ما زال في أدراج وزارة التجارة والصناعة خصوصاً في لجنة المساهمات العقارية الكثير من أوراق المساهمات العقارية المتعثرة، التي لم تخرج إلى العلن وتزيد على 300 مساهمة عقارية، البعض منها تم بيعها بأفضل الأسعار التي سترضي المساهمين، والبعض الآخر تم أعادته إلى «المصفي» ليقوم بالتصفية. «الحياة» قامت باستطلاع آراء عدد من الخبراء العقاريين حول عدم وجود إقبال كبير على هذه المساهمات المتعثرة، إذ قال الخبير العقاري فهد بن سعيد، إن سبب عدم الإقبال على المساهمات العقارية التي تقوم وزارة التجارة والصناعة بتسويقها يعود إلى تداخل الصكوك في ما بينها، أي بمعنى آخر تداخل الملكية وكذلك تعدد الملكية، وكذلك تداخل الأراضي في ما بينها، إذ إن بعض تلك الأراضي تدخل في الأراضي الأخرى في المخطط من دون صكوك عليها. وأضاف أن من الأسباب أيضاً أن بعض المساهمات العقارية الموجودة حالياً أصحابها ماتوا، ولا يعرف أين ذهبت أموالهم وأموال المساهمين، إضافة إلى إهمال الجهات الرقابية المتمثلة في وزارة الشؤون البلدية والقروية والمحاكم، إذ إنه في الماضي لم تكن هناك أنظمة تنظم سوق العقار وبيع المساهمات، وذلك بعد أن يقوم البعض بإجراء مساهمات على أراضٍ «بور» لا توجد فيها خدمات، فتعرضت هذه المساهمات العقارية للتجمد، ولا تزال «العقليات الأولى» كما هي في هذا المجال. وأشار بن سعيد إلى أن من المعضلات تداخل الشركاء سواء الورثة أم غير الورثة، إذ إن هناك نزاعات قائمة في البيوت التجارية العقارية لا عدد لها ولا حصر، وهناك صراع بينهم في الوقت الراهن، وموت أحد الشركاء من ملاك العقار يتسبب في تعطيل أموال المساهمين، لأن الأموال التي كانت في الأصل داخل المساهمة من المساهمين الأصليين في تلك المساهمات العقارية، ثم يأتي ورثة الورثة وتبدأ سلسلة من دخول الورثة من القصر وغيرهم، تسبب ذلك في تعثر المساهمة العقارية لسنوات عدة، والآن بدأت وزارة التجارة والصناعة «بتفتيح أعينها»، بعد أن «وقع الفاس في الرأس». وقال إن الجهات المسؤولة عن انهيار المساهمات العقارية حالياً هو وجود أشخاص لا يفقهون في تلك الأسباب المؤدية إلى انهيار المساهمات العقارية، وكذلك لا يمتلكون الخبرة في ذلك، إذ يوجد مجموعة أشخاص أكاديميين أو يحملون شهادة الدكتوراه لا يمتلكون الخبرة، وكذلك لا تتم الاستعانة بأهل الخبرة في هذا الجانب، وأضاف أن أهم شيء يتم عمله الآن هو إجراء استبيان، ويتم سؤال جميع الذين لهم علاقة بالمساهمات العقارية الذين يملكون شهادات امتلاك مساهمة في أي من المساهمات العقارية، سواء من ساهم بألف ريال أم الأشخاص الذين ساهموا بالملايين من الريالات، ويتم سؤالهم أين هي مساهماتكم، وهناك مساهمات عقارية متعثرة منذ عهد الملك فيصل رحمه الله حتى الآن، وأنا على علم بها عندما كنت أعمل في العقار كانوا يقولون لي خذ الآن وسدد لاحقاً. وقال بن سعيد إن اللجنة العقارية في الغرفة التجارية الصناعية بالرياض جميعهم صغار في السن، وعملت معهم 12 عاماً، وهم لا يملكون فكرة عن مجال المساهمات العقارية والعقار بشكل عام، وأضاف أن إجراء الاستبيان سيحدد حجم المشكلات في المساهمات العقارية، وهناك مساهمات منذ عام 1392ه حتى الآن لم تحل، لأن صاحب المساهمة توفي والمساهمون توفوا ولم تحل مشكلة هذه المساهمة. وأشار إلى أن من الحلول أن يطرح على المساهمين أو أبناء أصحاب المساهمات العقارية أن تتبنى أحد الجهات مثل التأمينات الاجتماعية أو المؤسسة العامة للتقاعد وغيرها، فتقوم بإدخال الخدمات للمساهمات العقارية المتعثرة في مقابل إدخالها كشريك في المساهمة، وسيستفيد المساهمون وتحل المشكلة وتستفيد جميع الأطراف مادياً، وهذا حل جيد في الوضع الحالي، ولكن القيام بالإعلان عن تصفية المساهمات العقارية كما هو معمول به الآن غير مجدٍ، إذ إن بعض المساهمات التي بيعت أخذت كأرض خام لا توجد بها خدمات، وإيصال الخدمات إلى تلك الأراضي يكلف أكثر من ثلث قيمة المساهمة، وتعتبر إدخال الخدمات عملية مرهقة للملاك. من جانبه، قال الخبير في الشؤون العقارية يوسف الزامل إن سبب عدم الإقبال على المساهمات العقارية التي تقوم وزارة التجارة والصناعة بالتسويق لها من خلال لجنة المساهمات، يعود إلى مراعاة ظروف السوق، إذ إن الوزارة تحرص على الحصول على أفضل سعر ممكن للمساهمات العقارية، وإذا تم بيع جميع المساهمات العقارية دفعة واحدة سيتسبب ذلك في انخفاض قيمة الأراضي وشح السيولة المالية في السوق، كذلك تحتاج تلك المساهمات إلى كثير من الإجراءات والخدمات وتكثيفها وترتيب أوراق تلك المساهمات العقارية لتقوم شركات بالترتيب من أجل إجراء مزاد لتلك المساهمات العقارية. ولفت إلى أن من أسباب عدم الإقبال هو أن تلك المساهمات العقارية لها فترة طويلة ووزارة التجارة والصناعة لم تبدأ في التسويق لهذه المساهمات إلا من فترة قريبة، وهذا أحد الأسباب، وتوقع أن الوزارة إذا استمرت في مجهوداتها ستتسارع وتيرة بيع تلك المساهمات العقارية المتعثرة، وأضاف أن استكمال الخدمات في تلك المساهمات العقارية سيسرع عملية بيعها بشكل كبير، إذ إن إجراءات استكمال الخدمات من الجهات المعنية من الأمانات والبلديات وغيرها فيها الكثير من الروتين الطويل الممل.