أدار المحافظون الجدد الحملة الانتخابية للمرشح الجمهوري ميت رومني ثم أنكروا أنهم حوله، وتوقعوا أن يعودوا إلى الحكم من وراء الستار، كما فعلوا في ولايتَي رونالد ريغان الخَرِف وجورج بوش الأحمق الجاهل، إلا أن رومني خسر الرئاسة، ونجت الولاياتالمتحدة والعالم من كارثة سياسية واقتصادية أخرى. أريد قبل أن أكمل أن أحمّل الرئيس باراك أوباما المسؤولية عن عودتهم إلى المسرح السياسي وتهديدهم مستقبل أميركا من جديد، فهو بعد أن فاز بالرئاسة سنة 2008 أعلن أنه سينظر إلى الأمام لا إلى الخلف، ما يعني عملياً أن مجرمي حرب هناك ألف دليل على جرائمهم أفلتوا من العقاب بعد أن تآمروا وزوّروا الأدلة على برنامج نووي في العراق وعلاقة مع القاعدة، ما أدى إلى قتل مليون عربي ومسلم، ومعهم خمسة آلاف أميركي وألوف آخرين من جنود التحالف الدولي. القاعدة قتلت ثلاثة آلاف أميركي ولا تزال الحرب عليها مستمرة كما يجب، أما الذين قتلوا خمسة آلاف أميركي فتُرِكوا ليعملوا عبر مراكز بحث متطرفة. وبعد مشروع القرن الأميركي الجديد الذي طالب بيل كلينتون بحرب على العراق، قبل أن ينجح مع جورج بوش بعد إرهاب 11/9/2001، أصبح الليكوديون الأميركيون الذين يقدمون مصلحة إسرائيل على المصالح الأميركية، يجتمعون في معهد السياسة الخارجية، فنقرأ أسماء إريك أدلمان ووليام كريستول وروبرت كاغان ودان سينور بين أسماء مديري المعهد، وكلهم دعا إلى حرب على العراق وشارك في الترويج لها لأسباب ملفقة عمداً. ماكس بوت ومايكل دوران عرضا في «نيويورك تايمز» خمسة أسباب للتدخل في سورية. ايليوت أبرامز كتب في «وول ستريت جورنال» أنه حان وقت صدور تفويض باستعمال القوة ضد إيران. دان سينور قال في برنامج لشبكة «سي بي أس»، إن أميركا عاجزة لأن أوباما فشل في إسقاط بشار الأسد. هناك من وصف رومني بأنه نتانياهو أميركا، فكلاهما يتحدث عن خطوط حمر ومواعيد نهائية، وعن خطر وجودي أو مصيري تمثله ايران، مع أن لا أحد يصدق ذلك، وقد أظهر استطلاع للرأي العام أن 70 في المئة من الأميركيين ضد حرب أميركية على إيران وأن 59 في المئة منهم ضد مساعدة إسرائيل إذا وجهت ضربة إلى إيران. مجموعة ماكلاتشي الصحافية قالت إن نتانياهو تلقى لحملته الانتخابية تبرعات من 47 شخصاً، واحد منهم فقط إسرائيلي الجنسية. وأضافت أن 42 أميركياً كانوا بين المتبرعين، منهم 28 شخصاً قدموا تبرعات لحملة رومني. وأسرة فاليك في فلوريدا لم تكتفِ بالتبرع لرومني ونتانياهو، بل تبرعت للمستوطنين. «كنا حنروح في داهية» كما يقول المصريون، وأكتب معتمداً على مصادر أميركية وأحتفظ بكل الوثائق والمَراجع لمن يريد رؤيتها. أفضل مَنْ كتب عن خطر عودة المحافظين الجدد كان مورين داود في «نيويورك تايمز»، وهي اعتبرتهم أفاعيَ، وسخرت من كلام المرشح لنائب الرئيس بول ريان عن قتل معارضين شجعان في سورية وهجوم غوغاء على سفارات وقنصليات أميركية، وعن إيران وحصولها على قنبلة نووية في أربع سنوات، وإهمال إسرائيل «أفضل حليف لنا» في المنطقة. هي قالت إن ريان كان يحرك شفتيه إلا أن الكلام لدان سينور، الذي عمل ناطقاً باسم التحالف مع بول بريمر في العراق عندما حُلَّ الجيش وبدأ اجتثاث البعث، فنهبت الوزارات والمتاحف وانتشرت عصابات الجريمة ودمر العراق. سينور وصف لمجموعة صحافيين في بغداد الوضع فقال: «لعدم النشر، باريس تحترق. رسمياً، الأمن والاستقرار يعودان إلى العراق». المتطرفون الذين أحاطوا برومني لم يغسلوا أيديهم بعد من دماء العرب والمسلمين، فهم بدل أن يَمْثُلوا أمام محاكم عسكرية أميركية ومحكمة جرائم الحرب الدولية، تُركوا أحراراً ليحاولوا العودة مع رئيس أميركي آخر ويكملوا مشاريع إسرائيل للسيطرة على الشرق الأوسط. إلا أنهم سقطوا مع ميت رومني، ولعله سقوط لا قيام لهم بعده. [email protected]