أعلن أمين سر الأمانة العامة في «المجلس الوطني السوري» المعارض أنس العبد أن المجلس سيقدم «مشروعاً في اللقاء التشاوري» الذي يجمعه مع قوى معارضة أخرى غداً الخميس في الدوحة حول حكومة انتقالية. وأكد ل «الحياة» «إننا نرى نتيجة لما يتعرض له الشعب السوري أن الأفضل حالياً أن ننتقل للبحث في آليات تشكيل حكومة موقتة». يأتي ذلك فيما وجه رئيس المجلس الوطني عبد الباسط سيدا انتقادات شديدة ل «اصدقاء سورية» التي «وعدتنا الكثير ولم تفعل سوى القليل الذي لا يرتقي أبداً الى حجم معاناة ومأساة الشعب السوري»، محذراً من «استهداف» المجلس الوطني ودوره. وقائلاً: «أي عملية تستهدف المجلس الوطني ستؤدي بوعي أو من دونه الى اطالة عمر الأزمة». وعن مبادرة تشكيل حكومة انتقالية، قال العبد وهو أيضاً رئيس الأمانة العامة ل «اعلان دمشق في الهجر»، إن مبادرة المجلس تتضمن «أن تعمل الحكومة الموقتة داخل سورية، وأن تكون المرجعية السياسية للحكومة هي الجهات التي تشكل الحكومة (المجلس الوطني والفرقاء الآخرين)». وأكد أن اللقاء التشاوري سيحضره المجلس الوطني السوري والمجلس الوطني الكردي وممثلو المجالس المحلية في المحافظات وممثلو المجالس العسكرية وهيئات ثورية مثل لجان تنسيق محلية والهيئة العامة للثورة ومنشقون مثل رياض حجاب، ومستقلون مثل رياض سيف، فيما اعتذرت هيئة التنسيق، ولم يؤكد اللقاء الديموقراطي حضوره و «اعتقد أنه لن يأتي». وشدد في لقاء محدود مع صحافيين على «أننا بمشروعنا نود أن نؤكد أنه يجب أن تتوافر ثلاثة شروط تمثل اختباراً لمدى صدقية نيات المجتمع الدولي في ما يتعلق بدعم الشعب السوري والحكومة الموقتة، وهي ضرورة «الدعم السياسي من خلال اعتراف المجتمع الدولي بالحكومة الموقتة، والدعم المالي من خلال تقديم خمسمئة مليون دولار على الأقل لتشكل موازنة للحكومة الموقتة، ووجود منطقة آمنة داخل سورية تعمل من خلالها الحكومة الموقتة، لأننا اذا انشأنا حكومة منفى فهذا معناه أنها مع مرور الوقت قد تتحول لجهة سياسية لا أكثر ولا أقل». وحول هل يرمي المجلس الوطني بالكرة في ملعب المجتمع الدولي، قال «نعم، هناك مسؤولية على المجتمع الدولي لانه يطالب بحكومة موقتة، وهناك أيضاً مسؤولية على المجتمع العربي». وأعلن أن «قطر ابدت استعدادها، في لقاء ضم مسؤولين في المجلس الوطني أمس الأول مع وزير الدولة للشؤون الخارجية خالد العطية، المساهمة بشكل اساسي في الدعم المالي للحكومة الموقتة وحتى الدعم السياسي، ونحن لم يكن لنا في اي يوم شكوك حول الدعم القطري، ونريد اختبار صدقية المجتمع الدولي» لافتاً الى «وعود دولية للمجلس الوطني في وقت سابق تبخرت شيئاً فشيئاً». وأكد أن مشروع المجلس الوطني الذي سيقدمه حول الحكومة الموقتة غداً الخميس سيقدم الى جانب مشروع رياض سيف «وهناك مشروع سيقدمه فرقاء آخرون في سبيل التوافق على مشروع معين يعبر عن ارادة المعارضة، ونحن لسنا ذاهبين الى لقاء معد سلفاً بل للتشاور الحقيقي». وسئل حول هل تعتبر مبادرة رياض سيف «أميركية»، فاجاب: «نعتبرها مبادرة رياض سيف، وليست أميركية، ومن حقه أن تكون له مبادرة والتصريحات الأميركية ضررها أكثر من نفعها هذا خيار الاميركيين واعتقد أن نياتهم ايجابية، لكن أحياناً من الحب ما قتل» ورأى أن «الأهم هو دعم الداخل السوري لأية مبادرة». وقال العبد إن اجتماع الهيئة العامة أمس بعد توسعتها، بحث في قضايا عدة بينها التقرير السياسي والخطة الاستراتيجية للمجلس ومبادرات الحكومة الانتقالية وأوضاع اللاجئين والنظام الانتخابي». إلى ذلك، القى رئيس المجلس الوطني عبدالباسط سيدا الملامة بشكل قوي على المجتمع الدولي الذي قال انه لا يفعل شيئاً لانهاء معاناة السوريين، وذلك في افتتاح اجتماع الهيئة العامة للمجلس في الدوحة ليلة اول من امس. واذ اكد مشاركة المجلس في الاجتماع الموسع للمعارضة الخميس بناء على مبادرة رياض سيف لانشاء هيئة قيادية جديدة اكثر تمثيلاً وتتجاوز اطار المجلس، حذر من ان اي استهداف للمجلس سيطيل عمر الازمة، كما اكد ضرورة ان يكون المجلس «الركن الاهم» في العمل المعارض. وقال سيدا ان «مجموعة اصدقاء سورية وعدتنا الكثير ولم تفعل سوى القليل الذي لا يرتقي ابداً الى حجم الماساة والمعاناة» في سورية. وأضاف ان «احساس السوريين والسوريات هو انهم قد تركوا لمصيرهم وبات العالم كله متفق على عدم فعل اي شيء لانهاء محنتهم». وقال سيدا «نذكر الاصدقاء والاشقاء في مجموعة اصدقاء الشعب السوري بان اصدقاء النظام السوري يمدونه بكل شيء، يمدونه بالسلاح والمال والرجال والتغطية السياسية في حين ان اصدقاءنا على كثرتهم لم يتمكنوا حتى الآن من استصدار مجرد قرار ملزم يدين جرائم النظام. مجرد ادانة». وتساءل «ماذا يجري؟ ما الذي يحصل؟ وماذا ينتظر المجتمع الدولي؟ هل المطلوب هو تقسيم سورية؟»، مشيراً الى ان استمرار الوضع على حاله هو ما قد «يشجع التيارات المتشددة». ويأتي كلام سيدا فيما يتعرض المجلس الوطني الذي كان يعتبر حتى الآن الكيان المعارض الرئيسي في سورية، لانتقادات من الولاياتالمتحدة. وقالت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون في زغرب الاسبوع الماضي ان المجلس الوطني لم يعد الكيان الذي يمكن ان يمثل كل المعارضة، كما اكدت ضرورة العمل على قطع الطريق امام المتشددين. ورداً على الانتقادات الاميركية، حاول المجلس ابراز التغيرات التي يتبناها في هيكليته لتعزيز قاعدته التمثيلية، لا سيما في الداخل السوري. وأجرى المجلس خلال اجتماعاته التي بدأها الاحد في الدوحة تغيرات في بنيته افساحاً بالمجال امام انضمام المزيد من الهيئات والشخصيات الى الهيئة العامة التي باتت تضم 400 عضو، لا سيما من الاقليات السورية. وبحسب هشام مروان الخبير القانوني للمجلس الوطني، فان ابرز التغييرات في بنية الهيئة العامة هو «رفع تمثيل المرأة الى 15 في المئة» و «زيادة تمثيل قوة الحراك الثوري والميداني (في الداخل) الى 33 في المئة باضافة 32 مكوناً جديداً». كما اشار الى «ضم مكونات سياسية جديدة هي 35 تكتلاً سياسياً باتت تشكل 45 في المئة من المجلس» و «تمثيل الاقليات بنسبة 25 في المئة». وباتت الهيئة العامة الجديدة تضم 52 في المئة من الاعضاء الجدد بحسب مروان. وفيما تتجه الانظار الى اجتماع الخميس الذي يحظى باحتضان اميركي خليجي ويهدف الى افراز قيادة موسعة جديدة للمعارضة، اكد المجلس نيته حضور الاجتماع لكنه عبر عن تحفظات واضحة. وقال سيدا «لقد قررت الامانة العامة في دورتها الاخيرة المشاركة في اللقاء التشاوري ... ونحن سنتوجه الى هذا اللقاء بعقل وقلب مفتوحين ولكننا نؤكد منذ البداية ضرورة الحفاظ على المجلس الوطني السوري بوصفه الركن الاهم والاساس في الفعل المعارض السوري». كما شدد على أن «الزمرة المتحكمة بمفاصل الدولة والمجتمع ومصائر الأفراد هي الزمرة المسؤولة عن كل ما يجري في سورية من قتل وتدمير... ولا مكان لها في العملية السياسية المقبلة». قال إن «كل مبادرة دولية جادة في هذا السياق لا بد أن تأخذ في حسبانها ضرورة انهاء عهد الاستبداد في سورية، ولا مشكلة لدينا مع كل الذين لم تتلطخ أياديهم بدماء السوريين ولم يشاركوا في قضايا الفساد الكبرى». وكان سيدا استهل حديثه بالترحيب بالأعضاء الجدد في المجلس الوطني و «خصوصاً ممثلي الحراك الثوري الميداني القادمين من الوطن»، وندد ب «نظام العصابة الباغية»، ودعا المجتمع الدولي ليتحرك ويتدخل انسانياً لايقاف قتل المدنيين وتقديم الاغاثة الطبية والمعيشية لشعب منكوب. وتعهد بان المجلس الوطني بعد اعادة الهيكلة سيكون مستعداً لتعاون جاد مع الدول والمنظمات المستعدة لتقديم العون للشعب السوري. وشكر قطر وتركيا على دعمهما ونوه ب «الاشقاء في دول الخليج العربي ومصر الثورة وليبيا العزيزة وكل الدول الصديقة». وجدد التزام المجلس الوطني بمشروع الدولة المدنية الديموقراطية التعددية التي تحترم خصوصية سائر المكونات الدينية والمذهبية والقومية».