قالت مصادر مصرية إن التحقيقات مع خلية «حزب الله» التي أُعلن تفكيكها في نيسان (أبريل) الماضي كشفت عن ضعف في الإجراءات التأمينية للحدود المصرية مع الدول المتاخمة، خصوصاً الحدود الجنوبية، وأن الأجهزة الأمنية ستعمل على سد هذه الثغرات في الفترة المقبلة. وأكدت المصادر ل «الحياة» أن السلطات المصرية ستدفع بمزيد من التعزيزات مع نشر مكامن في المناطق الجبلية والصحراوية المتاخمة للحدود مع السودان والتي كانت تستخدم من جانب عناصر خلية «حزب الله» في تهريب الأسلحة والدفع ببعض العناصر من السودان وإليه. وأوضحت أن الطبيعة الجبلية للمنطقة الجنوبية كانت تحول دون وصول أفراد الشرطة إليها، وهو ما سمح لمهربي أسلحة ومخدرات بالنفاذ من تلك المناطق حيث كانوا يستخدمون بدو الصحراء كمرشدين لهم لدرايتهم بطبيعة تلك المناطق. وأشارت إلى أن التحقيقات مع المتهمين في الخلية دلّت على أماكن تلك التخوم والممرات الجبلية و «سيتم تأمينها مع الدفع بتعزيزات على الحدود الجنوبية مع السودان». وقالت المصادر إن التحقيقات كشفت أيضاً أماكن إخفاء أنفاق التهريب الواصلة بين مدن شمال سيناء وقطاع غزة حيث تم تدمير تلك الأنفاق مع تعزيز الإجراءات الأمنية في مدن رفح والعريش حيث تكثر في المدينتين الأنفاق. ولفتت إلى أن عناصر الخلية دلّوا في اعترافاتهم على عدد من الممرات الجبلية في منطقة وسط سيناء والمتاخمة للحدود مع إسرائيل حيث استخدمتها الخلية في الدفع بعناصر فلسطينية إلى إسرائيل بعد تزويدهم متفجرات وأحزمة ناسفة لتنفيذ «عمليات استشهادية» هناك، كما أرشدت اعترافات المتهمين أجهزة الأمن على عدد من مهرّبي السلاح في سيناء وتم توقيف عدد منهم، فيما تواصل الشرطة بحثها عن الباقين. وأكدت المصادر أن أجهزة الأمن «ستكثّف من التعقب والتنقيب حول هويات مستأجري الشقق والفيلات المطلة على الممر المائي لقناة السويس، حيث تمكن عناصر الخلية من شراء عدد من الوحدات السكنية التي استُخدمت في رصد السفن والبواخر العابرة للقناة». وقالت إنها ستشدد أيضاً من إجراءاتها على الوافدين من الدول التي تشهد وجوداً للمليشيات المسلحة، خصوصاً لبنان، حيث تمكن أعضاء في الخلية من دخول البلاد بهويات مزورة مستخدمين أسماء مختلفة. وأكدت أن القاهرة ستعطي تعليمات مشددة لسفاراتها في تلك البلدان للتدقيق في الهويات الخاصة بالراغبين في دخول مصر. واطلعت «الحياة» على محاضر التحريات في قضية خلية «حزب الله» والتي أحيل عناصرها على نيابة أمن الدولة الأحد الماضي، حيث أكدت المعلومات والتحريات ارتباط قيادات التنظيم بعدد من المهربين والعناصر الجنائية العاملة في مجال التهريب للأشخاص والأسلحة والمتفجرات عبر الحدود الجنوبية بين مصر والسودان والحدود مع قطاع غزة حيث تمت الاستعانة بهم لتسهيل تسلل عدد من المتهمين إلى داخل البلاد أو خارجها، إضافة إلى تهريب الأسلحة والذخائر والأموال. وأشارت التحريات إلى ارتباط خلية «حزب الله» بفلسطينيين يقيم بعضهم في قطاع غزة وسبق لهم التسلل إلى مصر بهدف القيام بعمليات عدائية داخل البلاد وتدريب العناصر المدفوعة إلى الخارج على إعداد العبوات المتفجرة لاستخدامها في عمليات والإخلال بالأمن العام وإحداث أكبر قدر من الخسائر في التجمعات السياحية والسكنية وإثارة حال من الذعر والفوضى. وأوضحت محاضر التحريات أن عمليات استخباراتية أكدت أن القيادي في «حزب الله» محمد قبلان الذي تمكن من الفرار ومعاونه اللبناني محمد يوسف أحمد منصور وشهرته (سامي شهاب) أعدا برنامجاً حركياً وتنظيمياً لإعداد عناصر التنظيم في الداخل لتنفيذ ما يكلفون به من مهمات تنظيمية حيث اعتمد هذا البرنامج على التمدد بعمليات الاستقطاب إلى بعض المحافظات مع تلقين العناصر التي تم استقطابها كيفية التعامل مع الإجراءات الأمنية خلال لقاءاتهم واتصالاتهم بهم (مثل اختيار مكان لقاء مختلف في كل مرة، و «تشفير» الاتصالات عبر شبكة الإنترنت مع تغيير الشيفرة كل فترة، وتلقين عناصر التنظيم دورات أمنية تتضمن التدريب على كشف المراقبة وأسلوب حفظ الأوراق وكيفية كشف المراقبة والرصد). وقالت التحريات إن قبلان وشهاب كلفا عناصر التنظيم بتأسيس مشاريع تجارية بأسماء العناصر المستقطبة لاتخاذها ساتراً لتنفيذ المهمات، عُرف منها محل لبيع الجلود والتحف في محافظة بورسعيد ومكتب سفريات في منطقة فيصل التابعة لمحافظة الجيزة وبازار في منطقة نويبع في جنوبسيناء. وأوضحت التحريات أن المتهمين عكفوا على عمليات مسح القرى والمدن الواقعة على الحدود المصرية - الفلسطينية وإرسال النتائج إلى كوادر تنظيم الحزب في لبنان من خلال شبكة الإنترنت عقب تشفير المعلومات. وأكدت التحريات أن عناصر التنظيم في أعقاب مقتل قيادي «حزب الله» عماد مغنية كُلّفوا استقدام عناصر فلسطينية من خارج البلاد لإعداد وتصنيع العبوات المتفجرة مع قيامهم بتصنيع بعض العبوات والاحتفاظ بها لدى مهربي الأسلحة في شمال سيناء لاستخدامها عقب ذلك في القيام ببعض العمليات العدائية، كذلك تم تكليف المتهمين برصد وتحديد أعداد الأفواج السياحية الإسرائيلية المترددة على قرى ومدن جنوبسيناء وأماكن إقامتهم في الفنادق والقرى السياحية بها تمهيداً لاستهدافهم بعمل عدائي، إضافة إلى استئجار بعض العقارات المطلة على المجرى الملاحي لقناة السويس لاستغلالها لرصد البوارج والسفن التي تعبر القناة، خصوصاً الأميركية والإسرائيلية ليبدأ استهدافها بعمل عدائي، إضافة إلى استقبال العناصر «الاستشهادية» المدفوعة من الأراضي المحتلة إلى البلاد وتزويدهم بالحقائب المتفجرة ثم إعادة دفعهم مرة أخرى إلى إسرائيل للقيام بعمليات عدائية.