عاد مئات الجنود الفرنسيين من أفغانستان، وهم يعانون اضطرابات نفسية تتمثل في كوابيس وهلوسة وأرق وأحياناً ميول انتحارية. ويقدر الأطباء في الجيش عدد الجنود الذين تأكدت إصابتهم باضطرابات نفسية ب400 حالة. ووفق الدكتور باتريك دو فيار، رئيس مكتب العلاج النفسي في الجيش الفرنسي، فإن «هذا العدد سيرتفع». ويقول رئيس القسم النفسي في مستشفى بيرسي العسكري، الدكتور فرانك دو مونلو، إن الأعراض «قد تتمثل في الانعزالية وسرعة الغضب والعدوانية، ولا يعاود الشخص نشاطاً معيناً كان يقوم به في العادة أو يمتنع عن التفاعل مع أولاده». وهذه السلوكيات قد تتسبب بأثر مدمر في العائلة والمحيط العسكري. وتشمل الأعراض أيضاً نوبات قلق وهلع، وظاهرة استرجاع مشاهد الماضي التي تعيد إدخال الجندي في دوامة من الذكريات الصعبة نتيجة لما مرّ به خلال فترة خدمته. ويقول دو فيار: «الكوابيس قد تكون عنيفة إلى درجة أن الناس يرفضون النوم». وتبلور مفهوم هذا الاضطراب أولاً في الولاياتالمتحدة، بعد الازدياد الكبير في الحالات المشابهة لدى الجنود الأميركيين العائدين من حرب فيتنام. ولا تمثّل الحالات ال400 التي أحصيت في فرنسا سوى نسبة ضئيلة من أصل 60 ألف جندي فرنسي نُشروا في أفغانستان منذ عام 2001. إلا أن غالبية العسكريين الذين أرسلوا إلى أفغانستان عرضة لأن يظهر لديها هذا النوع من الاضطرابات. وعُزز التأهيل في صفوف الأطباء النفسيين العسكريين المرسلين إلى أفغانستان، في محاولة لرصد الإشارات إلى اضطرابات نفسية لدى الجنود في أسرع وقت ممكن. وتتم خصوصاً متابعة الجنود الذين واجهوا الموت، سواء كان حادثاً تعرضوا له شخصياً أو موت آخرين. ووفق الأطباء، فإن الفترة الأكثر ملاءمة لكشف اضطرابات ما بعد الصدمة هي الواقعة بين الشهرين الثالث والسادس. لكن الأعراض قد لا تظهر إلا بعد سنوات. وتشير الدراسات التي أجراها الجيش الأميركي في المقابل، إلى أن هذه الحالات باتت تشكل ظاهرة كبيرة في صفوفه، مع تسجيل إصابات باضطرابات ما بعد الصدمة لدى 20 في المئة من الجنود الأميركيين الذين أرسلوا إلى العراق أو أفغانستان. وطور الجيش الفرنسي، منذ سنوات، أساليب متابعة نفسية دقيقة للجنود لدى ذهابهم إلى أفغانستان وعند العودة منها. لكن، على رغم أن المعاناة النفسية باتت أمراً معترفاً به، فإن عدداً كبيراً من المشاركين في منتدى باريس لفت إلى مشاكل وصعوبات إدارية تواجه العسكريين وعائلاتهم كلما سعوا إلى المطالبة بحقوقهم.