دمشق، بيروت، لندن - «الحياة»، ا ف ب، رويترز - يواجه المجلس الوطني السوري اعادة تنظيم وهيكلية جديدة خلال المؤتمر الذي يعقده اعضاؤه في الدوحة اعتباراً من نهار غد الاحد ولفترة اربعة ايام. وينتظر ان تشارك في هذا المؤتمر الموسع 420 شخصية تمثل 23 كتلة سياسية، بينها 13 كتلة ستشارك للمرة الاولى. ويتوقع ان يقر هذا الاجتماع توسيع المجلس بانضمام قوى معارضة جديدة اليه، كما ينتظر ان ينتخب هيئة قيادية جديدة ورئيساً جديداً. ووصف عضو مكتب العلاقات الخارجية محمد ياسين النجار، في حديث الى «الحياة» هذا المؤتمر بأنه «أكبر اجتماع في تاريخ المعارضة السورية»، موضحا أن من أبرز ميزاته مشاركة «الحراك الثوري» الذي يضم شخصيات من الداخل من كافة المحافظات ويمثل ثلث أعضاء المؤتمر، كما ستتم للمرة الأولى انتخابات «الأمانة العامة» للمجلس الوطني بطريقة القائمة النسبية بعد ان كان الاختيار يتم سابقا عن طريق التوافق. كما يناقش المؤتمر المشروع الذي قدمته «هيئة المبادرة الوطنية» لتشكيل حكومة انتقالية. وتوقع النجار ان يكون مقر هذه الحكومة اذا تشكلت في «المناطق المحررة» من شمال سورية. من جهة اخرى، وجه الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي ورئيس الحكومة وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم دعوات الى ممثلي المعارضة لعقد مؤتمر آخر في الدوحة يعقب مؤتمر المجلس الوطني. وجاء في نص الدعوة ان هدف هذا المؤتمر هو دراسة قرارات مجلس الجامعة حول الوضع في سورية وتداول المستجدات وتفعيل رؤية المعارضة وما جاء في وثائق مؤتمرها الموحد الأول في القاهرة وتنسيق الجهود من أجل «إنشاء هيئة قيادية وطنية تحظى بتأييد الشعب السوري» و»تمثل واجهة سياسية للمعارضة». وأوضحت مصادر ديبلوماسية عربية أن هذه الهيئة ستتجاوز المجلس الوطني السوري وسيكون منوطاً بها قيادة المعارضة في المرحلة المقبلة والتأسيس للمرحلة الانتقالية مع احتمال اعلان الحكومة الانتقالية. وكان رئيس هيئة أمناء الثورة السورية هيثم المالح حمل بشدة على المجلس الوطني السوري وقال ل «الحياة» إن «المجلس الآن في مأزق»، مرجعاً ذلك إلى فشل المكتب التنفيذي في تقديم أي شيء يذكر للثورة السورية. ودعا المالح قيادة المجلس الوطني إلى الاجتماع للتشاور واختيار مكتب تنفيذي وأمانة عامة جديدين، مشدداً على أن المجلس لا ينبغي أن يكون كما هو الآن، لأنه ليس فقط لم يقدم شيئاً للثورة وإنما لم يستطع تمثيل الثورة، منتقداً المكتب التنفيذي «الذي يريد الاستئثار بكل شيء» فيما تم «استغلال الأموال من أجل شراء الولاءات». وتتزامن الحملات على «المجلس الوطني» مع انتقادات وجهتها اليه وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون التي دعت الى «اطار اكثر شمولاً للمعارضة» واعتبرت ان المعارضة يجب ان تضم اشخاصاً من الداخل السوري وغيرهم. ورد المجلس في بيان على الدعوات الى قيام اطار بديل للمعارضة فابدى «جديته في الحوار مع كل اطياف المعارضة بشأن المرحلة الانتقالية وتشكيل سلطة تعبر عن كامل الطيف الوطني»، مؤكدا ان اي اجتماع في هذا الشأن «لن يكون بديلا عن المجلس او نقيضا له». وانتقد المجلس تصريحات كلينتون قائلا ان «اي حديث عن تجاوز المجلس الوطني او تكوين اطر اخرى بديلة محاولة لايذاء الثورة السورية وزرع بذور الفرقة والاختلاف». وقال عضو المجلس جورج صبرا «كل القوى السياسية التي نشأت في الداخل ممثلة في المجلس والا من اعطاه الشرعية؟». واضاف «اذا كان هدف توحيد المعارضة هو تسليح الجيش السوري الحر او دعم الشعب السوري واغاثته، فهذه كلمة حق. لكن اذا كان توحيد المعارضة يهدف الى مفاوضة بشار الاسد فهذا لن يحصل ولا يقبل الشعب السوري به». ميدانيا، حقق مقاتلو المعارضة امس مكسبا مهماً بسيطرتهم على مدينة سراقب في شمال غربي البلاد. ويضاف هذا التقدم الى سلسلة مكاسب حققوها في الفترة الماضية في شمال سورية. اذ اشار المرصد السوري لحقوق الانسان الى ان قوات النظام انسحبت من الحاجز الاخير الذي كانت تتواجد فيه في محيط سراقب، وان نحو 25 كيلومترا في محيط المدينة بات الآن خاليا من اي وجود لقوات النظام. ويكتسب هذا التطور الميداني اهمية لوقوع سراقب على تقاطع طريقين رئيسيين لامدادات القوات النظامية الى شمال البلاد، لا سيما كبرى مدنه حلب حيث تدور معارك يومية منذ اكثر من ثلاثة اشهر. ومع انسحاب قوات النظام من محيط سراقب الواقعة على تقاطع طريق حلب - دمشق وحلب -اللاذقية، بات النظام مضطرا للاكتفاء بطرق رئيسية وصحراوية في محافظتي الرقة ودير الزور لامداد قواته. وكان مقاتلو المعارضة قد سيطروا على طريق رئيسي يمر في بلدة معرة النعمان ويعتبر ممراً رئيسياً لامدادات قوات النظام من دمشق الى حلب. ويأتي انسحاب قوات النظام من سراقب بعد هجوم شنه مقاتلو المعارضة على ثلاثة حواجز في محيط المدينة ادت الى مقتل 28 جنديا على الاقل تمت تصفية البعض منهم بعد اسرهم. واثارت العملية انتقادات من منظمات حقوقية دولية والامم المتحدة. واعتبرت منظمة العفو الدولية اعدام الجنود «جريمة حرب محتملة». وقال رئيس لجنة حقوق الانسان في المجلس رديف مصطفى «نحض الجيش السوري الحر والحراك الثوري على الارض على محاسبة كل من ينتهك حقوق الانسان». والى جانب سيطرة مقاتلي المعارضة على سراقب استمرت المواجهات في بلدات غوطة دمشق التي سيطرت عليها المعارضة وتتعرض لقصف عنيف بالطيران الحربي. واظهرت اشرطة فيديو بثتها المعارضة على مواقع الانترنت الدمار الذي يخلفه القصف وبقايا الجثث في الشوارع. واشار «المرصد السوري» الى ان محيط مدن وبلدات حرستا ودوما وعربين وزملكا في الغوطة الشرقية التي هجرتها غالبية سكانها، يشهد اشتباكات يرافقها قصف بالطائرات الحربية والمدفعية.