طالب اقتصاديون ببرنامج متكامل لتحقيق التنمية في المناطق الأقل نمواً، خصوصاً أن الاستثمار في تلك المناطق يحقق التنمية المتوازنة في كل مناطق المملكة، مشيرين إلى أن مبادرة صندوق التنمية الصناعية السعودي برفع القروض للمشاريع الصناعية في المناطق الأقل نمواً إلى 75 في المئة مع زيادة مدة استيفاء القرض إلى 20 سنة سيشجع في تطوير تلك المناطق، ويوفر مزيداً من فرض العمل. وأوضح هؤلاء في حديثهم إلى «الحياة» أن مضاعفة رأسمال الصندوق من 20 إلى 40 بليون ريال للمشاريع الصناعية في المناطق الأقل نمواً كالقرى والمحافظات الصغيرة سيسهم في تنمية البنية التحتية وتوفير الخدمات وإقامة المشاريع الاستثمارية وخلق فرص عمل، وتحويل تلك المناطق إلى مناطق جاذبة بعد أن كانت مناطق طرد لسكانها. وأكد رئيس دار الدراسات الاقتصادية الدكتور عبدالعزيز بن إسماعيل داغستاني، أن التركيز سابقاً على ما سميّ بالثالوث التنموي (الرياضوجدة والظهران) أدى إلى إيجاد مناطق أقل نمواً، وكان خادم الحرمين الشريفين سبّاقاً إلى التنبيه إلى ذلك عندما زار منطقة جازان وأشار إلى أنها لم تحظ بنصيبها من التنمية، لذلك كان من الضروري إعادة هيكلة الإنفاق الحكومي التنموي بحيث توزع المشاريع التنموية على كل مناطق المملكة بهدف تحقيق التوازن التنموي. وقال داغستاني: «دعم الاستثمار في المناطق الأقل نمواً من شأنه أن يحول تلك المناطق إلى مناطق جذب بعد أن أصبحت مناطق طرد، ويتضح ذلك في إنشاء الجامعات الجديدة، وتأسيس المدن الاقتصادية مثل مدينة جازان الاقتصادية، وقد أبرمت أول من أمس عقوداً لمصفاة جازان بكلفة 26 بليون ريال، كما تدرس وزارة البترول مشاريع بكلفة 18 بليون ريال. وأشار إلى أن مثل هذا التوجه نحو المناطق الأقل نمواً سيمكن من تحقيق نقلة نوعية للاقتصاد السعودي ويزيد من القيمة المضافة، موضحاً أن فرص العمل ترتبط في شكل مباشر بالقدرة على خلق الوظائف. أما الخبير الاقتصادي المهندس وليد باحمدان، فاعتبر أن مبادرة صندوق التنمية الصناعية مشجعة لكثير من رجال الأعمال، ولكن يجب أن تكون ضمن منظومة كاملة وبرنامج متكامل لتشجيع الاستثمار في الأماكن الأقل نمواً. وشدد باحمدان على أهمية إسهام المصارف في تقديم القروض لدعم المشاريع الصناعية والتجارية في الأماكن الأقل نمواً، إضافة إلى تعاون وزارة التجارة والصناعة ووزارة العمل وبقية الوزارات مع المستثمرين بهدف تشجيعهم على الاستثمار في الأماكن الأقل نمواً. ولفت إلى أن من المهم مراعاة أن الأماكن الأقل نمواً غالباً تكون بعيدة والبنية التحتية فيها ليست مكتملة والخدمات قليلة، معتبراً أن مبادرة الصندوق مشجعة، ولكنها لا تكفي لوحدها، فلا بد أن تكون ضمن منظومة كاملة، لافتاً إلى أن هناك توجه حكومي لضخ الكثير من الاستثمارات الحكومية في الأماكن الأقل نمواً، ومن ذلك ما رأينا من ظهور الكثير من الجامعات مثل جامعة الجوف وجامعة تبوك وجامعات مختلفة ظهرت في أماكن مختلفة في المملكة، ما يسهم في دعم المناطق الأقل نمواً، فإنشاء جامعات يعني وجود طلبة ومدرسين، وهذا يحتاج إلى إنشاء سكن ووضع برامج ومشاريع تجارية وصناعية وتنفيذها، غير أن كل ذلك يتطلب أن تتم مبادرة الصندوق الصناعي ضمن برنامج كامل من الجوانب كافة. وأوضح الباحث الاقتصادي فيصل المحارب، أن الاستثمار في المناطق الأقل نمواً أو المناطق النائية له أهمية كبيرة من الناحية الاجتماعية والاقتصادية لسكان هذه المناطق، إذ ستؤدي المشاريع الاستثمارية إلى تحسين مستوى الخدمات المقدمة إلى سكان هذه المناطق، ما سيسهم في تحسين حياتهم المعيشية وحصولهم على مزيد من الرفاهية الاجتماعية. وقال المحارب: «إن هذه المشاريع ستوفر العديد من الوظائف لسكان هذه المناطق ما يسهم في خفض نسبة البطالة التي أخذت بالارتفاع في السنوات الأخيرة، كما أن الاستثمار في المناطق الأقل نمواً سيحولها من مناطق طاردة للسكان إلى مناطق جاذبة لما توفره من خدمات ووظائف، وبالتالي إعادة توزيع السكان على مناطق عدة وعدم تركزهم في منطقة واحدة». وأشار المحارب إلى أن الاستثمار في المناطق الأقل نمواً وتحولها إلى مدن سيمكن ساكنيها من الاندماج في المجتمع الحضري المتطور بسرعة أكبر، وسيكون بمقدورهم التعامل مع التقنية الحديثة في شكل أكبر، مؤكداً أن التأثير الاقتصادي للاستثمار في المناطق الأقل نمواً سيكون كبيراً جداً، إذ سيؤدي إلى زيادة مؤثره في قوة العمل وهو ما ينعكس على زيادة الإنتاج. وطالب رجال الأعمال بتغليب الحس الوطني ومساعدة الحكومة في تطوير المناطق النائية، بما يخدم مصلحة البلاد والسكان.