كتب مأذون شرعي مقالاً يقول فيه بالخط العريض إن السبب في ازدياد معدلات العنوسة في مجتمعنا يعود إلى سفر الرجال للاستجمام في الخارج! وأن الفتيات بالخارج يقبلن بسهولة وبشغف للزواج من أي سعودي، ولأنهن أيسر مهراً ولأن فتياتنا يطالبن العرسان بمبالغ مالية تثقل كواهلهم، لذلك فهو يرى ان هذه فقط هي الأسباب لازدياد العنوسة في المجتمع وأغفل أو تغافل أو ابتعد عن ذكر الأسباب الحقيقية وراء هذه المشكلة التي تؤرق خواطر الجنس اللطيف. وبما أنني أحب ان أسمي الأشياء بمسمياتها الحقيقية من دون مواربة ومن دون استخدام بلسم للتلطيف، فالأسباب الحقيقية خلف ازدياد معدلات العنوسة (آتية) من فكر ثقافي مهيمن، أولها مشكلة التكافؤ الذي ابتلينا فيه والذي فرق الكثير من الأسر وشرد الكثير من الأطفال وحبس بعض الزوجات في دور الرعاية أو الحماية أو الإيواء! ثانياً كثرة التدخلات اللامنطقية في حياة الزوجين من عائلة الزوجة أو عائلة الزوج، وعدم السماح لهما بخلق بيئة زوجية سليمة على أسس تخصهما وحدهما وبالطريقة التي تناسبهما وتسعدهما. المفاخرة بالمهور المرتفعة والمبالغة في حفلات الزواج وكثرة الطلبات على اعتبار (أن الرجل الذي يشعر بمرارة الدفع وتعب كثيراً لتحقيق هدف الزواج) سيحافظ على الزوجة لأنه دفع فيها ولن يفرط بها بسهولة! وهذه الثقاقة لها شقان شق يتعلق بالزوجة ورغبتها في المفاخرة بمقدار المهر وشق يتعلق بثقافة الرجل الذي يرى أن الزوجة بلا طلبات ولا اشتراطات (هي زوجة تريد أن تلحق بركب المتزوجات وتخشى أن يفوتها قطار الزواج) فقط، وليس لأن لديها أو لدى أسرتها (رؤية راقية على أن الزواج ليس بيعاً وشراء)، وأنها مسألة إنسانية بحتة لا تتعلق بالماديات وليس لأن الرسول صلوات ربي عليه قال في ما معناه أكثرهن بركة أقلهن مهوراً. ثالثاً لأننا ما زلنا نسمع عن بعض العوائل التي تمنع رؤية الخاطب لخطيبته وتمنع التواصل الهاتفي وتمنع اللقاءات العائلية التي من شأنها السماح للشاب والشابة بمعرفة الآخر ومحاولة فهم طريقة تفكيره وإيجاد فرص لتحقيق التوافق الفكري ان وجد. والفكرة الثانية وربما هي المرتبطة جداً وهي فكرة الخوف من الخطيب (أن يتحدث بالسوء عن خطيبته السابقة) أمام الغير في حال حل الارتباط وعدم إكمال الزواج لسبب يتعلق بالعروسين وحدهما. على رغم أن فكرة السفر إلى الخارج وهنا اتفق مع الكاتب تمنح فرصة للرجل في رؤية زوجته المستقبلية والتحدث معها بسهولة ومعرفة هل تحقق هذه الفتاة أحلامه من عدمه! الثقافة الخاصة بموضوع حجز الفتاة لابن عمها (لأنه أولى بها من الغريب) ولأن الجدود أعطوا وعداً (لشيء لا يملكونه ولأنها مسماة منذ صغرها لفلان وعيب كبير أن ترفض إكمال الزواج حتى ولو كانت لا تريده وهو لا يريدها! ثقافة العيب من فك الخطبة التي تؤرق الكثير من الأسر على رغم ان الخطبة هي فقط إبداء الرغبة بالزواج (جدياً) وأنها ليست ملزمة في حال عدم وجود توافق ووجود عقبات واضحة تعوق التفاهم. فكرة عدم السماح للأبناء بالاستقلال بمساكن مستقلة يبدأون فيها حياتهم الزوجية رغبة في إبقائهم تحت سيطرة الأسرة وهذا السبب يمنع أو يحرم الزوجة أن تكون ملكة في بيتها حتى ولو كان غرفتين وصالة! [email protected]