دخل الرئيس المصري محمد مرسي أمس على خط أزمة كتابة الدستور، عندما افتتح ما أسمته الرئاسة ب «الحوار الوطني» بلقاء منافسيه في الانتخابات الرئاسية عمرو موسى وحمدين صباحي وعبدالمنعم أبو الفتوح، في مسعى منه للتوصل إلى «توافق وطني» و «خروج آمن» للدستور المتنازع عليه بين القوى الإسلامية والقوى المدنية. لكن الاجتماع لم يخرج ب «رؤية موحدة»، بل غلب عليه تبادل الآراء. ويجتمع مرسي اليوم الأحد مع قيادات الأحزاب السياسية للبحث في نقاط الخلاف حول مسودة أولية للدستور، كما يجتمع بالمعارض البارز محمد البرادعي عقب عودته من البرازيل. وكان مرسي افتتح لقاءاته بالنخب السياسية المصرية، بلقاء الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية رئيس حزب المؤتمر (تحت التأسيس) عمرو موسى، وبعدها التقى مؤسس التيار الشعبي حمدين صباحي، قبل أن يختتم لقاءاته بمؤسس حزب «مصر القوية» الإسلامي المعتدل عبدالمنعم أبو الفتوح. وأفيد أن الاجتماعات تناولت الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، فيما شدد مرسي على ضرورة خروج الدستور الجديد في أقرب وقت وفي شكل يرضى عنه الجميع. وذكر بيان رئاسي أن اللقاءات ناقشت «المشهد الوطني بأبعاده السياسية والاقتصادية»، وأنها ركّزت على «أهمية الخروج بدستور يليق بمصر الثورة». وأوضح البيان أن رئيس الجمهورية استمع إلى ما طرحه عمرو موسى حول جهوده من أجل الشأن الوطني ودعم جهود التوافق الوطني، وأشار إلى إن موسى أبدى وجهة نظره في بعض الصياغات والمواد في المسودة المطروحة للدستور. وبخصوص لقاء مرسي بحمدين صباحي، نقل البيان عن الرئيس تأكيده «أن لا خيار لدينا سوى النجاح في هذه المرحلة مجتمعين... وأن أكثر من ثمانين في المئة مما يُطرح محل اتفاق من الجميع... والقضايا الباقية قابلة للتوصل فيها بالحوار إلى أفكار وصياغات متوافقة... حيث يتفق الجميع أن لا بد من الوصول إلى حالة استقرار دستوري انطلاقاً لاستقرار سياسي واقتصادي». ولفت البيان إلى أن صباحي طرح خلال اللقاء «رؤيته لعقد مؤتمر وطني للعدالة الاجتماعية... وفكرته للوصول إلى حل ناجز لأعمال الجمعية التأسيسية للدستور... والقصاص للشهداء». وفيما نقلت مصادر قريبة من صباحي أن الأخير طالب بإعادة تشكيل الجمعية بشكل يعبّر عن «توافق حقيقي» ويمثّل كل أطياف المجتمع المصري، الأمر الذي رفضه ضمناً الرئيس مرسي. وأصدر عمرو موسى بياناً، من جهته، أوضح فيه أنه دار «حديث مفصّل» عن الوضع السياسي والاقتصادي في مصر والتحديات والمشاكل القائمة وعملية إعادة البناء، وأن موسى شدد على ضرورة أن يكون الدستور «وثيقة محترمة وليست مسلوقة»، مؤكداً أن الوقت «ليس هو العنصر الوحيد أو حتى الرئيسي الذي يؤخذ في الاعتبار عند كتابة دستور البلاد ولكن جودة المنتج وتقبّل الناس له هو الأساس». كما رفض موسى اللجوء إلى التصويت في حل الخلافات حول مواد الدستور، وشدد على أن التوافق هو «الباب الوحيد لوجود قبول عام للدستور». من جانبه أوضح ل «الحياة» مستشار الرئيس للشؤون السياسية الدكتور عصام العريان أن الهدف من لقاء الرئيس المصري بالقوى السياسية هو «تجميع المقترحات حول مشروع الدستور وإرسالها إلى الجمعية التأسيسية لدرسها». ورفض العريان الذي يشغل عضوية الجمعية التأسيسية، وجود أزمة حول كتابة الدستور، معتبراً أن ما يثار «أزمة سياسية». وشدد على أنه لا يوجد مسار بديل سوى أن تستمر التأسيسية المنتخبة في أداء عملها. ويلتقي الرئيس مرسي اليوم (الأحد) رؤساء الأحزاب السياسية بكل انتماءاتها، فيما أبدت أحزاب ليبرالية ترفض تشكيلة الجمعية التأسيسية مرونة في حال الأخذ بتعليقاتها على المسودة الأولية للدستور التي خرجت قبل أسبوعين. وقال عضو الهيئة العليا في حزب «المصري الديموقراطي» الدكتور عماد جاد ل «الحياة»: «تلقينا دعوة لحضور اجتماع الرئيس وسنحمل مقترحاتنا حول الدستور». وأشار جاد إلى أن «القضية ليست إعادة تشكيل التأسيسية وإنما لدينا ملاحظات على المسودة الأولية للدستور ونطالب بتعديلات على بعض المواد... في حال الأخذ برأينا لن تكون هناك أزمة وسنقبل بهذا الدستور». أما على صعيد المناقشات التي تجرى داخل التأسيسية، فقد أوضح الناطق الإعلامي باسم الجمعية الدكتور وحيد عبدالمجيد أن التأسيسية ستبدأ اليوم الأحد عقد جلسات متتالية لإجراء مناقشات موسعة بين أعضائها حول مشروع المسودة الأولية للدستور الجديد «ليعرض كل من الأعضاء رؤيته الخاصة». واستبعد عبدالمجيد إجراء أي تصويت على مواد الدستور في الوقت الحالي، مشيراً إلى استمرار المناقشات حول المواد الخلافية، مقراً بأن المناقشات حول المواد الخلافية لم تشهد أي تقدم ولا يزال هناك خلاف حول مواد الحقوق الاجتماعية وبعض الحريات والنظام السياسي، إضافة إلى استمرار الخلاف حول سلطات رئيس الجمهورية والإدارة المحلية. في غضون ذلك، قضت محكمة القضاء الإداري في مجلس الدولة برئاسة المستشار حسونه توفيق نائب رئيس مجلس الدولة، بوقف بث البرنامج التلفزيوني الذي يقدمه المذيع خالد عبدالله على قناة الناس الفضائية لمدة 25 يوماً متتالية، مع منعه من الظهور أو إجراء أي مداخلات هاتفية لمدة مماثلة لوقف البرنامج. وكان المحامي محمد حامد سالم أقام الدعوى الصادر فيها الحكم وطالب فيها بوقف بث برنامج «مصر الجديدة» على قناة «الناس» ومنع المذيع خالد عبدالله من الظهور في الإعلام، مشيراً إلى أنه في 10 أيلول (سبتمبر) الماضي ومن خلال قناة «الناس» الفضائية التي «يشاهدها الملايين في مصر والعالم العربي والإسلامي»، قام خالد عبدالله بسب وقذف موكله المحامي ضابط الشرطة السابق عمر عفيفي المقيم حالياً في الولاياتالمتحدة، وأسند إليه أموراً «لو صحّت وكانت صادقة لأوجبت عقابه جنائياً ومدنياً... وأوجبت احتقاره عند أهل وطنه».