مع صدور العدد 45 من «بانيبال»، تكون المجلة أكملت 15 عاماً من الصدور المنتظم، منذ فبراير (شباط) 1998 وحتى اليوم. وخصصت المجلة هذا العدد للاحتفاء بالأدب الفلسطيني الجديد، الذي جاء بعنوان «أدباء من فلسطين»، وتضمّن أعمالاً روائية وشعرية ل23 أديباً فلسطينياً من القدس، رام الله، غزة، حيفا، عكا والناصرة، ومنهم: مايا أبو الحيات، علاء حليحل، أياد البرغوثي، نجوان درويش، تمارا ناصر، زياد خداش، إيناس عبد الله، راجي بطحيش، إسراء كلش، مروان مخول، يوسف القدرة، ماجد عاطف، أسماء عزايزة، أكرم مسلم... بالإضافة إلى مقالة عن أوضاع الثقافة الفلسطينية كتبها مرزوق حلبي، ومقابلة طويلة مع الممثل والمخرج محمد بكري أجراها عماد خشان في نيويورك. وحوى العدد الجديد، نصوصاً روائية وشعرية لرشيد بوجدرة وسمير قسيمي وسميرة نغروش (الجزائر) ونهاد سيريس (سورية) وربيع جابر (لبنان). وفي زاويتها المعنونة «أدباء ضيوف»، تنشر المجلة نصاً روائياً للكاتب الروماني فاسيلي باغيو، وقصة قصيرة للكاتب الفيتنامي هو إن تاي. ورسَمَ الفنان العراقي ستار كاووش غلاف المجلة. افتتاحية فاضل العزاوي وجاء في الافتتاحية التي كتبها الشاعر العراقي فاضل العزاوي: «من الضروري، بل الإنصاف، بعد مرور 15 عاماً على صدور بانيبال بلا انقطاع، التأكيد على الوظيفة الثقافية والإبداعية الاستثنائية لهذه المجلة الفريدة في تغيير الصورة النمطية التي كانت سائدة في محيط القراء باللغة الإنكليزية عن الأدب العربي الحديث، باعتباره أدباً يرتبط بالماضي أكثر من ارتباطه بروح الحاضر، وبذلك أثبتت «بانيبال» أنها كانت ضرورة تاريخية تنتظر من يتصدى لها منذ زمن طويل، حتى جاءت الناشرة البريطانية مارغريت أوبانك والروائي العراقي صموئيل شمعون واستلما زمام المبادرة مع عدد من الأصدقاء الأوفياء. هذه الحماسة المتوقدة جعلت أصدقاءها الكثيرين في العالم العربي وخارجه يدركون أهمية هذه المجلة وينبرون لدعمها بنتاجاتهم وترجماتهم وكل ما يجعلها تزداد تألقاً». وأشار فاضل العزاوي في افتتاحيته إلى أن بانيبال «فضلاً عن كونها مجلة مطبوعة، قامت في الوقت ذاته بتنظيم عدد كبير من الندوات الأدبية، مثلما ساهمت في ترشيح العديد من الشعراء والكتاب العرب للمشاركة في المهرجانات العالمية، كما صدرت عنها بضع أنطولوجيات وعدد من الكتب. وبالإضافة إلى النسخة الورقية المطبوعة، بدأت الآن بنشر أعدادها القديمة والجديدة وبيعها إلكترونياً. ومنذ أعوام استحدثت مسابقة غباش-بانيبال، التي تمنح جائزتها لأفضل ترجمة لكتاب عربي أدبي متميز إلى الإنكليزية خلال عام». أنطون شماس: كتابة على سفر وتحت عنوان «فلسطين: كتابة على سفر»، كتب الفلسطيني أنطون شماس مقدمة خاصة لملف الأدباء الفلسطينيين، جاء فيها: «هذا عدد خاص جداً من «بانيبال»، وليس فقط لأننا نحتفل، مع محررَيْها المخلصَيْن اللذين لا يعرفان الكلل، بعام المجلة الخامس عشر، بل لأننا نحتفل أيضاً بفلسطين. وإذ نفعل ذلك بمعونة لفيف خاص من الأصوات الفلسطينية الشابة التي تصوّر كتاباتُها خريطةً أدبية جديدة ومنعشة لذلك الوطن الذي هجره الخلاص، والتي يحقّق تواجدُها الجماعي غيرُ المسبوق هنا حلماً أدبيّاً راودَنا منذ وقت طويل، فإن «بانيبال» تؤكّد تعهدها المتواصل بأن تكون المجلةَ الأكثر انفتاحاً وجرأة وديموقراطية بين جميع المجلات التي تهتم بالأدب العربي الحديث». وأضاف شماس: «الدافع الأساسي من وراء هذه المبادرة الفلسطينية كان فتح البوابات الإنجليزية أمام أصوات جديدة مُفعمة بالقناعة من جميع أنحاء فلسطين. وهي أصوات شابة نسبيّاً، ليس بسبب السنّ بالضرورة، ولكن لكونها تتمتع بنضارة تجديدية ونظرة جديدة على الواقع الفلسطيني ربما لم تكن لتخطر في بال الجيل السابق. إنها نظرة فيها إجلال وولاء للجيل السابق من الشعراء والكتاب شبه الأسطوريين، ولكنها في المقابل ترفض طمسَ الذاتي والفردي، وتؤكد استقلالية الصوت الأدبي. هؤلاء في نهاية المطاف كتاب وشعراء لا يَبدون رهائن مسلوبي الإرادة ليوطوبيا الحلم الوطني الكبير، بل هم في الغالب أرهف إحساساً ووعياً بالواقع وأكثر حذراً في التعامل معه من منطلق البطولة، تملأهم الشكوك والأسئلة والقلق والوعي الكامل بالحدود والتحديدات التي للواقع الفلسطيني، وبحقهم المشروع في تحدّي هذا الواقع ومساءلته وإعادة تركيبه، وخصوصاً في مقاومته، بما تستطيع الكتابة الأدبية ان تمنحهم من القدرة على ممارسة النقد الثاقب الذي لا يعرف المهادنة، فالمقاومة التي يمارسها هذا الأدب هي من نوع مختلف: هي ضد قوى الظلام التي نهَبت الفلسطينيين زمانَهم ومكانَهم، وكذلك ضد القيادات الفلسطينية والعربية التي فرضت عليهم زماناً ومكاناً مستعارَين وجعلتهم رهائن محبسَين، منذ جرم أوسلو الشائن». وينهي أنطون شماس مقدمته بالقول: «لم يبقَ الآن شيءٌ لا يطاوله النقد أو آمناً داخل المحرّمات الوطنيّة، لا مقدّسات ثمّةَ ولا أشياء يُحظَرُ مسُّها؛ لم يعد هناك ما تحرسه الولاءات القديمة أو ما هو في مأمن من الرغائب والشهيات الجديدة. فمنظمة التحرير والمؤسسات الوطنية الأخرى لم تعد بقرات مقدسة، شأن البنية الاجتماعية في رام الله أو الاجتماعيات البنيوية لدى «عرب الداخل»، ناهيك عن البؤس المدقع الأصمّ في مخيمات اللاجئين الذين لا يطمئنّ لهم مضجعٌ، وهم دوماً من شتات إلى شتات. إنها كتابة على سفَر، تحاول الإمساك بواقع متقلّب لا يهدأ على حال، وتحاول أن تفقه -أدبيّاً- دلالات عالمٍ مخادع لم يعد صالحاً للاستعمال، مانحةً الشرعية المكانية لوجدان فلسطيني فقدَ منذ عقود طويلة التحامَه الوشيج بالمكان».