يزور وزير الخارجية التركي داود أوغلو الجزائر غداً في زيارة ليوم واحد للقاء مسؤولين جزائريين أملاً بطي «أزمة صامتة» بين البلدين تسبب بها عدم توافق الحكومتين على الموقف من ثورات «الربيع العربي» خصوصاً في ليبيا. وقال مصدر جزائري ل «الحياة» إن ملفات «الخلاف» باتت كثيرة مع أنقرة، مشيراً إلى شكوك جزائرية في أن الحكومة التركية أرادت لعب دور داعم لأحزاب مرتبطة بتيار «الإخوان المسلمين» في الانتخابية التشريعية الأخيرة. وستكون زيارة أوغلو للجزائر الأولى من نوعها لمسؤول تركي رفيع منذ سنوات. وبعدما كانت العلاقات الجزائرية مع أنقرة محل تباه في الأوساط الرسمية، جاء ملف الثورات العربية ليكشف عن خلافات عميقة في سياسات البلدين. وأعاب سياسيون جزائريون مرتبطون بالموقف الرسمي على أنقرة دعمها لخيارات «التدخل» في الشؤون الداخلية لبعض بلدان الربيع العربي. وبلغ الخلاف أوجه خلال الثورة الليبية، حين أبدت الجزائر تحفظات كبيرة على تدخل قوات حلف شمال الأطلسي، في وقت وقفت تركيا بقوة إلى جانب هذا التدخل ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافي. ولم يُعلن بعد إن كان أوغلو سيلتقي الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، لكن زيارته في النهاية تهدف إلى إعادة الدفء للعلاقات الثنائية بين البلدين والتي بدأت تتخطى إطارها السياسي إلى تراجع في التمثيل التركي في السوق الجزائرية. وفي وقت لم يجهر أي من البلدين في شكل رسمي بوجود تباعد في وجهات النظر، إلا أن أصواتاً في داخل الحكومة الجزائرية تعيب على أنقرة «دعمها» لأحزاب قريبة من «الإخوان المسلمين». وخسرت هذه الأحزاب التي كانت تتوقع فوزاً كبيراً في الانتخابات الجزائرية الأخيرة، في وجه حزب جبهة التحرير الوطني. وفجّرت حادثة حصلت مع السفير التركي السابق هذه القضية التي اعتبرتها الحكومة الجزائرية «تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية». وكان السفير التركي قد طلب الكلمة في مؤتمر إعلامي عقده رئيس وفد الملاحظين الأوروبيين للانتخابات التشريعية التي جرت في أيار (مايو) الماضي، سائلاً عن «النسبة التي حصل عليها كل حزب وعدد الأصوات التي عادت إليه بدقة». وقوبل ذلك التدخل باحتجاج جزائري اعتبر موقف السفير التركي «محاولة لدعم احتجاجات» قامت بها ثلاثة أحزاب إسلامية مرتبطة ب «الإخوان المسلمين» على نتائج التشريعيات. والأحزاب المعنية متحالفة في إطار «تكتل الجزائر الخضراء» وهي حركة مجتمع السلم وحركة النهضة وحركة الإصلاح الوطني، وقياداتها تقيم علاقات جيدة مع حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم في تركيا. وعكست مواقف الوزير الأول السابق، أحمد أويحيى، ولو أنها جاءت في سياقها الحزبي (كونه يتزعم التجمع الوطني الديموقراطي) ما لا تجهر به الحكومة الجزائرية رسمياً. إذ ظل أويحيى ينتقد سياسات الحكومة التركية في دعم خيارات تسليح الثوار الليبيين. وزاد أويحيى من انتقاداته عندما طالب رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان بعدم إقحام الجزائر في الجدل القائم بين بلاده وفرنسا حول «مجازر الأرمن»، وقال أويحيى حينها إن «الجزائر لا تنسى دعم تركيا لقوات حلف شمال الأطلسي ضد الثورة الجزائرية». وفي الجهة المقابلة، تترقب الحكومة الجزائرية دعماً من الأتراك في ملف الساحل الأفريقي. وتعتقد الجزائر أن بإمكان تركيا لعب دور في «تليين» الموقف الدولي من خيارات التدخل العسكري في شمال مالي.