يؤكد الحقيل في ثنايا كتابه «الرحلة إلى اليابان» والصادر عن مكتبة التوبة، أن أدب الرحلات «استأثر باهتمام كثير من طبقات مثقفي العالم قديماً وحديثاً، وعني به أعلام بارزون عبر مراحل التاريخ، وما زالت الرحلات إلى يومنا هذا مصدراً للتعرف على أحوال الأمم وثقافات الشعوب. ولقد زرت الكثير من البلدان في الشرق والغرب». أما عن هدفه من رحلته إلى اليابان وسبب تدوين ذلك، فيذكر الحقيل أن ذلك كان بسبب «المشاركة في أعمال ندوة عن العلاقات الثقافية السعودية، نظمتها ودعت إليها جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية». مضيفاً: «كانت تحدثني نفسي بزيارة هذه البلاد منذ أمد ولم تتحقق هذه الأمنية ولم يصدق العزم إلا في هذا الوقت من عام 1422ه». ويروي الحقيل قصة الاتجاه إلى الشرق صوب صلاة الفجر، قائلاً: «بعد عبور المحيط الهادي بدأ انبثاق شعاع الفجر ونهضنا لتأدية الصلاة، وأخذت أشاهد هذا الكون العظيم من ثقب نافذة الطائرة الذي هو من آيات الله». ويتابع: «كنت أتذكر المغامرين من الرحالة كابن جبير وابن بطوطة وابن فضلان والسيرافي وماركو بولو وفاسكو داجاما، ثم شاهدت الجزر الفيليبينية، التي تضم سبعة آلاف جزيرة، وبينما أنا كذلك أضيئت الإشارة الحمراء إشارة إلى عاصفة على المحيط الهندي»، متحدثاً عن هبوطه في مانيلا ثم استمرار الرحلة إلى طوكيو. ويناقش الحقيل الحديث المروي في أن «السفر قطعة من العذاب» بقوله: «قيل إن السفر قطعة من العذاب، ويروى عن الحجاج قوله: لولا فرحة الإياب لما عذبت أعدائي إلا بالسفر.. السفر والسقم والقتال ثلاثة متقاربة. فالسفر سفينة الأذى، والسقم حريق الجسد، والقتال منبت المنايا، والسفر اغتنام لولا أنه اغتمام، والغربة دربة لولا أنها كربة». ويروي الحقيل شهادته عن تاريخ الثقافة اليابانية واصفاً إياه بأنه يتميز بحب الثقافة والابتكار، مضيفاً: «يدرك المرء أن هذه البلاد أخرجت خلال تاريخها الطويل ثقافة وطنية جيدة تعهدوها من داخل أنفسهم، ومن القارة الآسيوية ومن الغرب، وفقاً لأذواقهم وأدمجوها كعناصر جوهرية للثقافة، مع تنوع متزايد في التطور الثقافي والالتقاء مع العالم الخارجي، ويحتاج المرء إلى وقت ودراسة لفهم الثقافة اليابانية والمركز الذي تحتله في التدفق المستمر لتاريخ الثقافة العالمي» ويصف اليابانيين بأنهم يتسمون «بالإحساس بالجمال، وهو دليل وعي على الذوق الرفيع وحب الطبيعة مع البساطة الأنيقة، ويتجلى ذلك في ما يشاهده المرء في المعارض والمحال التجارية والمراكز الثقافية». كما يتحدث عن القفزة الصناعية الكبرى في اليابان: «حدثني أحد الأساتذة اليابانيين قائلاً: عندما خرجت اليابان من عزلتها كانت في مجال التكنولوجيا وراء الغرب بمسافة بعيدة، وكان الاتصال بالغرب، وكان لا بد من تبني سياسة تطوير تتضمن جهوداً لإدخال التكنولوجيا، وكان إدخالها يستلزم تنظيماً اجتماعياً ووعياً قادراً على استيعابها، ولذا نفخر بأننا أعلى معدل في العالم للملتحقين بالمدارس والجامعات». ويباهي الحقيل باليابان بقوله: «الشعب الياباني بهر العالم بقوته الاقتصادية، وتوسع رأسياً وأفقياً بتصدير منتجاته لكل دولة في العالم، على رغم أنه شعب دمر كلياً في الحرب العالمية الثانية، واليوم أصبح دخل الفرد فيه أعلى دخل في العالم، فهو يعيش على تحديات مستمرة من أجل حياة أفضل، ويستمر في النمو والتطور والتغيير، فشاهدنا المصانع والمعامل، وشعارها: «منتج عالي الجودة يناسب كل الأذواق» وهكذا فإن أهم عنصر في الإنتاج هو بناء الإنسان ما دام محروماً من الموارد الطبيعية، وهكذا أصبحت التنمية في الإنسان. إنه شعب يعيش على أرض هي جزء صغيرة تمثل 4 في المئة من مساحة الولاياتالمتحدة الأميركية، وهي أرض بركانية، ومع ذلك لديه فائض مالي ببلايين الدولارات، بينما الدول التي فيها موارد طبيعية ومساحتها أكبر من اليابان تعاني عجزاً كبيراً في ميزان المدفوعات يصل إلى بلايين الدولارات، مع أن موارد اليابان الطبيعية شبه معدومة، واليابان تستورد 99 في المئة من الزيت الخام، و99 في المئة من خام الحديد. شعب يتميز بالتجانس، وله فلسفة مبنية على العمل وقيمة الادخار، ويرفض أنماط الاستهلاك الترفي».