فضّل يوسف العوفي شهيد سيول رابغ، الشهادة على البقاء في الحياة لبضع سنوات، بعدما أخذته النخوة والدافع الأخلاقي لأن يواجه الموت على ألا ينسحب. الشهيد العوفي رفض النجاة بنفسه، وترك الآخرين يصارعون الموت. سمع الصوت المستغيث منادياً، فهرول لتلبية نداء الواجب، مستعيناً بالله، وأحيا أنفس كانت تشرف على الهلاك. يوسف وياسر أحمد العوفي أخوان كانا في طريقهما لقريتهما «مغينية» حين دهمت السيول الطريق الذي يربط بين رابغ والقرى الواقعة شرق المحافظة، العاشرة مساء السبت الماضي. سيول صغيرة تقطع الطريق، ولكن الوصول كان ممكناً، حتى تعرض جزء من الطريق لهوجة كبيرة من السيل تسببت في تعطل بعض السيارات. يوسف وياسر كان بإمكانهما النجاة بعد أن شارفا على الخروج من السيل، لكن نداء استغاثة من شاب برفقة عائلته جعل العودة ومواجهة الخطر شرفاً لم يرفضاه. ويروي ياسر الذي نجا من تلك الملحمة ل«الحياة»، أنهما كانا على وشك الخروج من السيل بعد أن وصلا إلى نهاية الموجة التي ضربت الطريق، ولكن نداء استغاثة استوقفهما من شاب يقول إن معه 6 سيدات في سيارته. ويضيف ياسر: «قمنا أنا ويوسف بإخراج أربع نساء وأركبناهن الوايت، وعندما هممنا بالخروج، قال الشاب إن هناك سيدتين في السيارة التي جرفها السيل»، ويضيف ياسر: «كان بإمكاننا الخروج مع الوايت الذي خرج للنجاة من السيل، ولكن يوسف فضّل أن نخرج السيدتين من السيارة، وبالفعل أخرجناهما وبقينا متمسكين بعمود في الطريق، حتى لا يجرفنا السيل الذي أصبح يرفعنا، حتى تكاد أقدامنا ألا تلامس الأرض، وبعد ذلك جاء رجل يستغيثنا لإنقاذ ابنه الذي غرق أمام عينيه، وكان السيل يجرف سيارته للخلف وفيها أطفال ونساء، وحاول يوسف اللحاق بالسيارة، ولكن السيل تمكّن من جرفه، على رغم إجادته للسباحة، وبقينا نحاول الخروج من السيل حتى منّ الله علينا وخرجنا بعد ساعات عدة لجبل قريب من الطريق، ليكتب الله لي النجاة، ويكتب الشهادة ليوسف، والحقيقة أن هناك أناساً كثيرين ممن جاؤوا بعد الكارثة للمساهمة في إنقاذ المحتجزين، ولكن مشيئة الله نفذت». وكان 10 مواطنين قضوا بوادي تمايا في محافظة رابغ في منطقة مكةالمكرمة ليل السبت، بعدما جرفت السيول الناجمة عن الأمطار الغزيرة مركباتهم أثناء مرورهم بمواقع مجاورة لمجاري الأودية، وأدت السيول إلى انجراف عدد من المركبات في وادي تمايا، الواقع على بعد 35 كيلومتراً شرق المحافظة، وتم انتشال جثث الضحايا الذين وصل عددهم إلى 10.(للمزيد)