من الشوارع وليس من المكتبات، يشتري عدد متزايد من أهالي زيمبابوي الكتب لأولادهم الذين يدرسون في كتب مقرصنة تتكبد دور النشر خسائر كبيرة مع انتشارها. وعلى رأس قائمة الكتب المزيفة، «الأدلة الدراسية ومناهج الاختبارات المدرسية التي تعتبر أكبر مصدر دخل لدور النشر في زيمبابوي»، على ما شرح شيبرد مورفنهيما من مجموعة «كولدج برس» التابعة لإحدى أقدم دور النشر في البلاد، شركة «ماكميلان» المتعددة الجنسية من أصل بريطاني والتي تملكها المجموعة الألمانية «هولتسبرينك». وبالنسبة إلى الأهالي، الجدل محسوم، فالكتاب الأصلي يكلف نحو 15 دولاراً، في حين يراوح سعر النسخة المزيفة بين 5 و 7 دولارات، وفق النوعية. ويُعتبر الفارق في السعر كبيراً في بلد تميّز بعد استقلاله في العام 1980 بنوعية تعليمه، لكنه لا يزال يعاني آثار أزمة اقتصادية امتدت عقداً. وفي غالبية الأحيان، يظن المشتري أن النوعية الرديئة تعزى إلى شوائب الطباعة من قبيل الغلاف الأصفر وبقع الحبر والصفحات المختلطة والتجليد الركيك. وتقول سيبونغيل جيلي الأستاذة المحاضرة في الجامعة الوطنية للعلوم والتكنولوجيا، إن «الشرطة لا تلاحق إلا باعة الأقراص المدمجة المقرصنة، وهي تمر مرور الكرام أمام التجار الجوالين الذين يبيعون نسخاً من الكتب الدراسية». ففي بلاد يمنع فيها المساس بشخصية الرئيس روبرت موغابي، الذي يتولى زمام الحكم منذ 32 سنة، وتفرض فيها عقوبات قاسية وغرامات طائلة على كل من ينتقد الرئيس، تُعَدّ القرصنة جنحة بسيطة. وأوضحت جيلي أنه «من الممكن تحسين النظام الجزائي بحيث تفرض على منتهكي القوانين عقوبات أقسى. وينبغي سحب الرخص التجارية من المطابع التي تمارس القرصنة ومصادرة النسخ المزيفة وإتلافها». ولفت الكاتب والشاعر موسايمورا زيمونيا إلى أن «دور النشر تملك مخزوناً كبيراً من الكتب، في حين أن التاجر الصغير الذي يعمل في السوق السوداء يلجأ إلى أبسط الحيل لكسب أموال على حسابها». ويقضي أحد الحلول ببيع الكتب بأسعار أرخص، لا سيما أن المدارس تفتقر إليها. وفي خضم الأزمة الاقتصادية في بداية الألفية الثانية، كان من المألوف أن يتشارك كل 20 تلميذاً كتاباً واحداً، على ما أوضح الكاتب. وهذا الوضع يؤثر مباشرة على دور النشر، التي تتراجع مبيعاتها في بلد يتعذر على كثر من أهله شراء كتب جديدة. وأكد مدير دار «بوك لوف بابليشرز» إيمانويل ماكادهو أن «شركات كثيرة ستضطر لإغلاق أبوابها إذا استمر الحال على هذا المنوال». وأسف زميله إدموند ماسوندير، الذي يتولى أيضاً نشر قصص للأطفال، لكون «غالبية كتبنا باتت تباع في الشوارع، فتراجعت مبيعاتنا وانخفضت معنويات الموظفين. ونحن لا نعرف بعد إذا كان من الأفضل الانتظار ريثما تُتخذ إجراءات لمكافحة الكتب المزيفة أو المبادرة بنشر كتب جديدة».