الحكمة السعودية الصينية تحول الصراع إلى سلام    الابتسام يتغلّب على النصر ويتصدّر دوري ممتاز الطائرة    رحلة قراءة خاصة براعي غنم 2/2    دخول مكة المكرمة محطة الوحدة الكبرى    سياسات أقطاب «النظام العالمي» تجاه المنطقة.. !    «الجودة» في عصر التقنيات المتقدمة !    وزير الرياضة يشهد ختام منافسات الجولة النهائية للجياد العربية    انطلاق أولى سباقات ميدان فروسية الجبيل للموسم الحالي    إعلان برنامج انتخابات الاتحادات الرياضية    ألوان الأرصفة ودلالاتها    الارتقاء بالتعاون السعودي - الفرنسي في العُلا لمستويات أعلى    وطنٌ ينهمر فينا    المرتزق ليس له محل من الإعراب    ختام مزاد الصقور السعودي    الإعلان عن أسماء الفنانين العالميين في «نور الرياض» ومشاركة «18» سعوديًا    حكم بسجن فتوح لاعب الزمالك عاما واحدا في قضية القتل الخطأ    زيلينسكي يفضل الحلول الدبلوماسية.. ومجموعة السبع تهاجم روسيا    أسعار اليوريا العالمية تتباين في أعقاب الركود وتأمين المخزون في أميركا والهند    إحباط تهريب (32200) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي في جازان    «إنسان».. خمس جوائز وتأهل للعالمية    المملكة تقدم مساعدات إنسانية وإغاثية ب133 مليار دولار ل170 دولة    تحقيق يكشف الدهاء الروسي في أوكرانيا    أمير تبوك يطمئن على صحة الضيوفي    ضبط 20124 مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل    التواصل الحضاري ينظم ملتقى التسامح السنوي    "ديوان المظالم" يقيم ورشة عمل لبوابة الجهات الحكومية    ختام مسابقة القرآن والسنة في غانا    خطيب المسجد الحرام: احذروا أن تقع ألسنتكم في القيل والقال    إمام المسجد النبوي: استبصار أسباب الفلاح يؤدي إلى السعادة    المؤتمر الوزاري لمقاومة مضادات الميكروبات يتعهد بتحقيق أهدافه    اتحاد القدم يحصل على العضوية الذهبية في ميثاق الاتحاد الآسيوي لكرة القدم للواعدين    الاخضر يدشن تدريباته في جاكرتا لمواجهة اندونيسيا    تدريبات النصر: بيولي يستدعي 12 لاعبًا شابًا    74 تشكيليا يؤصلون تراث وحضارة النخلة    توقيع مذكّرة تفاهم بين السعودية وتونس لتشجيع الاستثمار المباشر    المملكة تتسلم رسمياً استضافة منتدى الأمم المتحدة العالمي للبيانات 2026 في الرياض    ضبط يمني في الدمام سكب الأسيد على آخر وطعنه حتى الموت    الزفير يكشف سرطان الرئة    تطوير الطباعة ثلاثية الأبعاد لعلاج القلب    القهوة سريعة الذوبان تهدد بالسرطان    مسلح بسكين يحتجز عمالاً داخل مطعم في باريس    قوافل إغاثية سعودية جديدة تصل غزة    أمير الباحة يكلف " العضيلة" محافظاً لمحافظة الحجرة    الأحساء وجهة سياحية ب5 مواقع مميزة    «هلال نجران» ينفذ فرضية الإصابات الخطيرة    خطأ في قائمة بولندا يحرم شفيدرسكي من المشاركة أمام البرتغال بدوري الأمم    حسن آل الشيخ يعطّر «قيصرية الكتاب» بإنجازاته الوطنيّة    المواصفات السعودية تنظم غدا المؤتمر الوطني التاسع للجودة    تطبيق الدوام الشتوي للمدارس في المناطق بدءا من الغد    "السوق المالية" و"العقار " توقعان مذكرة تفاهم لتنظيم المساهمات العقارية    «سلمان للإغاثة» يوزّع 175 ألف ربطة خبز في شمال لبنان خلال أسبوع    تركيا.. طبيب «مزيف» يحول سيارة متنقلة ل«بوتوكس وفيلر» !    مركز عتود في الدرب يستعد لاستقبال زوار موسم جازان الشتوي    الأمير محمد بن سلمان.. رؤية شاملة لبناء دولة حديثة    عبدالله بن بندر يبحث الاهتمامات المشتركة مع وزير الدفاع البريطاني    خالد بن سلمان يستقبل وزير الدفاع البريطاني    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    البصيلي يلتقي منسوبي مراكز وادارات الدفاع المدني بمنطقة عسير"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العبادي: الدين أجل من استغلاله في أغراض «سياسية مشبوهة»
نشر في الحياة يوم 07 - 08 - 2009

اعتبر الأمين العام لمجمع الفقه الدولي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي الدكتور عبدالسلام العبادي أن ظاهرة الفتاوى العابرة للقارات لا يمكن السيطرة عليها، «لأن العلم لا وطن له، وغالباً ما تكون الفتوى عامة وليست حكراً على بلد معين». لكنه أعلن صراحة في حواره مع «الحياة» رفض المؤسسة التي يقودها «استغلال الفتوى بخاصة والدين بعامة في خدمة أغراض سياسية معينة مشبوهة ومرفوضة».
ونفى العبادي أن يكون بذلك يريد إقصاء الدين أو الفتوى عن الشأن السياسي بالجملة، وإنما فسر ما أراد بالقول: «نحن لا نقول أن الإسلام لا يتصدى لتنظيم الجوانب السياسية بل يتصدى لها ويتعامل معها، لكن الذي نقوله هو: لا يجوز استغلال الدين لأغراض سياسية، بمعنى أن تكون لديك مصالح ضيقة شخصية أو حزبية تسعى لها فلا يجوز أن تأتي بالدين مطية لتحقيق هذه الأهداف والمصالح، فتقوم باستغلال الدين لتحقيق مصالحك الخاصة، لأن هذا خطر للغاية وتلاعب في دين الله». في ما يأتي نص الحلقة الثانية (الأخيرة) من حواره.
ما رؤيتك لظاهرة تصدير الفتوى بين الدول؟
- العلم ليس له وطن، فالأصل أن يكون بحثاً عن الحقيقة، والفتوى والحكم فيها ليس حكراً على بلد معين، فلا بد من أن يعلن في الواقع وللجميع.
لكن لا بد من التنبيه إلى أن المقصود من هذا التعبير هو محاولة فرض فتاوى ذات أبعاد سياسية أو حزبية أو بحسب أهواء خاصة، ومحاولة طرحها على أنها حكم الله ونقلها للمجتمع الإنساني على هذا الأساس، فيصبح الأمر من قبيل استغلال الفتوى بخاصة والدين بعامة في خدمة أغراض سياسية معينة مشبوهة ومرفوضة.
نحن لا نقول أن الإسلام لا يتصدى لتنظيم الجوانب السياسية بل يتصدى لها ويتعامل معها، لكن الذي نقوله هو: لا يجوز استغلال الدين لأغراض سياسية، بمعنى أن تكون لديك مصالح ضيقة شخصية أو حزبية تسعى لها فلا يجوز أن تأتي بالدين مطية لتحقيق هذه الأهداف والمصالح، فتقوم باستغلال الدين لتحقيق مصالحك الخاصة، لأن هذا خطر للغاية وتلاعب في دين الله.
وفرض الفتوى وتصديرها بهذا المعنى لا يجوز، أما إذا قصد بتصدير الفتوى أن يكون أحد العلماء المميزين في أحد البلاد قد بيّن حكماً شرعياً وجاء بأدلة قوية فلا يجوز أن نقول أنه خاص بهذا البلد، فلا بد من أن نعممه، فكتمان العلم لا يجوز.
في بلد إسلامي عدد من المجمعات الإسلامية تصدر فتاوى مختلفة، هناك من ينادي بمرجعية فقهية موحدة للأمة؟
- لا يمكن توحيد جهة الفتوى في الأمة في كل القضايا، فالقضايا كثيرة وجهات الفتوى يجب أن تكون متعددة، ولكن الذي يجب أن تتخذ الإجراءات للحد منه هو تصدي غير العلماء لهذه القضايا، فهم لا تتوافر فيهم الشروط المطلوبة للإفتاء، والعمل جار على احترام رأي مجمع الفقه الإسلامي الدولي باعتباره مرجعية فقهية للأمة، وجميع الفتاوى التي صدرت عن المجمع تلقتها الأمة بالقبول.
هناك من يقول أن تدخل السياسة والسياسيين بالإيحاء وبطريق غير مباشر أفرز فتاوى سلطانية؟
- لا يجوز استغلال الفتوى لأغراض سياسية سواء على مستوى دول أم أحزاب أم أشخاص، فعندما يفصل الرأي من أجل خدمة أغراض شخصية لا يجوز ويعتبر استغلالاً للدين، وهذا لا يعني أن الإسلام لا يهتم بالقضايا السياسية، بل يهتم ولديه أنظمة تفصيلية في موضوع الإدارة والحكم، فيوجد فرق كبير بين استغلال الدين لأغراض سياسية وقول رأي الدين فيها.
لاحظنا في موضوع العلاقة مع العدو اليهودي كيف أن علماءنا أفتوا بوجوب النصرة، هذه قضايا سياسية لكن المهم أن لا تستغل هذه الفتاوى لأغراض سياسية، فالعالِم يجب أن يكون أميناً وصادقاً، يُبيّن الحكم الشرعي أي كان مدار هذا الحكم، والقاعدة واضحة في الحديث الشريف، قال صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله، قال: لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم).
ثم لدينا مشكلة النفاق للجماهير فيجب أن يقال الحكم الصحيح حتى ولو كان فيه عدم رضى لأي طرف، لكن شريطة أن يكون بيانك للحكم الشرعي بالحكمة والموعظة الحسنة، فعندما كلف الله موسى وأخاه هارون عليهما السلام الذهاب لفرعون، وهو الذي ادعى الالوهية، قال لهما: (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى)، فمنهج الداعية المسلم منهج قائم على البيان الأصيل الأمين الصادق، الذي يهدف للوصول للمعرفة الصحيحة من دون عمليات إثارة وسباب وإساءة وتشهير.
هل يمكن الرجوع عن الفتوى في حال رفع الحرج والمسبب؟
- إذا تبين الدليل الشرعي يمكن الرجوع عن الفتوى، إذا غفل العالم عن رأي أو دليل معين ووجد أن هذا الدليل حاسم وجازم وكان مخالفاً لرأيه السابق، عليه أن يرجع فالرجوع للحق خير من التمادي في الخطأ.
والقضية ليست قضية هوى على حسب الأجواء، لأن ذلك يوقع الناس في فوضى، ومن هنا قال العلماء: إذا صح الحديث فهو مذهبي، إذا وجدتم الدليل فاضربوا برأيي عرض الحائط.
لماذا لا تترجم بحوث المجمع إلى لغات الأقليات المسلمة ليستفيد منها المسلمون هناك؟
- لاحظنا هذه النقطة في المجمع ولذلك توسعنا الآن في الترجمة للغات أخرى، وقد تم ترجمة قرارات المجمع للغات الإسلامية «الأوردية، المالاوية، الفارسية، التركية» والذي لم يتم استكماله نقوم بعمله.
ويهمنا باعتبارنا مجمعاً دولياً أن ننقل ما نصل إليه لجميع اللغات على أوسع نطاق، وبالفعل تم ترجمة القرارات للفرنسية والإنكليزية وحديثاً تمت الترجمة للروسية، ولدينا في خطة التطوير منتدى فكري يبحث في القضايا الفكرية الملحة والتي يكثر الحديث عنها في هذه الأيام، وبالنسبة للبحوث يتم متابعة نقاشها وما يدور حولها ثم طباعتها وترجمتها إلى اللغات الحية واللغات الإسلامية، فنحن نتحدث الآن عن الترجمة إلى 12 لغة وتوزيعها على نطاق واسع، لأن الدين جاء للعالمين وبالتالي لا بد من أن يُنقل ما ينتهي إليه المجمع الدولي للغات الأخرى.
يدرس المجمع الأعلى للشؤون الإسلامية في مصر، طلب السماح بمساجد للنساء فقط يتولين الأذان وإمامة المصليات وخطبة الجمعة، هل هناك موانع تحول دون تطبيق هذه الفكرة؟
- يعتبر المسجد في النظر الإسلامي مكاناً يلتقي فيه المسلمون جميعاً رجالاً ونساء، ولا يمكن أن يقتصر المسجد على النساء في أداء الصلاة، ولكن لا مانع من إيجاد المصليات في أماكن تجمع النساء بحيث تحتوي على اللقاءات النسائية والحوارات وتلقى الدروس، ولكن لا يمكن أن يطلق عليها أو نسميها مساجد.
ويمكن للمرأة أن تؤم فيها النساء وتقيم الصلاة، لكن رفع الأذان كما هو معلوم في تشريعات الإسلام له ضوابط وقواعد شرعية، ويقصد به الدعوة إلى الصلاة، فلا بد من أن يؤديه الرجل، كما أن صلاة الجمعة مفتوحة في المساجد للرجال والنساء، ولا تجب على غير المقيمين، حتى الرجال في السفر ليست عليهم صلاة جمعة، وصلاة الجمعة يقصد بها تجميع المسلمين جميعاً لتكون مؤتمراً أسبوعياً للرجال والنساء، فالمرأة تحضر للمسجد لكن تكون صفوفها بعد صفوف الرجال.
انهيار النظام المالي العالمي الحالي، وضعف التشريعات، والتعامل الربوي من أسباب الأزمة المالية الآن، هل النظام الإسلامي المالي يمكن أن يكون النموذج للإصلاح والإحلال، وهل يمكن «أسلمة» المصارف وسوق المال العالمية وفق الشريعة الإسلامية؟
- نحن نؤمن بأن شريعتنا شريعة كاملة جاءت لتنظيم الواقع الإنساني بكل أبعاده، وبالتالي الموضوع الاقتصادي وأبعاده مغطاة في الشريعة، ولدينا ما يسمى الاقتصاد الإسلامي أو النظام الاقتصادي في الإسلام الذي كتب فيه الكثير من الدراسات، وفي هذا العصر جرى الاهتمام به وأسست له كليات وأقسام متخصصة في الكليات الجامعية، وقامت مراكز بحث في الاقتصاد الإسلامي ومؤسسات مالية على أسس الاقتصاد الإسلامي في التعامل، فهناك بديل إسلامي متكامل في ما يتعلق بالموضوع الاقتصادي، ومجمع الفقه الإسلامي الدولي عبر مسيرته شارك مشاركة مميزة في طرح قواعد الاقتصاد الإسلامي، خصوصاً في ما يتعلق بقطاع العمل المصرفي والبنوك والتمويل والاستثمار والتنمية، ولدينا مجموعة كبيرة من القرارات بهذا الخصوص.
أعلن في وقت سابق عن إنجاز ثلاث وثائق مترابطة كحل لمعالجة الأزمة المالية إلى أين وصلت؟ وماذا يمكن أن يقدم الفكر الاقتصادي الإسلامي في معالجة أبعاد الأزمة المالية الاقتصادية والتخفيف منها؟
- دعونا لاجتماع تشاوري شارك فيه عدد من الجهات المهتمة بعلاج الأزمة الاقتصادية على مستوى عدد من المنظمات الإسلامية وشارك فيه البنك الإسلامي للتنمية ممثلاً في المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، والغرفة الإسلامية للصناعة والتجارة، والمجلس العام لاتحاد البنوك الإسلامية، والممثل فيه أكثر من 150 بنكاً ومصرفاً إسلامياً على مستوى العالم، وشارك أيضاً مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي في جامعة الملك عبدالعزيز، وقسم الاقتصاد في جامعة أم القرى، والهيئة العالمية للاقتصاد والتمويل الإسلامي التابعة لرابطة العالم الإسلامي، وتم اتفاقهم على وضع ثلاث أوراق مستفيضة لهذا الموضوع بأبعاده الثلاثة، من خلال تقديم دراسات مميزة وعميقة قائمة على الاستقصاء والبحث ومخاطبة العالم والمجتمع المعاصر باللغة التي يفهمها.
والأوراق ستناقش ما يمكن أن يقدمه الاقتصاد الإسلامي من توجهات ونصائح للاقتصاد العالمي لتلافي الكثير من السلبيات التي وقع فيها الاقتصاد العالمي، نتيجة إغراقه في تطبيق المبادئ التي يقوم عليها النظام الرأسمالي، وتهتم الأوراق بموضوع نقد إطلاق الحرية للملاك لكي لا تصبح الملكية مستغلة يستبيح المالكون فيها أي سبيل للحصول على المزيد من الأرباح، باتباع أي طريقة أو أسلوب محقق للمصالح من دون ضوابط أو قيود كما يقول الرأسماليون بهذا الخصوص، والإسلام وضع ضوابط بطريقة تحقق مصلحة المالك والمجتمع، وتراعي الموازنة بين المصلحة الفردية والعامة.
وقدم الإسلام صيغاً تفصيلية بديلة عن الممارسات الرأسمالية في مجال التمويل بخاصة استبعاده موضوع الربا والفائدة وأساليب الاحتكار والغش والخداع والاحتيال، واستبعاد كثير من الأساليب التفصيلية في التعامل، مثل بيع الديون وعقود الغرر والعقود الاحتمالية.
فالورقة الأولى ستقدم هذه الأبعاد باعتبارها نصائح للتخفيف من آثار الأزمة الاقتصادية العالمية، لأن الاقتصاد العالمي يؤثر على جميع الدول العربية والإسلامية.
وأخرى تقدم نصائح تفصيلية لاقتصاديات الدول الإسلامية، ومن أهمها التأكيد على استثمار أموالنا بمشاريع نافعة إنتاجية على مستوى الأمة وعلى أساس التكامل الاقتصادي بين المسلمين، وألا تترك الأموال مودعة للحصول فقط على الفوائد، ومن المعروف الخسائر الكبيرة التي حدثت نتيجة ذلك، فلا بد من تحويلها إلى أصول ومشاريع استثمارية تنموية، وهذا يحميها ويحقق الربح الحلال والمفيد لجميع الأطراف، ويتم حل مشكلة البطالة التي تحصل في الدول.
أما الورقة الثالثة فهي تتحدث عن البنوك الإسلامية باعتبارها صيغة تمويل بديلة لتمويل المشاريع، وذلك في إطار بيان قواعد الاقتصاد الإسلامي العامة، والواضح أن هناك اهتماماً عالمياً بتجربة الاقتصاد الإسلامي، وكثير من الاقتصاديين في العالم يدعون إلى الاطلاع على الاقتصاد الإسلامي، وحثت كثير من المؤسسات السياسية في الدول الغربية على التعرف على التجربة الإسلامية بهذا الخصوص، وهذا ما يحملنا مسؤولية كبيرة بأن نقدم باللغة التي يفهمونها «لغة الاقتصاديات المعاصرة»، الموقف الإسلامي ليس فقط من البنوك الإسلامية، إنما في كل قضايا الاقتصاد، بحيث يطرح البديل الإسلامي بشكل متكامل.
والبديل الإسلامي إذا طرح سيستفيد منه الجميع، لأنهم يبحثون عن كل قواعد موضوعية سليمة ومقبولة تحقق الخير للمجتمع الإنساني، وهذا الذي ندعو إليه ونحن لا نقدمها للعالم على أساس أنها دعوة لاتباع الإسلام فقط إنما دعوة لما يحقق الخير والمصلحة للمجتمع الإنساني.
الأوراق قيد الإعداد النهائي، وبعض الجهات أتمت عملها لأنه تم توزيع العمل على الجهات المشاركة، وسيُعقد اجتماع قريب في مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي في جامعة الملك عبدالعزيز، وستحضره جميع الجهات المشاركة والمهتمين بهذا الموضوع لاعتماد هذه الأوراق بصيغتها النهائية، ثم تتم إقامة مؤتمر موسع يحضره العديد من المهتمين ليس فقط في العالم الإسلامي إنما من الدول الأخرى للاطلاع على الحصيلة التي سيكون فيها نفع كبير إن شاء الله تعالى.
ما رأيك في كل من الصيغة المالية الإسلامية الجديدة المبتكرة، التورق والمرابحة والإيجار المنتهي بالتمليك؟
- قرارات مجمع الفقه الإسلامي لبعض الصيغ مستقرة، مثل موضوع المرابحة، وبعضها جديد تم ابتكاره من بعض البنوك وفق قرارات هيئات الرقابة الشرعية فيها مثل موضوع التورق.
ومجمع الفقع الإسلامي سيتصدى لذلك بدراسة مستفيضة جرى الإعداد لها بجهود كبيرة خلال سنة في الدورة المقبلة، وستعقد لبحث عشرة مواضيع، منها موضوع التورق، وكما هو معروف أنه أداة من أدوات التمويل تطرحها بعض البنوك، وقد منع المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي هذه الصيغة وتحفظ عليها، وكنت مشاركاً في اجتماعات المجمع في هذا الخصوص، وهذه الصيغة فيها خلل من الناحية الشرعية، وبالتالي مجمع الفقه الإسلامي الدولي، نظراً لأهمية هذه الصيغة، سيتصدى لها في الدورة المقبلة، ويبين الحكم الشرعي التفصيلي فيها، إضافة إلى ما بينه مجمع الفقه الإسلامي في رابطة العالم الإسلامي.
ونعرف حجم ما يستخدم من صكوك إسلامية على المستوى العالمي، فنحن نتحدث عن مئات البلايين من الصكوك، وموضوع التوريق (التصكيك) يعتبر صيغة محدثة، وفيه تفصيلات كثيرة، ومجمع الفقه الإسلامي الدولي سيتصدى لكل هذه التفصيلات، وتم إصدار قرار في مجمع الفقه الإسلامي الدولي يعود إلى سنة 1988 في صكوك وسندات المقارضة، وهي صيغة متقدمة تقوم على عقد المضاربة في الفقه الإسلامي، تبنتها كثير من الدول الإسلامية، وهي صيغة حقيقية تقدم بديلاً لما يسمى بسندات التنمية الربوية، والآن هناك سندات وصكوك المشاركة، وأخرى سيدرسها مجمع الفقه في دورته المقبلة، وستكون فيها قرارات واضحة قامت على دراسات وبحوث مميزة، إضافة إلى اهتمامنا بالدورة المقبلة بمواضيع أخرى ذات أهمية قصوى في هذا المجال. ومن أهمها موضوع الرقابة الشرعية على البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية، فلا بد من أن نطمئن على مسيرة البنوك الإسلامية، لتكون وفق قواعد الشريعة والجهات الموكل لها ذلك هي جهات الرقابة الشرعية في البنوك، فلا بد من أن يتم الأمر، وتوضع القواعد الدقيقة التي تصونها من أن تكون ضعيفة، أو أن تمرر الأمور فيها من دون دراسة واستقصاء وبحث واطمئنان على الحكم الشرعي، وهذا الأمر أولاه مجمع الفقه الإسلامي الدولي اهتماماً كبيراً عبر مسيرته، فمعظم الصيغ التي تعمل فيها البنوك بيّن المجمع في قراراته الأحكام الشرعية الضابطة لها.
يتطلع المسلمون إلى سوق إسلامية مشتركة كنوع من التكتل العالمي، ليكون للأمة الإسلامية صوت ورأي في ما يجري في العالم، هل بالإمكان تحقيق هذا الحلم؟
- بالإمكان الوصول لذلك بالعمل، وهناك قرارات واضحة في مؤتمر القمة الإسلامي الاستثنائي الثالث، الذي عقد في رحاب مكة المكرمة، وسمي بالبرنامج العشري لمنظمة المؤتمر الإسلامي حول هذا الموضوع، إذ تحدث البرنامج عن إنشاء سوق إسلامية مشتركة، وبدأت الإجراءات لتنفيذها، ووضعت أسس وقواعد وتفصيلات، ووضع ميثاق ووقعت عليه الكثير من الدول، وستكون السوق موجودة بإذن الله في وقت قريب.
وهذا أمر تقتضيه المصلحة العليا للمسلمين، فنحن نلاحظ في المجتمع الإنساني التكتلات الاقتصادية والتكتلات السياسية الكبرى، ونعلم أن الاتحاد الأوروبي مثلاً بدأ في انطلاقته على أساس اقتصادي، ثم انتقل إلى آفاق سياسية، والاتحاد الأوروبي كما نعلم دول متعددة اللغات، وقعت بينها حروب عالمية، وعندما رأت مصلحتها في التكامل الاقتصادي وبناء وحدة اقتصادية فعلت ذلك، ومع الأيام تحول إلى اتحاد سياسي أيضاً، وبما أن العالم الإسلامي يتمتع بموقعه المتوسط وثرواته الطبيعية الهائلة وشعوبه تلتقي على دين واحد، فيجب أن نسعى لدعم مؤسسات العمل الإسلامي المشترك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.