تراجعت تحويلات المغربيين في الخارج نحو 18 في المئة في تقديرات الربع الأول من العام الحالي، نتيجة الأزمة العالمية التي تشلّ اقتصادات دول الاتحاد الأوروبي، التي يعيش فيها ويعمل نحو ثلاثة ملايين مغربي يحوّلون الى بلدهم سنوياً نحو خمسة بلايين يورو، تمثل نحو 7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. وتراجعت عائدات السياحة في المغرب 23 في المئة، بواقع 320 مليون دولار، الى 6 بلايين درهم خلال شهرين. وفي المقابل، ارتفعت الاستثمارات الأجنبية 16 في المئة الى 778 مليون دولار حتى نهاية شباط (فبراير) الماضي. وهذه المرة الأولى التي يعلن فيها عن تراجع حجم التحويلات وإيرادات السياحة، التي تمثّل الى جانب التدفقات الاستثمارية الأجنبية، اهم مصادر الحكومة من العملة الصعبة وتشكل 21 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وتغطي عجز الميزان التجاري الذي ارتفع الى 25 بليون درهم مغربي (ثلاثة بلايين دولار) في الشهرين الأولين من العام الحالي. وجاء في دراسة نشرتها وكالة «ستندارد آند بورز» للتصنيف، ان دول شمال افريقيا والشرق الأوسط باتت مهددة بتلقي تحويلات أقل، من مواطنيها في المهجر بسبب الأزمة التي أثرت في اقتصادات دول الاتحاد الأوروبي ودول الخليج. وتوقعت ان تتراجع التحويلات بنسب تراوح بين 5 و10 في المئة في كل من المغرب ومصر وتونس والأردن ولبنان، وهي الدول التي حصلت في السنة الماضية على نحو 28 بليون دولار من تحويلات مغتربيها في دول المهجر. وتساهم التحويلات في انعاش قطاعات العقار والسياحة والخدمات الفندقية في المغرب، وهي مورد مهم للاحتياط النقدي واستقرار قيمة الدرهم المغربي، كما تعتبر مصدراً لدخل العائلات التي تعتمد على افرادها في الخارج، بخاصة في الأرياف وضواحي المدن وداخل العائلات المتعددة الأفراد. ويعيش في المغرب نحو 10 في المئة من الأسر على تحويلات مهاجريها في كل من فرنسا وهولندا وإسبانيا وإيطاليا وبلجيكا. وأفادت مصادر «الحياة» بأن 100 الف مغربي فقدوا وظائفهم في إسبانيا، ثالث اهم مصدر للتحويلات في اوروبا، بسبب انهيار قطاع العقار في إقليم الأندلس وتراجع حجم السياحة والخدمات الفندقية. ويعاني عشرات آلاف المهاجرين أوضاعاً اجتماعية صعبة في ايطاليا وبدرجة اقل في فرنسا، التي تقدر التحويلات منها ب63 في المئة من الحجم الكلي للتحويلات. واقترحت حكومتا مدريد وروما تعويضات على المهاجرين الراغبين في العودة الى ديارهم، اعتبرها المهاجرون غير كافية، كما تتفاوض الحكومة المغربية من اجل حماية الحقوق الاجتماعية للمهاجرين وعدم استغلال الأزمة العالمية لطرد العامل المغربي او تقليص فرصه في العمل، بدواع عنصرية. وأظهرت دراسة ل«مكتب الصرف» المغربي الحكومي المشرف على القطع الأجنبي والتدفقات الخارجية، ان زيادة الاستثمارات الأجنبية عوضت جزئياً تراجع تحويلات المغتربين. وقدر الاحتياط النقدي في نهاية شباط الماضي ب203 بلايين درهم (24 بليون دولار) من اصل 197 بليوناً في الفترة ذاتها من السنة الماضية. وينتظر ان يكون فصل الصيف المقبل مؤشراً مهماً لمعرفة تأثير الأزمة على العمال المغربيين في اوروبا، حيث يدأب ثلاثة ملايين شخص عادة على عبور ضفتي البحر الأبيض المتوسط سنوياً عبر مضيق جبل طارق بواسطة مليون سيارة خاصة، في ما يعرف برحلة الشتاء والصيف نحو بلادهم. وفي المقابل، حصلت حكومة الرباط على صفة «الشريك المميز» مع الاتحاد الأوروبي، بعد عقد من المفاوضات، يسمح لها بتحصيل مساعدات اضافية ودعم مالي وتقني واستثماري قد تؤجله الأزمة العالمية الى بداية عام 2013.