هاجم أعضاء مجلس الشورى قرار وزارة العمل، القاضي برفع كلفة العمالة الوافدة في القطاع الخاص ب200 ريال شهرياً على كل عامل، واعتبروا أنه سيخلق بطالة أجنبية، ويسبب خسائر فادحة، فضلاً على أنه يناقض برنامج «نطاقات»، لافتين إلى أنه يعد جباية للأموال العامة المتضرر منها المستهلك النهائي، وأنه لم يؤخذ رأي المجلس فيه، ما حدا بأحدهم إلى المطالبة باستقالة وزير العمل المهندس عادل فقيه، لأن القرارات العشوائية أثبتت عدم نجاحه في الوزارة بحسب قوله. وأكد العضو عبدالوهاب آل مجثل أن هذا القرار من ضمن القرارات المتخبطة وغير المدروسة أو المنطقية، وأنه لن يؤثر في العمالة غير الشرعية، التي تصل بحسب إحصاءات غير معلنة ومثبتة إلى نحو خمسة ملايين عامل، ولفت إلى أن العمالة في العقود الحكومية ستأخذ هذه المبالغ المفروضة من العقود الجديدة، ليتحقق المثل الشعبي «كأنك يا أبو زيد ما غزيت»، وقال: «أستغرب تنفيذ هذا القرار على القطاع الخاص من دون تفصيل بين أنواع القطاعات، فأنا عندي 500 عامل نظافة لن أستطيع أن أحضر عمالة سعودية في مؤسستي، ولن أستطيع أن أجاري الشركات الكبيرة، التي تأخذ عقوداً حكومية بالملايين ولن تضرها الزيادة، وبناء على مثل هذا القرار إما أن أتحمل خسائر فادحة سنوياً أو أغلق مؤسستي». وأضاف: «فرض الرسوم على المواطنين لابد أن يمر على مجلس الشورى، وهذا لم يحصل، فكيف لوزارة العمل أن تسن مثل هذا القرار الذي يمس حياة المستهلكين في المجتمع ككل، من دون استشارة أهل الشورى فيه، وأنه لن يقلص البطالة، قياساً على القرارات والتخبطات السابقة للوزارة، التي أثبتت فشلها في السيطرة على السوق السوداء للعاملات المنزلية ومتابعة ومراقبة العمالة السائبة، والفشل في تطبيق السعودة في الوظائف التي ترقى إلى طموح المواطن، وفي تنفيذ الأمر الملكي لبرنامج «حافز» بما يحقق الطموحات من البرنامج، لترتفع الأسعار في الخدمات والسلع بشكل كبير، نظراً إلى ضغط الوزارة على التجار بقرارات مفاجئة في ظل غياب الرقابة على الأسعار، مما أدى إلى خسائر ألحقتها الوزارة للمال العام، وبناء عليه أطالب باستقالة وزير العمل لأنه غير قادر على إدارة الوزارة بشكل احترافي». من جانبه، ذكر العضو الدكتور مشعل آل العلي أن المشكلة في آلية تطبيق بهذه الطريقة، إذ إنه يجب أن يقتصر على الشركات الكبيرة، التي لا تتجاوز أعدادها أصابع اليد، والعمالة الأجنبية فيها ما بين 500 إلى 1000 عامل، لأنها السبب الرئيسي في أعداد العمالة الهائلة وغير الشرعية في البلد، مشيراً إلى أنه على وزارة العمل قبل فرض الرسوم التنسيق مع الجهات المعنية في مثل هذه القرارات، التي ستؤدي إلى تضخم في الأسعار. وأضاف أنه مع فكرة رفع سعر العمالة الأجنبية، وضد التطبيق بهذا الشكل العشوائي، وأن سبب الغضب العارم هو أن وزارة العمل لم تفصل في تطبيق القرار، وقال: «يجب على رجال الأعمال خصوصاً أصحاب الشركات الكبيرة أن يتقبلوا هذا القرار، باعتباره نوعاً من واجبهم تجاه الوطن والمسؤولية الاجتماعية». فيما أشار الدكتور فهد العنزي إلى استحالة أن لا يكون للقرار أثر رجعي مباشر على ارتفاع الأسعار في جميع السلع والخدمات، الذي طاولها التطبيق، لأن رقابة وضبط الأسعار شبه مستحيلة، وأن إيجابيات القرار تكمن في رفع كلفة العامل الأجنبي، الذي من شأنه أن يتيح للسعودي أن يجد الفرصة نظراً إلى تدني رواتب الأول، لافتاً إلى أن هذه الإيجابية مشروطة بألا تضر بالمستهلك النهائي الذي سيدفع ال200 ريال في نهاية الأمر، وأن فرض الرسوم لابد أن يكون بوجود نظام، والنظام من اختصاص مجلس الوزراء، وأن القرار يعد مخالفة إذا فرض من وزارة العمل من دون قرار من مجلس الوزراء، إذ يحق للمتضررين التظلم بشأنه ورفض تنفيذ التطبيق. ولفت العنزي إلى أن المجلس يستقبل العرائض الإنسانية ويتبنى القضايا التي تشغل بال المواطنين وتمثل قضية رأي عام، ولكن لن تتم دراسته إلا عندما يطالب أحد الأعضاء بذلك عبر آلية عمل المجلس، وهي إحالة الموضوع من المقام السامي أو من لجنة الحقوق والعرائض، التي تتيح لأي مواطن بصفته الشخصية أن يتقدم بها للمجلس أو عن طريق المادة 23 من نظام الحكم كمقترح نظام، مشيراً إلى أن هذه القضية ممكن أن تصل للمجلس كمقترح إذا طالب العضو بذلك، وعليه يجب أن يكون أي رسم مفروض من خلال نظام مدروس وواضح وصريح وإلا أصبح غير نظامي. من جهته، ذكر العضو المهندس عبدالمحسن الزكري أنه يطالب بإلغاء القرار تماماً، لأنه يتعارض مع «نطاقات»، الذي يطالب القطاع الخاص بنسبة 25 في المئة من السعودة تقريباً، لتقفز النسبة إلى الضعف من دون سابق إنذار، وقال: «الوزارة لن تحل مشكلة البطالة بهذه الطريقة، وإنما هي «جباية» للأموال، وكان يجب أن يدرس مع الفعاليات الاقتصادية ومجلس الشورى، لأنه يصعب أن يفرض رسم معين من دون دراسات واضحة من جميع القطاعات المعنية، والفعاليات الاقتصادية في المملكة ليست معزولة عن القرار الحكومي، الذي يعد جزءاً من أي قرار يمس المواطن». وأضاف أنه إذا لم تتجاوب وزارة العمل مع مطالب القطاع الخاص وعرض القرار لمزيد من الدراسة، ومن ضمنها عرضه على مجلس الشورى، فإن ذلك سيضر بالاقتصاد حتماً، وقال: «إن المصيبة ستكون أكبر على المنشآت الصغيرة والمتوسطة، والتي يستحيل على أصحابها توفير النسبة المفروضة لتدني نوعية المهن فيها، وإن لم يستطع أصحاب العمل توفير نسبة السعودة المطلوبة فسترفع أسعار سلعها وخدماتها بلا أدنى شك»، وزاد: «في تصوري أن الحكومة ستتراجع عن هذا القرار إذا كان في وزارة العمل رجل رشيد، وهذا ما لمسناه عندما أثرنا الموضوع في إحدى جلسات المجلس، ليظهر أن معظم الأعضاء أجمعوا على أنه قرار متعجل وغير مدروس ويجب درسه في مجلس الشورى».