أفاقت نيويورك أمس، على مشهد أقرب إلى أفلام الرعب، بعدما غرقت مانهاتن في العتمة والفيضانات الناتجة من الإعصار «ساندي» الذي ضرب مساحة ألف كيلومتر مربع من الولاياتالمتحدة، الأوسع انتشاراً في تاريخ أعاصير البلاد، وتسبب في مقتل عشرات الأشخاص وأغرق مناطق واسعة في ظلام دامس إذ قطعت الكهرباء عن 8.1 مليون نسمة. وحددت تقارير قيمة الخسائر الأولية في نيويورك ونيوجرسي بأكثر من 30 بليون دولار مع تواصل عمليات الإنقاذ والإخلاء، فيما كانت الأضرار أقل من المتوقع في العاصمة واشنطن وولاية فرجينيا في حين اقفلت بورصة نيويورك يومين على التوالي للمرة الاولى منذ آذار (مارس) 1888. وستعاود البورصة التداول اليوم مع توقع تراجع اسعار اسهم الشركات القيادية وان ترتفع اسعار اسهم شركات الانشاءات. ومع الغاء اكثر من 15 الف رحلة طيران داخلية وخارجية من المناطق المنكوبة واليها سيتحتم على الركاب الانتظار نحو اسبوع لاستكمال رحلاتهم، خصوصاً ان حركة الطيران من نيويورك واليها تصل الى ربع حجم الطيران في الولاياتالمتحدة. ومع بلوغ الإعصار كندا، أعلنت السلطات هناك سقوط قتيل واحد على الأقل، وانقطاع الكهرباء عن حوالى 90 ألف شخص في مقاطعة أونتاريو (شرق). وأفادت هيئة الأرصاد الجوية الكندية بأن عين الإعصار «ساندي» ستصل صباح اليوم إلى منطقة البحيرات الكبرى قرب تورونتو، قبل أن يتبع خط وادي نهر سان لوران ويخسر من حدته. وقضى سكان شواطئ نيوجيرسي ونيويورك ليلة مضنية، مع تسجيل ارتفاعات قياسية لمستوى المياه وفيضانات هائلة أغرقت نصف مانهاتن في الظلام وسط توقف حركة وسائل النقل وغرق ما يصل الى 7 انفاق بالمياه وأعلن رئيس بلدية نيويورك مايكل بلومبيرغ انه لا يعرف بعد متى سيتم استئناف حركة النقل. وشملت حصيلة الضحايا 15 ولاية وبينهم 10 قتلى في نيويورك وحدها. وتدفقت مياه البحر التي ارتفعت إلى 4.15 متر، وهو ما لم يحصل منذ 1960، خصوصاً إلى الجهات الثلاث لشبه جزيرة مانهاتن، وجنوباً إلى حي باتري بارك. وشقت طريقها إلى «غراوند زيرو»، الموقع السابق لبرجي مركز التجارة العالمي اللذين دمرا في اعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) 2001. وفي الإجمال، أمضى حوالى 500 ألف شخص ليلتهم بلا كهرباء في نيويورك التي تضم 8.2 مليون شخص، وفق شركة «كون أديسون» للتوزيع، التي أعلن نائب رئيسها جون مكساد أن إعادة الكهرباء إلى كل المناطق ستستغرق بين 3 و4 أيام وربما أسبوعاً. واضطر مستشفى نيويورك الجامعي إلى إجلاء مرضاه بسبب انقطاع الكهرباء. وفي نيوجرسي، أكد الحاكم كريس كريستي أن الأضرار «فاقت بكثير ما كان متوقعاً»، مشيراً إلى أن الاتصالات مستمرة مع الحكومة الفيديرالية والرئيس باراك أوباما لإغاثة الولاية ومدن الشاطئ، خصوصاً أتلانتيك سيتي وشاطئ جيرسي. وقدرت «سي أن أن» أضرار الولاية وحدها ب20 بليون دولار. ووضع مفاعل «سالم 1» الواقع في هانكوكس بريدج على ضفة نهر ديلاوير في ولاية نيوجرسي خارج الخدمة، بعد تعطل 4 من 6 مضخات مياه فيه. كما أعلنت حال التأهل في مفاعل «أويستر غريك»، إثر تجاوز منسوب المياه ارتفاع المترين، وتهديده بتعطيل مضخات توزيع المياه داخله، ما قد يجبر مشغليه على استخدام إمدادات المياه المخصصة للطوارئ لتبريد قضبان وقود اليورانيوم المستنفد. وتابع الرئيس أوباما عن كثب تطورات العاصفة التي تأتي قبل أيام قليلة من التصويت في الانتخابات الرئاسية الثلثاء المقبل. وقد يستفيد أوباما من نجاح الحكومة الفيديرالية في احتواء الأضرار في الولايات التي ضربتها العاصفة، ومن الإشادات بقيادته حتى من حكام جمهوريين، بينهم كريستي الذي أكد أنه تحدث مرات مع أوباما، وحتى منتصف الليل، للبحث في مساعدة الولاية. وتلى ذلك، إعلان أوباما حال «الكارثة الكبرى» في ولايتي نيويورك ونيوجرسي، ما يسمح بتقديم مساعدة فيديرالية للمتضررين. ويتوقع أن يتسابق أوباما ومنافسه الجمهوري ميت رومني إلى الولايات المتضررة خلال الأيام المقبلة، من أجل إظهار تضامنهم مع المنكوبين، علماً أن استطلاعات الرأي تشير إلى تعادل المرشحين، وخوضهما سباقاً محتدماً في الولايات الحاسمة لجمع أصوات ال270 كلية انتخابية المطلوبة للفوز. وقالت وكالة «اسوشيتد برس» ان الكارثة ستطغى على الايام الباقية من الحملة الانتخابية وان اعلان ارقام البطالة الجمعة قد يتأخر كي لا يؤثر في المعركة. وفي الرياض أعلن مسؤولون أن المبتعثين السعوديين وأسرهم سلموا من تبعات «ساندي». وأكد الملحق الثقافي السعودي في الولاياتالمتحدة محمد العيسى، عدم تسجيل أية وفَيَات أو إصابات وسط المبتعثين. وذكر أنه تم إخلاء ما يصل إلى 300 مبتعث من الجنسين، نُقلوا إلى فنادق آمنة. وأوضح ل«الحياة» «أن جميع المبتعثين بخير».