بعد طبعة أولى عن دار «الأهلية» في عمان، صدرت في عكا رواية «أورفوار عكا» للكاتب الفلسطيني علاء حليحل، في طبعة ثانية محلية توزع في نطاق فلسطين الداخل. تمتدّ الرواية على نحو 250 صفحة، متعرّضة للحصار الذي ضربه نابليون بونابرت على عكا عام 1799، وصمود واليها آنذاك أحمد باشا الجزار في وجه الحصار الذي امتدّ 62 يوماً، بمساعدة الأسطول الإنكليزي والضابط الفرنسي أنطوان دي فيليبو. وتتخذ الرواية من الحدث التاريخي مسرحاً للأحداث، لكنها ليست رواية تاريخيّة، ففيها يختلط الخيال بالواقع، ممتزجيْن معاً في تجربة روائيّة تطرح سؤالاً عن الأدب ووجوده وتأثيره على السرد والذاكرة، من جهة، وعلى قدرة الأدب على خلق واقع مُوازٍ للأحداث التاريخيّة، يتغذى منها لكنه يتمرّد عليها عبر أسئلة حرفيّة وسياسيةّ واجتماعيّة وجماليّة. وتطرح رواية «أورفوار عكا» التي صمّم غلاف طبعتها العكيّة وائل واكيم، تجربة أدبيّة جديدة من خلال عمل المؤلف مع الصحافي والناقد أنطوان شلحت، كمحرّر أدبيّ للنص، وهي تجربة نادرة جداً على مستوى الأدب الفلسطينيّ والعربيّ عموماً. ويقول حليحل عن هذه التجربة: «في كل إصداراتي السابقة، وفي هذا الإصدار أيضاً، كنتُ أعطي المخطوطة لبعض الأصدقاء ممّن أثق بهم للقراءة وإبداء الملاحظات قبل النشر. الأدب العربي عموماً لا يرتكز إلى العمل المشترك بين المؤلف وبين المحرّر الذي يأخذ على عاتقه دور القارئ الذكيّ الذي يطرح الأسئلة ويدقّق في النص المكتوب، ويكون شريكاً في تكوينه وتصويبه. أمدّني العمل مع شلحت بالكثير من الفائدة والتصويب، وكنت محظوظاً بالاستفادة من ملاحظاته وأفكاره عن النص وتطوّره». وكتب شلحت على غلاف الرواية: «يُحقّق علاء حليحل في روايته الجديدة هذه عدة معادلات تُضاف إلى رصيده الإبداعي الثرّ. مهما تكن هذه المعادلات، أرى وجوب الإشارة إلى اثنتين منها تؤثثان المفاصل الرئيسة للرواية: أولاً، معادلة البحث عن الحقيقة البسيطة المخبوءة وراء الأحداث التاريخية الجلل بمنأى مسبق الرغبة عن أي تغريض أو توهّم أو تبسيط. ثانياً، معادلة التحرّر من الخجل في الكتابة التي أفضت إلى التخلي عن قيود التقليد، وأفسحت الحيّز أمام إمكان التجريب والتخيّل والفانتازيا وتنويع التناصّ وأسلوب الحوار، فضلاً عن عدم الارتطام بسقف الأسطرة». وكتب شلحت: «ولئن جاءت الرواية متكئة على وقائع تاريخية لمكان محدّد - مدينة عكا - فلكي يشيّد الكاتب ظروف الحياة الخاصة بشخوص معينة، بعواطفها وردّات فعلها المخصوصة، مبيّناً كيف أنّ البيئة في مفترقات ما تضع تحديات أمام كائنات حيّة فتستجيب لها عبر تغيير أنماط علاقتها ببعضها وبالعالمين الداخلي والخارجي، وكل ذلك من خلال مقاربة نشوء الوعي وتشكّل الضمير، سواء في الماضي، أو هنا والآن. بذا، يضعنا الكاتب قبالة الحقيقة القائلة إن الأدب لا يُفهم من المجتمع فحسب، بل إن فهم المجتمع ينطلق أيضاً من الأدب وخيال الكاتب». وبموازاة صدور الرواية الجديدة، أطلق حليحل موقعه الشخصيّ الجديد على الإنترنت، على العنوان: hlehel.me. ويحوي الموقع مدوّنته التي يعكف على الكتابة فيها منذ 2007، إلى جانب أرشيفه الصحافيّ والأدبيّ الذي يحوي غالبيّة أعماله القديمة المكتوبة.