استمر الحوثيون في تصعيد الموقف في صنعاء ومحيطها غداة إقدام الأمن على محاولة فاشلة لتفكيك مخيماتهم التي تقطع شارع المطار وتحاصر وزارات الداخلية والاتصالات والكهرباء والبريد، وأغلقوا أمس منافذ العاصمة أمام حركة الشاحنات والمركبات الحكومية. وأقالت وزارة الداخلية قائد قوات الأمن الخاصة اللواء فضل القوسي على خلفية عدم نجاح مهمة قوات مكافحة الشغب في فض اعتصام الحوثيين أول من أمس، وللتهدئة معهم بعد سقوط قتيلين وإصابة أكثر من أربعين شخصاً في العملية التي استخدمت فيها خراطيم الماء وقنابل الغاز. وعينت الوزارة اللواء محمد منصور الغدراء خلفاً للقوسي فيما استقدمت تعزيزات أمنية كثيفة مدعومة بوحدات من الجيش لتطويق شارع المطار والأحياء المحيطة به التي ينتشر فيها المئات من المسلحين الحوثيين. وأغلقت القوات المنافذ المؤدية إلى ساحة الاعتصام وشكلت سياجاً لحماية بوابة وزارة الداخلية ومحيطها، كما شددت الحماية وسط العاصمة على مبنى رئاسة الوزراء وسط توتر غير مسبوق تشهده الأحياء الشمالية للعاصمة. وحملت جماعة الحوثي السلطات مسؤولية مهاجمة مخيمات الاعتصام في شارع المطار واعتبرته «عدواناً» على المحتجين، وهددت في بيان بحق الدفاع عن النفس، في إشارة إلى إمكان لجوئها إلى تفجير الوضع والدخول في مواجهات مباشرة مع قوات الأمن. وقالت «إن السلطة مطالبة الآن أكثر من أي وقت مضى بأن تستجيب فوراً وبشكل كامل لمطالب الشعب الذي خرج من أجلها ثائراً» كما دعت عناصر الجيش والأمن إلى الانخراط في الاحتجاجات وعدم تنفيذ أوامر القادة للاصطدام بالمحتجين. وتتجه الأوضاع إلى مزيد من التصعيد في ظل فشل محاولات التوصل إلى اتفاق مع الحوثيين يلبي مطالبهم في إسقاط الحكومة وإلغاء قرار زيادة أسعار المشتقات النفطية الأخير، فيما يترقب أنصارهم خطاباً لزعيمهم عبدالملك الحوثي ليل الإثنين من المتوقع أن يحمل نبرة تصعيدية تدعو إلى مواصلة الاحتجاجات بطريقة تشل العاصمة وتعطل الحركة في سياق ما تسميه الجماعة ب «أسبوع الحسم». ويرابط آلاف المسلحين الحوثيين منذ نحو ثلاثة أسابيع في مخيمات على مداخل صنعاء من الجهات كافة في انتظار»لحظة الصفر» وسط مخاوف من انسداد أفق الحلول السلمية وصولاً إلى المواجهة المحتومة والشاملة مع الجماعة التي تسيطر على صعدة وعمران في الشمال وتخوض معارك ضارية للسيطرة على محافظة الجوف. وفي السياق، أفادت مصادر قبلية وأمنية ل «الحياة»، ب «أن الطيران الحربي قصف أمس لليوم الثاني على التوالي مواقع للحوثيين في محافظة الجوف وسط تصاعد للقتال بين مسلحي الجماعة وقوات حكومية يدعمها مسلحو القبائل الموالين لحزب التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلمون). وقالت المصادر إن «عشرات القتلى والجرحى سقطوا في الأيام الثلاثة الأخيرة في مديريتي الغيل ومجزر خلال المواجهات التي استخدم فيها المدفعية وصواريخ «الكاتيوشا» والدبابات في ظل كر وفر بين الجانبين للسيطرة على مواقع استراتيجية تربط بين صنعاء ومأٍرب والجوف. ويمر اليمن بأسوأ اللحظات صعوبة وتعقيداً من بدء المرحلة الانتقالية المستندة إلى اتفاق «المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية» الذي كان أبرم بين نظام الرئيس السابق علي صالح ومعارضيه لإنهاء أزمة 2011، في حين تتزايد المخاوف من انهيار العملية الانتقالية برمتها إذا تحول التصعيد الحوثي إلى مواجهات مسلحة لإسقاط صنعاء.