السماح للشركات الأجنبية المشغلة للطائرات الخاصة (بالطلب) بنقل الركاب داخليًا في المملكة    ولي العهد ورئيس الإمارات يبحثان مستجدات الأوضاع الإقليمية والدولية    رئيس سوريا يصل تركيا ويلتقي أردوغان في أنقرة    جارديم يتولى تدريب كروزيرو البرازيلي بعد ساعات من رحيله عن العين    مجلس تعليم جازان يعقد اجتماعه الأول للعام الدراسي 1446ه    «من الكويت» عرض فني يدشن «القرين الثقافي»    حماس: مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق غزة بدأت    كرسي أرامكو للسلامة المرورية بجامعة الإمام عبد الرحمن يطلق دورة تدقيق سلامة الطرق    وزير الصناعة والثروة المعدنية: نسعى إلى تطوير الشراكة مع الهند في الصناعات الإستراتيجية الواعدة    محافظ الأحساء يكرّم مدير شرطة المحافظة السابق    ضم هيئة التأمين إلى عضوية اللجنة الدائمة لمكافحة غسل الأموال    تذبذب سعر صرف العملات.. والدولار يرتفع    بقعة زيت قلبت سيارتها 4 مرات.. نجاة ابنة المنتصر بالله من الموت    مدينة الملك سعود الطبية تستقبل يوم التأسيس بإنجاز عالمي    القيادة تهنئ رئيس جمهورية سريلانكا بمناسبة ذكرى اليوم الوطني لبلاده    «إعلاميون» يشهدون منافسات مهرجان خادم الحرمين للهجن 2025    أمير جازان يرأس اجتماع اللجنة العليا للسلامة المرورية بالمنطقة    أمير منطقة القصيم يتسلم شهادة تسجيل واحه بريدة بموسوعة غينيس    فيصل بن مشعل يدشّن هدية أهالي القصيم لأبطال الحد الجنوبي    أمير الشرقية يكرم الجهات الراعية للمؤتمر الدولي السادس لمدن التعلم 2024    "الجوازات"تصدر 18,838 قرارًا إداريًا بحق مخالفين لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود    «الشؤون الاقتصادية» يوافق على إنهاء «الاستدامة المالية»    وزارة التعليم ومجمع الملك سلمان يكرمان 60 فائزًا وفائزة في "تحدي الإلقاء للأطفال 4"    نائب أمير تبوك يتسلم تقرير أعمال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر    مفوض الإفتاء في جازان: دور المرأة مهم في تقوية النسيج الوطني    توقيع اتفاقية تعاون بين جامعة الحدود الشمالية ومؤسسة سليمان الراجحي للتمويل التنموي    أمير الشرقية يرعى مؤتمر "السمنة" بمشاركة 100 متحدث عالمي بالخبر    الصحة تُدشن الوصفة الإلكترونية لحوكمة الوصف والصرف للأدوية المخدرة والمؤثرات العقلية والخاضعة للرقابة    وفاة المهندس أحمد العيسى بعد رحلة عطاء والعناية بمساجد الطرق بالمملكة    الشرع: لقاء ولي العهد يؤسس لبداية علاقة إستراتيجية    مقتل جنديين إسرائيليين في إطلاق نار شرق جنين    تحديث بيانات مقدمي خدمات الإفطار بالمسجد النبوي خلال شهر رمضان المبارك 1446ه    5 علامات للشامات تثير شبهة السرطان    «التأمينات»: ل«المنشآت»: أيام وتنتهي مهلة الإعفاء من الغرامات    محكمة جدة تسقط دعوى مواطن لسكوته على عيوب «شقة تمليك» أكثر من عام !    في الشباك    «911» يتلقى (2.606.704) اتصالات خلال يناير    الأهلي يتصدر.. والنصر «يتمخطر»    العداوة المُستترة    سمعًا وطاعة والتزامًا بالقرار الحكيم    عدد من معلمي التربية الفنية في بيش يزورون متحف الجندلي التراثي    إرث ثقافي    الرئيس السوري أحمد الشرع يغادر جدة    الرئيس الأوكراني يطلب الدعم من الغرب    انفجار يقتل قيادياً بارزاً موالياً لروسيا في دونيتسك    عائدون من جحيم النزوح    موعد مباراة النصر القادمة بعد الفوز على الوصل    موعد مباراة الهلال وبرسبوليس الإيراني    البيتزا تقتل سيدة حامل    تتعاطف مع قاتل ابنتها وتدعم براءته    الزعيم يواجه برسبوليس الإيراني في «نخبة آسيا»    موانع الحمل ثنائية الهرمون    محمد عبده ل«عكاظ»: الاعتزال لا يزعجني وأغني بتحضير دقيق مع بروفة    القنفذة: «مؤسسة حسن الفقيه» تبدأ مسيرتها لإثراء الساحة الثقافية    الشرع: لقاء الأمير محمد بن سلمان يؤسس لعلاقة إستراتيجية بين السعودية وسورية    رئيس الوزراء الصومالي يصل إلى جدة    عبدالله آل عصمان مُديراً لتعليم سراة عبيدة    العلاقات بين الذل والكرامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فلسطين وإيران على أجندة الولاية الثانية
نشر في الحياة يوم 10 - 11 - 2012

شهد خريف 1960 أكبر مفاجآت الجمعية العامة، خصوصاً يوم ضرب الزعيم السوفياتي نيكيتا خروتشيف بحذائه على الطاولة مطالباً بضرورة نقل مكاتب الأمم المتحدة من نيويورك الى جنيف. ومن الذكريات الطريفة التي تركها خروتشيف أثناء تلك الزيارة خطبه المسائية من شرفة مكاتب البعثة السوفياتية في الامم المتحدة في نيويورك. وقد حرص في حينه على إظهار مساوئ النظام الرأسمالي مقابل جنة النظام الاشتراكي. وكان رجال الأمن الاميركيون يندسّون بين الجمهور خوفاً من حدوث عملية اغتيال قد يقوم بها أحد المتظاهرين تحت الشرفة.
ذات مساء، رأى خروتشيف رجلاً يحاول توجيه سؤال اليه، مستعيناً بصوته المرتفع ويده المرفوعة. ولما طلب منه المترجم أن يتفضل ويطرح سؤاله، قال:
- يا سيد خروتشيف. أنا إسمي سبيرو. جئت الى اميركا من اليونان. ورحت أعمل في غسل الصحون لدى المطاعم كي أحصل على مرتّب يساعدني على دفع أقساط المدرسة الليلية. وبفضل النظام الرأسمالي الذي حقق لي فرص الطموح والنجاح، أصبحت رئيساً لشركة «القرن العشرين» للسينما. هل هذا متوافر في نظام الاتحاد السوفياتي؟
وردَّ عليه خروتشيف بانفعال، قائلاً:
- يا سيد سبيرو، لولا الحياء لكنت خلعت قميصي كي ترى آثار السياط على ظهري. أنا عشت طفولة بائسة، اضطرتني أن أعمل راعياً للخنازير لدى أحد الأثرياء. وكنت أتحمل غضبه بسبب حاجتي الى مرتّب ضئيل. ولكن بفضل النظام الاشتراكي العادل، الذي أرست الثورة دعائمه، وصلت الى أعلى درجات الحكم في بلاد يعدّ سكانها بالملايين. هل هذا متوافر في ظل النظام الرأسمالي الطبقي؟
عقب انتشار هذا الحوار الساخن، دخلت الصحف الاميركية والسوفياتية في جدال حول معايير الحياة وحركة التاريخ داخل نظامين مختلفين وإنما أنتجا مثَلَين متشابهين هما خروتشيف وسبيرو.
وحرصت الصحف الاميركية على انتقاد نظام الحزب الواحد الذي يوفر فرص الاستئثار بمقاليد الحكم للعناصر المنتمية الى الحزب الحاكم فقط. وعلى سبيل المفاضلة، قالت إن النظام الاميركي يقدم خيارات متنوعة بين الحزبَيْن الرئيسيَيْن... وخارج فضائهما أيضاً.
بعد فوزه بولاية ثانية، ألقى الرئيس باراك اوباما خطاباً قال فيه إن أهمية الولايات المتحدة لا تكمن في جيشها القوي أو شعبها الغني، وإنما في الحريات التي تحقق طموح الطامحين، لا فرق أكانوا من البيض أم من السود... من الفقراء أم من الأغنياء.
وقدَّم نفسه كمَثَل على قدرة الاختراق في مجتمع يؤمّن فرص النجاح لشخص مجهول جاء والده من كينيا، وولد هو في هاواي. وعليه يرى كاتب سيرة حياته ديفيد مارانيس، أن وصوله الى رئاسة جمهورية الولايات المتحدة يُعتبر أسطورة لا تدانيها في التعقيد سوى أسطورة الرئيس وودرو ويلسون. خصوصاً أن كليهما احتاج الى الرعاية والاحتضان من جانب عائلات غريبة.
في كتاب عنوانه «القصة»، الصادر عن دار النشر الاميركية «سيمون وشوستر»، يروي المؤلف نقلاً عن مصدر ثقة في علم الأنساب والسلالات أن اوباما متحدر من أسرة عبد كان يُدعى جون بانش. والطريف أن ذلك العبد كان من أقرباء والدته البيضاء البشرة آن دانهام. وتقول الرواية إن بانش حاول الهرب عام 1640 من ظلم الأسرة التي تستعبده في مستعمرة فرجينيا. وتعقّبه أصحاب المستعمرة الى أن عثروا عليه، وعاقبوه بإعلان إسمه أول عبد يحمل وثيقة رسمية قبل صدور تشريع في فيرجينيا يسمح بتجارة الرقيق.
ويؤكد مراسل جريدة «دايلي مايل» في نيويورك أنه استوضح مصدراً مطلعاً عن تاريخ نسب اوباما، فإذا به يؤكد له أن العبد بانش مرتبط من حيث جذوره العائلية بوالدة الرئيس البيضاء.
أهل كينيا يرفضون تصديق هذه الحكاية، ويصرّون على اعتبار الرئيس متحدراً من أسرة كينية – افريقية، لأن والده وأعمامه ولدوا في كينيا. يشهد على هذا وجود شقيقه جورج في حي «هوروما» في نيروبي.
انستازيا هارمن، الباحثة والمتخصصة في رسم شجر العائلات، قالت إن الرئيس اوباما ينتسب الى الجيل الحادي عشر في مسلسل القافلات الأفريقية التي أجبِرَت على الانتقال الى العالم الجديد. ومن المؤكد أن تمزّق مشاعره العنصرية قد أورثه الكثير من الأستياء والغضب، خصوصاً عندما كان رفاقه في الجامعة يطلقون عليه لقب «اوريو»، ومعناه صاحب اللون الأسمر الشاحب.
وللتخلص من ذلك الكابوس، قرر باراك اوباما الانتماء الى السود مع الإعلان عن ارتباطه الوثيق بتاريخهم ومآسيهم وهمومهم. وقد ألهمته عذاباتهم السابقة ومعاناتهم وسط عالم البيض الى تقمّص شخصية روزا باركس، التي رفضت مغادرة مكانها في حافلة النقل آخر عام 1955. وكان من الطبيعي أن يُحدث موقفها المتصلب ردود فعل داخل ولاية الاباما، انتهت بمكاسب سياسية على صعيد الحقوق المدنية.
وقد تعمَّد الرئيس اوباما السنة الماضية الركوب في الحافلة ذاتها، وفي المقعد ذاته، لعله يحيي في داخله مسألة المساواة التي دفع السود ثمنها غالياً قبل مقتل مارتن لوثر كنغ وبعده. وأغلب الظن أنه هو الذي أمر بالتقاط صورة تذكارية نقلت على الفور الى متحف هنري فورد في ديربورن في ولاية ميتشيغان.
في ولايته الثانية، أعلن الرئيس اوباما أنه سيعير المسائل الخارجية أهمية لا تقل عن أهمية المسائل الداخلية. وذكر خلال مناظرته مع منافسه الجمهوري ميت رومني سلسلة قضايا بينها: أزمة القنبلة النووية الايرانية، ومشكلة الإرهاب، والتعامل مع حكام الصين الجدد، ومستقبل الحرب داخل سورية، وكيفية إحياء قضية فلسطين.
رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتانياهو لم يخفِ استياءه من فوز اوباما على اعتبار أن صديقه رومني وعده بإحياء صداقتهما القديمة لبناء أفضل العلاقات في عهده. كما وعده بالتشدد في مواجهة قوة ذرية محتملة لدى ايران. وعليه يرى شمعون بيريز أن من مصلحة اسرائيل العليا أن يتغلب نتانياهو على مشاعر الخصومة الشخصية ويتعاون مع الرئيس اوباما، لأن مصالحهما الاستراتيجية تلتقي في أكثر من منطقة وأكثر من هدف.
نتائج الانتخابات أثبتت أن يهود الولايات المتحدة لم يعودوا يولون اسرائيل الاعتبارات السابقة التي تجعل أمنها عاملاً حاسماً في قرار التصويت. وهم يتخوفون من تجديد الضغط على حكومتهم من أجل إحياء المفاوضات المجمدة مع الفلسطينيين، خصوصاً أن اوباما يصرّ على جعل خطوط هدنة 1948 نقطة لبدء التفاوض، في حين تدّعي اسرائيل أن تلك الحدود تعرّض أمنها لخطر الاختراق.
حدث خلال المناظرة الثانية بين اوباما ورومني أن اشترط المرشح الجمهوري تخلي الفلسطينيين عن هدف تدمير اسرائيل، إن كان بواسطة طلب وقف مشاريع الاستيطان... أو بواسطة تطبيق قرار حق العودة والتعويض. واعترض مرشح الحزب الديموقراطي على هذا التبسيط، وقال له إن سياسة الاستيطان داخل أحياء القدس الشرقية هي وحدها تتحمل تبعة الجمود في المفاوضات الفلسطينية – الاسرائيلية.
ومعنى هذا أن تحالف نتانياهو – ليبرمان قد تم تشكيله بغرض إجراء انتخابات مبكرة في اسرائيل تتجاوز الضغوط الاميركية، وتمهد الأجواء لخوض حرب تمنع ايران من امتلاك أسلحة نووية، كما تمنع أي رئيس اميركي من العمل على استئناف المفاوضات المجمدة في شأن إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
من هنا يرى المراقبون أن قرار استبعاد التدخل الاميركي في الشأن الاسرائيلي سيدفع الرئيس اوباما الى ممارسة ضغوط سياسية واقتصادية بهدف إسقاط نتانياهو وليبرمان في انتخابات كانون الثاني (يناير). وهذا ما فعله الرئيس السابق بيل كلينتون مع نتانياهو يوم حاول نسف مشروع السلام مع الفلسطينيين. لهذا تتوقع وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون أن يدعم الرئيس الاميركي فكرة بناء تحالف واسع يضم غالبية أحزاب اليسار مقابل جبهة اليمين المتطرف. وفي هذا السياق، فهي تتوقع أيضاً أن يغيب عن الحكومة المقبلة وزراء الاعتدال من أمثال ايهود باراك وبين بيغن ودان مريدور. وربما ينضم ايهود اولمرت الى هذا الفريق في حال أعلنت النيابة العامة تبرئته من القضية المرفوعة ضده.
موقف ايران من إعادة انتخاب باراك اوباما تميَّز بالإيجابية على لسان أكثر من مسؤول، علماً أن الرئيس محمود أحمدي نجاد كان قد حاول أثناء وجوده في نيويورك لحضور جلسات الجمعية العامة فتح حوار سري مع مسؤولين اميركيين. وقد منعه مرشد النظام علي خامنئي من الإقدام على هذه الخطوة لأن عملية الرئاسة في اميركا لم تكن محسومة بعد. إضافة الى هذا السبب، فإن خامنئي كان قد باشر تهميش دور أحمدي نجاد وإبراز مستشاره رئيس القضاء صادق لاريجاني.
وفي تصريح لافت، اعترف لاريجاني بأن العلاقات مع الولايات المتحدة معقدة، خصوصاً بعد الممارسات السلبية التي اتخذها اوباما خلال السنوات الأربع الماضية، والتي تجلَّت بفرض أشد العقوبات. ولكن شقيقه محمد جواد لاريجاني – وهو مستشار للشؤون الدولية – أعلن «أن التفاوض مع الولايات المتحدة ليس محرّماً، وإذا اقتضت مصلحة النظام فإننا مستعدون للتفاوض مع إبليس حتى في جهنم.»
ثم وضع هذا الكلام في إطار المرجعية الأخيرة عندما زاد قائلاً: «إن أي قرار باستئناف الاتصالات المباشرة المقطوعة منذ 33 سنة يجب أن يخضع لصلاحية المرشد الأعلى... ويجب أن يخضع أيضاً لمعايير المنطق السياسي الصحيح».
والمعروف أن الولايات المتحدة قطعت علاقاتها مع ايران في تشرين الثاني (نوفمبر) 1979، عقب احتجاز 55 ديبلوماسياً في سفارة اميركا في طهران.
يقول مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو إن سباقاً حاداً يدور يبن ايران وإسرائيل يتعلق بقرار الحرب والسلم في منطقة الشرق الأوسط. وحول هذه المسألة الخطيرة، يقول نتانياهو إنه غير مستعجل لدخول الحرب شرط أن تسوّى عملية امتلاك ايران أسلحة ذرية بواسطة الضغوط الدولية. وإذا لم يكن هناك من سبيل آخر، فإن اسرائيل مستعدة للتحرك.
بقي أن يتدخل الرئيس اوباما، قبل الانتخابات الاسرائيلية، كي يمنع عودة نتانياهو الى الحكم!
* كاتب وصحافي لبناني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.