دعت الولاياتالمتحدة أمس إلى تشكيل تحالف دولي واسع في مواجهة تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق وسورية، عند انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في وقت لاحق هذا الشهر. وقال وزيرا الخارجية والدفاع جون كيري وتشاك هاغل في بيان مشترك أمس: «لا مجال لإضاعة الوقت في تشكيل تحالف دولي واسع لإضعاف التهديد الذي يمثله تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام والقضاء عليه في نهاية المطاف». ورأست بريطانياوالولاياتالمتحدة محادثات مع وزراء دفاع وخارجية ثماني دول حليفة، هي استراليا وكندا والدنمارك وفرنساوألمانيا وإيطاليا وبولندا وتركيا. وشدد البيان على أهمية تشكيل حكومة عراقية، مضيفاً أن الولاياتالمتحدة تأمل في أن يتم ذلك «في الأيام المقبلة». وجاء في البيان «ناقشنا بالتفصيل كيف يمكن حلفاء الحلف الأطلسي تقديم مساعدة فورية لحكومة جديدة». وعدد بعض الخطوات، مثل تقديم الدعم العسكري، ووقف تدفق المقاتلين الأجانب، والتحرك لمواجهة تمويل «الدولة الإسلامية»، ومعالجة الأزمة الإنسانية، و «نزع الشرعية» عن أيديولوجيا التنظيم. وأضاف البيان: «سنشكل قوة عمل متعددة الجنسية للمشاركة في المزيد من المعلومات عن تدفق المقاتلين الأجانب»، بعد نشر شريطي فيديو يظهران متطرفاً ملثماً يتحدث بلكنة بريطانية وهو يقطع رأس صحافيين أميركيين مخطوفين ويهدد رهينة بريطانياً. وفي نص البيان الذي وزعه مسؤولون أميركيون، قال كيري «يجب أن نكون قادرين على وضع خطة بحلول موعد اجتماعنا في الجمعية العامة للأمم المتحدة»، في وقت لاحق هذا الشهر. وأضاف: «إنهم (الدولة الإسلامية) ليسوا منظمين كما يعتقد الجميع، ولدينا التكنولوجيا والخبرة. من الواضح أن ما نحتاج إليه هو الإرادة للتأكد من ثباتنا ومثابرتنا». وزاد: «يتعين علينا أن نهاجمهم بطرق تمنعهم من الاستيلاء على أراض، وتعزيز قوات الأمن العراقية وسواها في المنطقة ممن هم على استعداد لمحاربتهم من دون إرسال جنودنا». أما وزير وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند، فقال لتلفزيون «بي. بي. سي» إن لندن لم تلتزم المشاركة في ضربات جوية ضد «الدولة الإسلامية» في العراق. لكنها ما زالت تبحث في إمكان التحرك عسكرياً ضد التنظيم. وكان رئيس الوزراء ديفيد كاميرون قال في افتتاح اليوم الثاني لقمة الحلف في نيوبورت، إن قادة الدول الأعضاء في الأطلسي ينددون ب «الأعمال الهمجية المقيتة» التي يرتكبها تنظيم «الدولة الإسلامية». وأضاف أن «تهديداتهم تزيد عزمنا على الدفاع عن قيمنا والقضاء على التنظيم الذي يهدد بإعدام رهينة بريطاني بعد أن أعدم رهينتين أميركيتين». وتحاول واشنطن، التي تشن منذ مطلع آب (اغسطس) غارات جوية على شمال العراق لوقف تقدم التنظيم، تنظيم تعبئة دولية، وقال مصدر ديبلوماسي فرنسي: «الجميع متفقون على ضرورة حصول رد دولي»، مضيفاً أن الرئيس فرنسوا هولاند أشار إلى ضرورة «الانتباه إلى كل أوجه النضال ضد التنظيم، بما في ذلك الجانب العسكري، وأيضاً التعاون مع الدول المجاورة في مسألة المقاتلين الأجانب». وعلى خلفية تقارير بأن رهائن من فرنسا وإيطاليا أُطلقوا لقاء فدية كبيرة، أكد كاميرون أن سياسة بريطانيا قائمة على عدم الدفع. ولا تزال بين المواضيع الرئيسية مسألة شرعيةِ تدخلٍ دولي وشن غارات جوية في سورية، علماً بأن غالبية الدول الغربية ترفض اعتبار الرئيس بشار الأسد شريكاً. وكانت مكافحة التنظيم محور عشاء لقادة دول الحلف مساء الخميس في قصر كارديف في ويلز، وقال الأمين العام للأطلسي أندرس فوغ راسموسن، إن الحلف سيدرس «بجدية» أي طلب يقدمه العراق لمساعدته في حملته ضد «الدولة الإسلامية». واعرب هولاند عن ترحيبه بفكرة تشكيل «قوة للرد السريع»، موضحاً أن ذلك يجب أن يتم «بموجب القانون الدولي». وتحاول باريس من جهتها تنظيم مؤتمر دولي خلال الشهر الجاري، شرط أن يتم تشكيل الحكومة العراقية. وتدخل مسالة تسليم الأسلحة إلى المقاتلين الأكراد الذين يحاربون متطرفي التنظيم شمال العراق ضمن «الإستراتيجية الشاملة» لمكافحته. وتزود سبع دول، بينها الولاياتالمتحدةوفرنسا وأيضاً ألمانيا وإيطاليا، مسلحي «البيشمركة» بالسلاح أو تعهدت بذلك. وتستعد ألمانيا خصوصاً لتسليم 30 منظومة مضادة للدبابات و16 ألف بندقية و8000 مسدس ألى الأكراد. أما بريطانيا التي تعتبر محط الأنظار بسبب الاشتباه بأن المتطرف الذي أقدم على إعدام الصحافيين الأميركيين يحمل جنسيتها، فقد تركت الباب مفتوحاً. وقال كاميرون إن بلاده مستعدة للمساهمة ب3500 عنصر في قوة «التدخل السريع» للحلف لمواجهة التهديدات الجديدة التي تشكلها الأزمة الأوكرانية والمتطرفون الإسلاميون في سورية والعراق. وشدد على أن الحلف يجب أن يكون قادراً على التدخل ، معرباً عن أمله في أن تتوصل الدول الأعضاء إلى على تشكيل هذه القوة ومقرها بولندا ويكون بالإمكان نشرها «في أي مكان من العالم في غضون يومين أو خمسة أيام لا غير». إلا أن المصدر الفرنسي اعتبر العراقيل كثيرة، لأن «داعش» أعلن إقامة «الخلافة» في أراض سورية وعراقية في الوقت ذاته. وأضاف: «في العراق هناك دولة تطلب المساعدة، وهذا إطار محدد. في سورية، هناك دولة ومعارضة وتنظيم الدولة الإسلامية. إنها عملية أكثر تعقيداً على الصعيد السياسي والقضائي، خصوصاً أن الأسد ليس شريكاً». ومن المقرر أن يتوجه وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى الشرق الأوسط بعد قمة الحلف الأطلسي. كما يفترض أن تعقد دول الخليج اجتماعاً السبت في جدة للتباحث في المسألة.