عادت قضية مثلث حلايب وشلاتين المتنازع عليه بين مصر والسودان إلى واجهة العلاقات بين البلدين اللذين يخوضان مفاوضات ماراثونية مع إثيوبيا في شأن «سد النهضة» الذي تبنيه أديس أبابا على نهر النيل. وكانت الأزمة احتدمت مع إعلان رئيس اللجنة العليا للانتخابات في ولاية البحر الأحمر السودانية عبدالقادر محمد توم أول من أمس، أن منطقة حلايب «دائرة انتخابية معتمدة منذ انتخابات العام 1953، وقام مواطنوها بالمشاركة في عمليات الاقتراع»، مشيراً إلى أن «ترسيم الدوائر الجغرافية في الولاية بما فيها دائرة حلايب اكتمل وتم تسليمه إلى المفوضية العليا للانتخابات». ورفضت القاهرة الخطوة السودانية على لسان الناطق باسم وزارة الخارجية بدر عبدالعاطي، الذي شدد على إن المثلث «جزء لا يتجزأ من الأراضي المصرية التي لا يمكن اجتزاؤها أو التفاوض حولها مع دولة السودان الشقيق». واعتبر أن «طرح هذه القضية هدفه تعكير صفو العلاقات بين البلدين، والادعاءات بأن حلايب منطقة معتمدة ضمن الدوائر الانتخابية في السودان هدفه إثارة الفتنة بين البلدين. قضية حلايب وشلاتين محسومة لأنها جزء من الأراضي المصرية التي لا تقبل التجزئة، ومصر لها كامل السيادة على ترابها». وتعد مدينة حلايب البوابة الجنوبية لمصر على ساحل البحر الأحمر، وتتولى تقديم الخدمات الجمركية للعابرين إلى الحدود السودانية. وتقع منطقة حلايب وشلاتين على الحدود بين مصر والسودان، وتقطنها قبائل تمتد جذورها التاريخية بين الجانبين، كما تتنقل هذه القبائل بسهولة عبر الحدود بين البلدين. وأكد ل «الحياة» مسؤول عسكري مصري أمس، سيطرة الجيش في شكل كامل هناك، مشيراً إلى أن «هناك جنوداً سودانيين خارج منطقة حلايب وشلاتين، وهم داخل حدودهم وليس الحدود المصرية، ويتم تقديم المساعدات الغذائية والطبية لهم في إطار العلاقات الطيبة بين البلدين والشعبين». وكان عضو المجلس التشريعي لولاية البحر الأحمر السودانية حامد إدريس سليمان، دعا حكومة بلاده إلى «اتخاذ السبل كافة التي تمكن مواطني حلايب من ممارسة حقهم الدستوري والتصويت في الانتخابات»، معتبراً أن «من المستحيل التنازل عن شبر من أراضي حلايب» التي تمتد على مساحة 20 ألف كيلومتر ويقطنها أكثر من 27 ألف شخص. ويأتي ذلك في وقت يستعد وزراء المياه في مصر والسودان وإثيوبيا لاجتماع تقرر في 20 الشهر الجاري في أديس أبابا، يفتتح أعمال لجنة الخبراء التي تم الاتفاق على تشكيلها خلال جولة مفاوضات عقدت في الخرطوم الشهر الماضي. وتضم اللجنة 12 خبيراً من الدول الثلاث. وأوضح ل «الحياة» وزير الري المصري حسام المغازي، أن الاجتماع «سيتم خلاله الإطلاع على آخر الدراسات الإثيوبية بخصوص سد النهضة»، مشيراً إلى أن «مصر اختارت أربعة خبراء في هذا الملف، ومعهم أربعة مساعدين لتقديم الدعم الفني»، مشيراً إلى أن «اليوم الأول للزيارة سيخصص لاستكمال المفاوضات بين الدول الثلاث ووضع خطوات لاختيار المكتب الاستشاري الدولي، وفي اليوم الثاني سيذهب وزراء الري ومعهم فرق الخبراء لمعاينة السد على طبيعته وما يجري على الأرض». وأضاف أن «لجنة الخبراء سيوكل لها اختيار المكتب الاستشاري الدولي قبل نهاية الشهر الجاري بالتصويت الداخلي، على أن ينتهي المكتب خلال خمسة أشهر من دراستين حول السد: الأولى تتعلق بتدفق المياه إلى مصر والسودان بعد إنشاء السد وتحديد حجم السد وخزان المياه الذي لا يؤثر في دولتي المصب وعدد سنوات ملء الخزان، والثانية عن التأثيرات البيئية والاقتصادية للسد على مصر والسودان حتى تتم مراعاتها». وأوضح أن «لجنة الخبراء ستختار أيضاً خبيراً دولياً خلال شهر يتم اللجوء إليه في حال رفضت دول نتائج دراسات المكتب الاستشاري، على أن يكون رأيه فاصلاً وملزماً للجميع». ولفت إلى أنه «في حال حصل خرق من أي طرف للاتفاق يكون من حق الأطراف الأخرى اللجوء إلى القضاء الدولي». إلى ذلك، منعت سلطات الأمن في مطار القاهرة أمس شخصين من الأسرة الحاكمة في قطر من دخول البلاد بسبب عدم حملهما تأشيرة مسبقة. وقالت مصادر أمنية في تصريحات نقلتها وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية، إن «الشخصين هما خليفة بن فهد بن جاسم بن أحمد وشقيقه حمد من الأسرة الحاكمة في قطر». وأضافت أنه «أثناء إنهاء إجراءات وصولهما، تبين عدم وجود تأشيرة دخول مسبقة ضمن أوراقهما عقب وصولهما على طائرة الخطوط المصرية القادمة من لندن، وتنفيذاً للتعليمات المقررة في شروط الدخول تقرر عدم دخولها وإعادتهما على الطائرة نفسها». وتوترت العلاقات بين مصر وقطر عقب عزل الجيش للرئيس السابق محمد مرسي في 3 تموز (يوليو) 2013. وكانت وزارة الخارجية المصرية استدعت سفير قطر لدى القاهرة مرتين للاحتجاج على تدخل الدوحة في شؤون مصر الداخلية بعدما انتقدت الدوحة الحملة على جماعة «الإخوان» التي لجأ عدد من قادتها وحلفائها إلى قطر وبعضهم مطلوب للقضاء.