لا يزال الاقتصاد العالمي «في حال تفكك» بعد مرور خمسة أعوام على وقوع أزمة المال العالمية، خلاصة أعلنها تقرير التجارة والتنمية لهذا العام الذي يعده مؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد). واستبعد أن ينتعش نمو الناتج العالمي، متوقعاً أن «يسجل مزيداً من التدهور ليبلغ 2.1 في المئة هذا العام». وأُطلق التقرير بعنوان: «التكيف مع ديناميات الاقتصاد العالمي المتغيرة»، في مؤتمر صحافي بمركز الأممالمتحدة للإعلام في بيروت، تحدث خلاله كبير الاقتصاديين في دائرة العولمة واستراتيجيات التنمية في «أونكتاد» محمود الخفيف عن نتائج التقرير الذي أكد وجود «أزمة هيكلية في الاقتصاد العالمي تستدعي إدخال تغييرات أساسية على السياسة الاقتصادية السائدة». وحض البلدان المتقدمة على «اتخاذ إجراءات أكثر حسماً لمعالجة الأسباب الأساسية للأزمة، خصوصاً ما يتعلق منها بتزايد التفاوت في مستويات الدخل، وتقلص الدور الاقتصادي للدولة، وهيمنة الدور الذي يؤديه قطاع مالي سيئ التنظيم، فضلاً عن وجود نظام دولي معرض للاختلالات العالمية». أما بالنسبة إلى الاقتصادات النامية والانتقالية، فشدّد التقرير على ضرورة أن «تعيد النظر في استراتيجياتها الإنمائية، وأن تعتمد أكثر على الطلب المحلي والإقليمي، بدلاً من الاعتماد في شكل مفرط على الصادرات لتحقيق النمو». وعرض «أونكتاد» اتجاهات الاقتصاد العالمي، ملاحظاً أن «معدل نمو الناتج العالمي الذي كان تباطأ وتراجع من 4.1 في المئة عام 2010 إلى 2.8 في المئة عام 2011، ثم إلى 2.2 في المئة عام 2012، لن ينتعش بل ربما يسجل مزيداً من التدهور ليبلغ 2.1 في المئة هذا العام». وأعلن أن البلدان المتقدمة «ستبقى متخلفة عن مواكبة المتوسط العالمي، إذ ستبلغ نسبة الزيادة في ناتجها المحلي الإجمالي واحداً في المئة فقط، ما يعكس وضعاً يجمع بين استقرار معدل النمو في اليابان، وتراجعه بوتيرة معتدلة في الولاياتالمتحدة ومزيد من الانكماش في منطقة اليورو». وتوقع التقرير أن تحقق الاقتصادات النامية والانتقالية «نمواً بمعدلات مماثلة لتلك المسجلة عام 2012، أي 4.5 و2.5 في المئة على التوالي، كما ستظل هذه الاقتصادات تمثل القوى الرئيسة المحركة للنمو الاقتصادي»، متوقعاً أن «تسهم في نحو ثلثي نمو الناتج العالمي هذا العام». ولاحظ أن في اقتصادات كثيرة منها «نتج النمو من الطلب المحلي أكثر منه عن الصادرات، مع استمرار ضعف الطلب الخارجي من الاقتصادات المتقدمة». وأشار إلى أن البلدان النامية «سجلت زيادة كبيرة في نسبة إسهامها في الاقتصاد العالمي، وارتفعت حصتها في الناتج العالمي من 22 في المئة عام 2000 إلى 36 في المئة عام 2012، بينما زادت نسبة مشاركتها في الصادرات العالمية من 32 إلى 45 في المئة خلال الفترة ذاتها». وأوصى ب«حاجة الاقتصادات النامية والانتقالية إلى التحول نحو نمو أكثر توازناً وإعطاء الطلب المحلي دوراً أكبر في استراتيجياتها الإنمائية». وحذر من «امتداد فترة النمو البطيء في البلدان المتقدمة إلى أمد طويل، ما يعني استمرار تباطؤ نمو وارداتها». ولفت إلى «إمكان أن تعوض الاقتصادات النامية والانتقالية ما ينتج من ذلك من حالات نقص في النمو، باعتماد سياسات اقتصادية كلية مضادة للتقلبات الدورية لفترة من الوقت». ولكن يجب على واضعي السياسات على المدى الطويل «إعادة النظر في استراتيجيات التنمية المعتمدة في شكل مفرط على الصادرات». واقترح أن «تشدد استراتيجيات التنمية في شكل أكبر على دور الأجور والقطاع العام في عملية التنمية». وعن النظام المالي، أكد التقرير أن معظم البلدان المتقدمة والنامية «لا توجه الائتمانات في شكل وافٍ نحو الاستثمار الإنتاجي في القطاع الحقيقي»، لذا من الضروري «إجراء إصلاحات على المستويين الوطني والعالمي ليس فقط من أجل تعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي فحسب، بل أيضاً لضمان توجيه ما يكفي من تمويل الاستثمار نحو النشاطات الإنتاجية، ومساعدة البلدان النامية على مواجهة التحديات الإنمائية الجديدة الناشئة في بيئة ما بعد الأزمة».