لم يبق سوى أيام معدودة على يوم الاقتراع في الكويت. أيام فقط تفصل الشباب عن مجلسهم (البرلمان) الجديد، الذي قد يأتي غير ما يشتهيه بعضهم. فالشباب الكويتي حائر اليوم، بين «قاطع» أو «شارك» في هذه الانتخابات. حائر بين لونين سياسيين، الأزرق لون الحملة الداعية إلى المشاركة في الانتخابات تصويتاً وترشيحاً، والبرتقالي لون الحملة المنادية بالمقاطعة الصريحة. المعركة السياسية بين اللونين لن تحسمها سوى صناديق الانتخابات يوم السبت في الأول من كانون الأول (ديسمبر)، يوم انتخاب مجلس الأمة الكويتي الجديد، الذي سيأتي بولادة قيصرية صعبة سبقها مخاض سياسي عسير أدى إلى إصدار الحكومة الكويتية مرسوم ضرورة بتعديل المادة الثانية من القانون الرقم 42 لعام 2006. وبرّرت الحكومة قرارها ب «معالجة آلية التصويت إذ يقضي القانون الجديد بحق كل ناخب في الإدلاء بصوته لمرشح واحد في الدائرة المقيد فيها وذلك بما يهدف إلى حماية الوحدة الوطنية وتعزيز الممارسة الديموقراطية وتحقيق تكافؤ الفرص والتمثيل المتوازن لشرائح المجتمع، ودعوة الناخبين لانتخاب أعضاء مجلس الأمة السبت 17 محرم 1434ه 1 ديسمبر 2012». الأسئلة التي تراود الشباب اليوم كثيرة. لماذا أقاطع؟ بل لماذا أشارك؟ يقول الناشط السياسي خالد الفضالة الذي يقود حملة شبابية للمقاطعة ضمن مناظرة نظمتها جمعية القانونيين: «نقاطع لأننا ضد انتهاك دستور الأمة، معركتنا مع الحكومة ليست من أجل الانتخابات بل لأنها تنتهك المادة 71 من الدستور وتقصي إرادة شعب بأكمله». ويضيف: «نقاطع لأن الحكومة تستغفلنا». ويتحدث طارق المطيري من حركة دعم المقاطعة عن السبب قائلاً: «نرفض استمرار الحكومة بالتلاعب». ويرد عليهما في المناظرة نفسها أحد أعضاء فريق الأزرق «سأشارك» الناشط السياسي والإعلامي عبدالله زمان: «إذا كان منطلق الخلاف يكمن في المادة 71 من الدستور، فالمحكمة الدستورية حصّنت هذه المادة وتركت لرئيس الدولة تحديد الضرورة ولم تتركها للأهواء بل قيدتها... لذلك، سأشارك». ويزيد ناصر الشليمي من قوى 11 - 11 المشاركة: «نحن لسنا الحكومة ولا نمثلها ولم نسلب إرادة الأمة، الحق والسلب يخضعان لقياس سياسي والمحكمة الدستورية تركت القياس لسمو الأمير». ولا يصعب على المراقب أن يدرك أن الأزمة في الكويت تدور حول شأن دستوري، وتحديداً المادة 71 التي تنص على أن «إذا حدث في ما بين أدوار انعقاد مجلس الأمة أو في فترة حله، ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، جاز للأمير أن يصدر في شأنها مراسيم تكون لها قوة القانون، على أن لا تكون مخالفة للدستور أو للتقديرات المالية الواردة في قانون الموازنة». والمادة 71، وفق مراقبين دستورريين، تركت لأمير البلاد تحديد مراسيم الضرورة لاتخاذ التدابير، وهو الأمر الذي أكده أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد في أكثر من مناسبة في الآونة الأخيرة إذ قال: «رأيت ضرورة إصلاح الخلل الذي يشوب النظام الانتخابي والذي أثبتت التجربة سلبياته وأخطار نتائجه على مدى ثلاثة مجالس متعاقبة». وتساءل: «لماذا السلبية والتحريض على مقاطعة الانتخابات؟ كونوا إيجابيين وشاركوا في العملية الانتخابية باختيار من تتوسمون فيهم الصلاح والكفاءة وحمل المسؤولية وأداء الأمانة لتمثيلكم في مجلس الأمة والنظر في مرسوم الضرورة بإقراره أو إلغائه أو إصدار قانون بديل منه وفق القنوات والإجراءات الدستورية الصحيحة وليس من قبيل المزايدة». وعلى رغم أن الجدل يتواصل بين الأزرق والبرتقالي، رصدت «الحياة» انقسامات إضافية عبر آراء الشباب الذين التقتهم. فالكل متمسك برأيه وغير مستعد لأن يحيد عنه. عبدالله الشمري شاب كويتي يدعو للمشاركة ويقول: «الأزمه تحتاج إلى تفكير منطقي، لو قاطعت هل سنحل مشاكلنا في الكويت؟ لا الانتخابات ستُجرى بي أو من دوني، إذاً لماذا أقاطع؟». في المقابل يرد يوسف المطيري: «أخالفك الرأي. أنا سأقاطع الانتخابات لأني أرفض وجود مجلس أمة للديكور فقط». أماع عائشة العجمي فتسأل وتجيب نفسها: «لماذا أقاطع؟ لأني أرفض تحديد ملامح المجلس مسبقاً»، ويزيد عليها عبدالرحمن الخالد: «... ومن أجل تصحيح المسار المنحرف». مها الراشد شابة أخرى ستشارك في الانتخابات «لأن المقاطعة لا تبني وطناً»، وتوافقها الرأي إقبال علي التي قررت التصويت «لمن تراه أهلاً لصوتها»: «لن ترهبني التبعية العمياء للمقاطعة».