في خطوة حسمت جدلاً ساخناً وتباينات في الرؤى ونقاشاً لم يخل من سخونة كان بدأ أول من أمس وانتهى في جلسة عقدت أمس، أقر «المجلس الوطني السوري» في اجتماع ترأسه رئيس المجلس عبد الباسط سيدا «مشروع الهيكلة» الجديد للمجلس الوطني، بعد دعوات داخلية وخارجية من أجل جعله أكثر تمثيلاً للحراك الوطني الداخلي والتطورات على الأرض. وبموجب مشروع الهيكلة الجديد الذي نشرته «الحياة»، انضم إلى عضوية المجلس 16 تنظيماً سياسياً جديداً و24 تشكيلاً ومجلساً ثورياً ومحلياً من داخل سورية. وأكد أمين سر لجنة الهيكلة عضو مكتب العلاقات الخارجية في المجلس الوطني عبد الرحمن الحاج ل «الحياة»، أن «مشروع الهيكلة أجيز كاملاً من دون تعديل»، وفي ضوء ذلك «ارتفعت نسبة تمثيل النساء إلى 16 في المئة»، و «أن هذه الخطوة تجبر التنظيمات كافة على اختيار نساء لتمثيلها (بتلك النسبة) وبينهم الإخوان المسلمون». ويمهد إقرار الهيكلة الجديدة، رغم الجدل الساخن الذي شهدته مناقشاتها على مدى يومين، للاجتماع الأول الذي ستعقده اليوم هيئة المجلس الوطني السوري (الجديدة) بعد توسيع المجلس. وستشهد جلسة اليوم حضوراً رفيع المستوى من قطر وتركيا والجامعة العربية وممثلين عن أميركا وفرنسا ودول أخرى، في إشارة إلى دعم تماسك وتوحيد المعارضة السورية. ولوحظ أن عملية إعادة الهيكلة صاحَبَها ما وُصف بعملية «ترشيق»، وذلك بعدما تم التوافق على أن تقوم التيارات السياسية القديمة في المجلس والجديدة، بخفض نسبة عشرين في المئة من عضويتها في المجلس حتى لا يصل عدد الأعضاء إلى نحو ستمئة أو أكثر. ووفقاً لعملية «الترشيق»، بات عدد أعضاء المجلس 418 عضواً، وفق تأكيدات أمين سر لجنة الهيكلة. وكان المجلس يضم سابقاً 286 عضواً. وعلم أن 46 شخصاً فقدوا العضوية في إطار عملية «الترشيق» من كل التنظيمات، إلى جانب بعض المستقلين فيما تستمر عضوية مستقلين آخرين. وعلم أن جدلاً ساخناً ثار بسبب اقتراح سحب عضوية بعض المستقلين في إطار هذه العملية لأسباب بينها عوامل مخالفة شروط العضوية حسب المصادر أو تتعلق بفاعلية الدور. وفي نهاية النقاش وافقت الهيئة العامة على عملية سحب عضوية البعض، وبينهم مستقلون، ما أثار غضب المستقلين «لأن الكتل السياسية كانت قادرة على إصدار قرار خفض عدد ممثليها في المجلس». ويعتبر التيار الشعبي الحر (تنظيم ناصري) من أبرز الأعضاء الجدد في المجلس الوطني، إلى جانب الحركة التركمانية، وتجمع أحرار سورية (درزي)، ومجلس القبائل السورية، واتحاد القوى الديموقراطية الكردية وجبهة العمل الوطني لكرد سورية، وحزب الاتحاد السرياني وتيارات أخرى. وسئل أمين سر لجنة إعادة الهيكلة عن أساب النقاش الساخن في جلسة عقدت أمس الأول، فعزا ذلك إلى أنه «كانت هناك حاجة لفهم مبررات صيغة الهيكلة الجديدة وخلفياتها وما يتطلبه الأمر من تطوير نظام انتخابي يلائم طبيعة المرحلة، وبعد ذلك تم أمس إقرار الهيكلة في جلسة هادئة». وعلمت «الحياة» أن «الهيئة العامة» للمجلس ناقشت في اليوم الثاني للمؤتمر أمس تعديل النظام الأساسي، والنظام الانتخابي، ومن أبرز ملامحه «انتخاب الهيئة العامة عن طريق القوائم النسبية المغلقة، وانتخاب الأمانة العامة والمكتب التنفيذي بالانتخاب الحر المباشر، ولن يزيد أعضاء الأمانة عن 40 عضواً والمكتب التنفيذي عن 11 عضواً، مع مراعاة هامش لإضافة بعض الأعضاء لاعتبارات وطنية وسياسية، بما لا يزيد عن ثلاثة أعضاء». وأكدت المصادر أن المجلس الوطني سينتخب غداً أعضاء الأمانة العامة والمكتب التنفيذي ورئيس الهيئة الموسعة (بعد دخول تيارات جديدة) ورئيس جديد للمجلس الوطني. ورجحت بعض المصادر «وجود توجه لاختيار شخصية شابة لرئاسة المجلس»، لافتة إلى «مطالبات في شأن عدم عودة شخصيات عرفت في المكتب التنفيذي سابقاً ومطالبات حول عدم ترشح أعضاء المكتب السابقين للأمانة العامة والمكتب التنفيذي». لكن هناك من يدعو إلى «المزج بين فاعلية الشباب والخبرة». وفي كل الأحوال، تتوقع المصادر دخول دماء شابة وبروزها في الخارطة القيادية الجديدة للمجلس الوطني، خصوصا بعدما نال «الحراك الثوري نسبة 33 في المئة من العضوية، وهو يمثل تنظيمات عدة للحراك، وبينها مجالس محلية داخل سورية». ويبحث اجتماع الخميس خصوصاً مبادرة المعارض السوري رياض سيف التي تحظى بدعم أميركي وخليجي من أجل إنشاء «هيئة المبادرة الوطنية السورية» التي إذا ما قامت ستشكل «قيادة سياسية جديدة» للمعارضة السورية. وتتضمن مبادرة سيف أيضاً توحيد القيادات العسكرية على الأرض وانبثاق «حكومة منفى» عن المبادرة. وقال مصدر ديبلوماسي إن «قطر بدأت بتوجيه دعوات إلى عدد من المسؤولين البارزين في عدة دول عربية وغربية لحضور اجتماع فصائل المعارضة السورية» الخميس. وتوقع المصدر حضور عدد من الموظفين الكبار ووزراء خارجية الدول الراعية للمعارضة السورية بالإضافة إلى المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي والأمينين العامين لكل من جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي. من جهته، توقع رئيس المجلس الوطني السوري عبد الباسط سيدا أن تحتضن الدوحة «حضوراً رسمياً خارجياً لدعم هذا الاتجاه» القاضي بتوحيد المعارضات السورية المشتتة بين عدة كيانات سياسية في «قيادة سياسية واحدة». واستبعد عبد الباسط سيدا أن يسفر يوم واحد من المفاوضات عن شيء محدد. وقال لفرانس برس: «الخميس وحده لن يمكننا من الخروج بشيء على الأرجح». وأضاف: «قد نستمر هنا إلى آخر الشهر». وقال مصدر من المجلس لفرانس برس إن مكونين من المعارضة هما هيئة التنسيق وحزب العمل الشيوعي لن يحضرا اجتماع الدوحة، فيما يمكن أن يحضر سفراء غربيون من الذين غادروا دمشق. ويعتقد مراقبون أن الدوحة ستكون مستعدة لاحتضان اجتماعات ماراتونية بين أطياف المعارضة السورية شبيهة بالاجتماعات التي رعتها الدوحة بين الأفرقاء اللبنانيين أو السودانيين.