شابة تحمل قطة، تبكي شاهقة، وسيدة تنتظرها لتنهي حالة الوداع، لتحمل القطة بين ذراعيها، وتحاول مواساة الشابة، وعيناها لا تبتعدان عن القطة التي ستصبح بعد قليل في منزلها، بعد أن انتظرت خمس سنوات، لتحصل على موافقة زوجها على اقتناء قطة جديدة، فزوجها بعد أن ماتت قطتهم القديمة، صعب عليه أن يرى قطة أخرى تموء في زوايا المنزل. مشهد يتكرر في كثير من الأماكن في ألمانيا، لتشكّل قاعدة عامة عند السكان. فعلاقة الألماني بالحيوانات الاليفة، علاقة تستحق القراءة لما لها من دلالات عن طبيعة المجتمع وانعكاسات على الاقتصاد. اقتناء حيوان أليف في ألمانيا، ليس حكراً على طبقة أو فئة وليس محصوراً في عمر معين، فالعائلات الشابة لديها قط او كلب أو أرنب، فجملة من قبيل لدي طفلة وقطتان، أو كلب صغير وطفل، جملة مألوفة، تحمل نوعاً من التعريف بعدد أفراد العائلة. أما العائلات التي أصبح فيها الرجل والمرأة مسنّين ومتقاعين، فتجد في قط صغير، طفلاً جديداً بعد أن انتهى وقت الانجاب. تربية حيوان أليف، تتبعها صناعة كاملة على أكثر من صعيد، وتنتج المعامل الألمانية قرابة مليون طن سنوياً طعاماً خاصاً للكلاب والقطط فقط، ما عدا ما يتم انتاجه للأرانب وغيرها من الحيوانات الصغيرة الحجم؛ ناهيك بالكتب والموسوعات والمنشورات التي تمتلأ بها المكتبات، وتشرح كيفية التعامل مع الحيوان الأليف وتنظيفه ورعايته. ويتجاوز عدد الأطباء البيطريين في ألمانيا 26 ألف طبيب، ممّا يعني أن القطط والكلاب وخلافه تشغل وحدها دائرة اقتصادية كاملة، إضافة إلى أن البلديات أصبحت تأخذ باعتبارها عند تخطيط المدينة، وجود الكلاب. منذ زمن أصبحت المطاعم تضع إشارات على بابها الرئيسي توضح إذا كان المطعم يستقبل الكلاب أو لا، وكذلك الأمر بالنسبة لبعض الشوارع الفرعية التي تفضي إلى الغابات أو الحدائق. وتجد غالباً في السوبرماركت، صندوقاً للتبرع، يذهب ريعه لمصلحة ملجأ للحيوانات، حيث يوجد فريق عمل متخصص يشرف على حيوانات الملجأ، التي تحتوي على الغنم والأرانب والقطط وغيرها. وتمتلك المشرفة جدولاً يضم موعد دخول الحيوان، وزنه وعمره والسلالة التي يتحدر منها. وتحمل إلى الملجأ القطط والكلاب الشريدة، وتجرى لها العمليات وتعطى اللقاحات المناسبة... والجدير بالذكر أن من يمتلك قطة لا يدفع أي ضريبة، لكن من يقتني كلباً عليه دفع ضريبة سنوية، لكون هذا الكلب يتبرز في الخارج، ويستخدم بالتالي المرافق العامة والغابات. وتجني الحكومة الألمانية سنوياً نحو 250 مليون يورو ضريبة من أصحاب الكلاب، لكن الحكومة من جهة اخرى تساهم في دعم ملاجئ الحيوانات، علماً أن سوء معاملة الحيوان تعتبر مخالفة يحاسب عليها القانون.