بدأوا يدفنون القدس والجفون مغلقة يَحثُون النسيان على بوائكها ويغتالون آخر بواكيها دون أدنى شعور بالندم «لا تخش شيئاً يا صديقي» لا تخش عيشاً بجفونٍ مغلقة فتلك هي متعة الحياة المطلقة إن كنت ترسم خطواتك مستقبلاً فلا بأس فأنت في لحظة الرسم فرشاة شعراتها تيبست بفعل الهواء والزمن عصاها عمودية التكوين لكنها ترتمي على اللوحة مائلة وألوانها في البداية مقلقة لا شيء يستدعي انهماكك بالتفكير في نفسك قَدَرُك كُتب قبيل التاريخ قل لي: ألم يخبروك بذاك في المدرسة؟ وعليك أن تُصدِّقهم وإلا فقد خنت الثقة أأنجبَتْ أفكارُك طريقة لتثبيت زيتونتك؟ في تربة هرستها الأقدام المتعبة هل ألّفت علاقة بينهما؛ مغناطيسية اللغة؟ بين الروح والبدن بين شبابٍ ووَهن لم تفعلْ وربما لم تفكرْ أن تفعل وربما لم تفكرْ أن تفكر لأنك لا تؤمن بأن الأرض... كل الأرض ليست سوى حديقة أثاثها حجارة زوارها الأشجار والأزهار والحيوان وذاك الطين الجديد الذي يدعى الإنسان ليست سوى حديقة ثكالى ينتظرون أدوارهم للدخول إلى قبوها والمؤلم في الأمر مؤقتاً: أنّ القبو مجرّد مقبرة إذاً لاشيء يستدعي العويل يا صديقي فالحياةُ؛ ما الحياةْ؟!! إلا خدٌّ يشتاق إلى قُبلة، ثم يتمنّع وطفلٍ يتعلّم المشي... يستعجل الركض فيقع وفجرٌ مهمته اليومية الوحيدة: أن يقتل السَحَر لا لشيء؛ إلا... أن الشمس أقوى من القمر نسيت ونسوا أو تناسوا الحضارة والتاريخ والشرائع والأديان لا فرق في الميزان لا شيء يمنعهم من النسيان وغسل ضحضاح الذاكرة أفنيتَ عمرك بالوقوف على الإشارة وتلميع زجاج سيارتك والاستماع لنشرة الأخبار وعزف قيثارة والتأمل في وجنتي زوجتك وتكسير سلالم الموسيقى ... بمطرقة الحاضر الذاتي يتلاشى أمام عيونكم يمثل بإبداع مشهد القهقرى لمصلحة الأحقاب والأحيان ومن ثم يسرق منّا متعتنا المطلقة أيها الطين القبيح الغريب عن البلد ليس لك بيننا من شبيه ولا ولد تراثك المزعوم؛ أسطوانة موسيقى مشروخة تصفّر لحنا واحداً على مقام الكمد: كفى كفى ما بالكم لا تدركون أن وقتي قد نفد؟ وأن موتي قادمٌ لن يمنعه أزلٌ أو سرمدٌ ولا أبد ونظلّ نوهم ذاتنا أن يوماً ما سيأتي سيتحول فيه الغراب بمعجزة قصوى إلى يمامة أو نعامة تَدفن في أحضاننا رأسها خانعة إلى الأبد لا شيء يستدعي عناءك في التفكّر والندم فالحياة؛ ما الحياة؟! سوى عمرٍ محطَّم على عتبات الوقت والساعات هَروَلْنا منذ فجر التاريخ ولم تكن النتيجة في الحقيقة إلا الدماء والبكاء والجفاء والظلام والسقام لتبقى حيواتهم وحيواتنا حسرة وخُسراناً على مدى الأيام والحقيقةُ أنَّا نباغت الموت بالانتحار نتسلق سور الجنة فارّين إلى النار والجفون مغلقة إن كنت تقول الحقيقة لا تقل لي أن الذنب كله ذنب الحديقة! حسان أبوصلاح @hassanabusalah