاقات طيبة مع دول الجوار كل دول السلام، وعدم التدخل الخارجي في الشان الداخلي العراقي من أي دولة كانت، والوقوف بحزم ضد أي تهديد داخلي أو خارج للعراق وفئاته ومكوناته، ورفض أي وجود للكيان الصهيوني في العراق»، وزاد أن «العراق رئيس القمة العربية ولا بد أن يقف إلى جانب الشعوب العربية المظلومة». وتابع «من الضروري العمل من اجل تقوية الحكومة العراقية من خلال إشراك جميع المكونات لدفع كل المخاطر عن هذا البلد، والنفط ملك للشعب ولا يحق لأحد التفرد به دون الآخر، ويجب استقلال القضاء وعدم التدخل بعمله وعدم تسييسه، والاهتمام بالأقليات وإشراكهم في العملية السياسية كونهم جزءاً مهماً في الساحة العراقية»، لافتاً إلى أن» العراق مهبط الكثير من الأديان والأنبياء والرسل». وقال الناطق باسم الصدر الشيخ صلاح العبيدي خلال مؤتمر صحافي عقده في بغداد امس، عن مهمة زعيم التيار في أربيل إن «سماحة السيد مقتدى الصدر يحاول جاهداً أن تكون كتلة الأحرار وهو شخصياً في وسط دائرة الخلافات السياسية وأن لا نحسب على طرف ما لأن الوضع السياسي العراقي لا يحتمل التحشيد بين الفرقاء». ولم يحدد العبيدي طبيعة الملفات التي سيتناولها الصدر مع بارزاني وقال «لا يوجد ملف محدد يحمله. هي زيارة بناء على دعوة رسمية وجهت إليه من إقليم كردستان». وتابع أن هدف «الزيارة حلحلة الأزمة قدر الإمكان خلال الفترة المقبلة». وأشار إلى إن» الهم الأكبر لدينا هو أن تسير عجلة العمل السياسي بشكل مقبول داخل العراق وأن لا يكون هناك انسدادات، خصوصاً أن العراق أمام تحد كبير بعد خروج الاحتلال في الأشهر السابقة». وزاد: وانتقد العبيدي تصريحات مسؤولين دعوا إلى تدخل خارجي لحل الأزمة وقال: «هناك تحديات أمام العراقيين واتهامات بأنهم لا يستطيعون إدارة الموقف ويحتاجون دائماً إلى من يوجههم ودائماً يأمرهم بشكل ما، لكن نعتقد بأن العراقيين قادرون على إدارة الموضوع. مهمتنا السياسية والشرعية هي أن تستمر العملية السياسية بشكل انسيابي وصحيح». من جهة أخرى، دعا بارزاني ممثلي الأكراد في بغداد إلى اجتماع. وقال النائب الثاني لرئيس البرلمان النائب عارف طيفور: «من المقرر أن يجتمع بارزاني السبت في منتجع بيرمام شمال شرقي أربيل بممثلي الأكراد في بغداد من كل الأطراف والكتل»، لافتاً إلى أن»الهدف هو البحث في آخر المستجدات على الساحة السياسية في العراق وإقليم كردستان وعرض نتائج زيارته لأميركا ودول أوروبية قبل بضعة أسابيع». وهدد بارزاني أول من امس، بطرح استقلال كردستان على الاستفتاء العام في أيلول (سبتمبر) المقبل إذا لم تحل الأزمة السياسية. وكان بارزاني قال خلال مقابلة مع وكالة «اسوشيتد برس» إن «استمرار الأزمة السياسية إلى ما قبل الانتخابات المحلية في الإقليم في أيلول المقبل، يمكن أن تدفع الأكراد إلى إجراء استفتاء يتناول رغبتهم في البقاء في ظل نظام ديكتاتوري وتحت سيطرة بغداد أم أنهم يرغبون في العيش في دولة مستقلة». ويشهد الإقليم حالياً زيارات متكررة لمسؤولين عراقيين في إطار الحراك السياسي الهادف إلى رأب الصدع وإيجاد مخرج للأزمة السياسية المتصاعدة، إثر صدور مذكرة لاعتقال نائب الرئيس طارق الهاشمي، والخلافات المزمنة بين أربيل وبغداد على آلية وطبيعة إدارة الحكم في البلاد. ورفض «ائتلاف دولة القانون» بزعامة المالكي حضور الاجتماع التشاروي الذي دعا إليه بارزاني مطلع الشهر المقبل في أربيل، وقال النائب سامي العسكري إن» قيادات ائتلاف دولة القانون لن تلبي دعوة رئيس إقليم كردستان لحضور الاجتماع في أربيل لأنه غير مؤهل لعقد مثل هذه الاجتماعات، بعد تصريحاته ضد الحكومة والمالكي، بالإضافة إلى مواقفه الحادة. وقد بات جزءاً من المشكلة». وقلل من أهمية هذه الدعوة وقال:»ليس هناك مبرر لعقد اجتماع بارزاني بوجود دعوة رئيس الجمهورية، فإما أن نلغي دعوة رئيس الجمهورية ونذهب إلى كردستان وهذا أمر غير مقبول، أو تلغى دعوة بارزاني». ويأتي التصعيد الكردي في مناخ سياسي متوتر بين «دولة القانون» و»ائتلاف العراقية» بزعامة أياد علاوي، على خلفية عدم تنفيذ اتفاق أربيل الذي تشكلت بموجبه الحكومة. من جهة أخرى، أعلن النائب خالد الأسدي، عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر أن «التحالف الوطني انجز مسودة جدول أعمال المؤتمر»، مؤكداً أنه سيدعو إلى اللجنة التحضيرية إلى الاجتماع لإقراره.