نائب أمير الشرقية يستقبل مجلس «طويق»    "القاضي": نستهدف رفع استثمار القطاع الخاص بالرياضة إلى 25%    قادة مصر والأردن وفرنسا يدعون إلى عودة فورية لوقف إطلاق النار في غزة    أمير جازان يدشّن حملة سلطان بن عبدالعزيز للتوحد    استعراض برامج "بهجة" أمام محافظ الطائف    علاج ورم ميلانومي في شبكية العين لمريضةٍ باستخدام تقنية SBRT في "مركز المانع للأورام" بالدمام    أسهم أوروبا تغلق عند أدنى مستوى في 14 شهرا بسبب الحرب التجارية    الرئيس اللبناني لوفد أمريكي : نزع سلاح حزب الله بالحوار    الأقمار الصناعية تفضح العبث الإسرائيلي بغزة    برنامج لقادة تقنيات المستقبل    الصحة: التحول الصحي أسهم في رفع متوسط العمر المتوقع لسكان السعودية إلى 78.8 سنة    ضبط 3 مخالفين لنظام البيئة    أمير الحدود الشمالية يستقبل مدير سجون المنطقة السابق والمعين حديثًا    استشهاد ثمانية فلسطينيين في قصف إسرائيلي    أمير الحدود الشمالية يستقبل المسؤولين والمواطنين في محافظة رفحاء    الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تنظِّم لقاء معايدة    طريقة كتابة الاسم التجاري المتوافق مع النظام الجديد عند تقديم الطلب    أمانة جمعية الكشافة تقيم حفل معايدة لمنسوبيها    المملكة تختتم أعمال الاجتماع الثالث لوكلاء اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية    السعودية تتأهل لكأس العالم لكرة القدم تحت 17 عاما للمرة الرابعة في تاريخها    مذكرة تفاهم سعودية إسبانية في كرة القاعدة والكرة الناعمة    "أمالا" تُثري بينالي الفنون الإسلامية بجلسات حوارية وورش عمل مبتكرة    انطلاق أعمال الاجتماع السابع لمجموعة تخطيط وتنفيذ سلامة المطارات (7/ASPIG)    وزارة الداخلية: غرامة 100 ألف ريال للشركات المتأخرة في الإبلاغ عن تأخر مغادرة الحجاج والمعتمرين    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. حرم الملك تكرم الفائزات بجائزة الأميرة نورة للتميُّز النسائي في الأربعاء    انفراجة لأزمة السودانيين العالقين بمعبر أرقين.. الدعم السريع ينفذ مجزرة تجاه مدنيين في «إيد الحد»    تونس تنجز عملية إخلاء مخيمات المهاجرين    صدح بالآذان 40 عاماً .. الموت يغيب المؤذن محمد سراج ليلة العيد    الزهراني يحتفل بزواج «أسامة»    زياد البسام يحتفي بلقاء العيد    العثور على تائهين في صحراء حلبان    المرور: الحجز والتنفيذ بعد انتهاء مهلة التخفيض    4.88 % عائد إصدار "صح" لشهر أبريل    في ختام الجولة 26 من دوري" روشن".. الشباب يتغلب على الوحدة.. والخليج يعمق جراح الرائد    ليالي في محبة خالد الفيصل.. معرض يجسد سيرة قائد وشاعر وإداري مبدع    حفل معايدة لأهالي «القرص» بأملج    المثالية بين الوهم والواقع.. عندما يكون العدل أولى من التسامح    نونو سانتو وكونتي وتن هاغ أبرز المرشحين لخلافته.. غضب جماهير الهلال يقرب جيسوس من البرازيل    العلاقة بين وسائل التواصل والتربية السليمة    غداً.. جدة تحتضن قرعة بطولة كأس آسيا للسلة    استقبل ونائبه المهنئين بعيد الفطر.. المفتي: حريصون على نشر العلم الشرعي بالأحكام العامة والخاصة    تأخر إجراء جراحة يفقد بريطانية ساقها    القصّة أثر تثقف 1000 طفل    من اختطف الهلال؟!    الجيل يقترب من دور «يلو»    "البصيلي": يستقبل المهنئين بعيد الفطر المبارك    "أخضر السيدات" للشابات يتعادل وديّاً مع البحرين    منصة TikTok فرعية للفنانين    أطفال الحارة الشعبية حكايا وأناشيد    ساعة على الهاتف تزيد من الأرق    دور غير متوقع للخلايا الميتة    إيران: عُمان وسيط المحادثات مع الولايات المتحدة    «أبوظبي» يطلق مؤشراً لقياس «قوّة ارتباط المجتمع باللغة العربية»    الأمير سعود بن نهار يستقبل المهنئين بمناسبة عيد الفطر    سمو أمير المنطقة الشرقية يستقبل المهنئين بعيد الفطر المبارك    أمير جازان يستقبل منسوبي الإمارة المهنئين بعيد الفطر المبارك    رجال الأمن.. شكراً لكم من القلب    مطلقات مكة الأكثر طلبا لنفقة الاستقطاع الشهري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الطريق الى هرمجدون
نشر في الحياة يوم 24 - 10 - 2012

يبدو المناخ أخرويّاً في منطقة الشرق الأوسط: عواصف «ربيع عربي» تَهب من «العدم»، قنبلة نووية فارسية تمهد الطريق لعودة «المهدي المنتظر»، ويهود متطرفون يقيمون شعائرهم في جنبات «الأقصى».
في خلفية المشهد وعلى أطرافه: عثمانيون جُدد يبشرون ب «خلافة» راشدة، وقياصرة ارثوذكس يسبحون في «مياه دافئة» لازورديّة، وإنجيليون ينتظرون «العودة الثانية» للمسيح على ظهر حاملة طائرات.
البعض يستحضر نبوءة أشعيا «وحي من جهة دمشق»: هي ذي دمشق تُزال من بين المدن وتصبح رجمة ردم»؛ والبعض الآخر يستحضر حديثاً شريفاً: «لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق ودابق»، أي في حلب وأعمالها. وهناك من يستحضر مرويات الخليفة الرابع علي بن أبي طالب: «إذا اختلف الرمحان بالشام، لم تنجل إلا عن آية من آيات الله. قيل: وماهي يا أمير المؤمنين؟ قال: رجفة تكون بالشام، يهلك فيها أكثر من مائة ألف، يجعلها الله رحمة للمؤمنين وعذاباً على الكافرين. فإذا كان ذلك، فانظروا الى أصحاب البراذين الشهب المحذوفة، والرايات الصفر، تُقبل من المغرب حتى تحل بالشام، وذلك عهد الجزع الأكبر والموت الأحمر، فإذا كان ذلك فانظروا خسف قرية من دمشق يقال لها حرستا. فاذا كان ذلك خرج ابن آكلة الأكباد على أثره ليستولي على منبر دمشق. فإذا كان ذلك فانتظروا خروج المهدي».
إنه حديث «نهاية الزمان» وظهور «المُخلّص». وهو ليس بحديث جديد، فلقد ارتسمت لوحة شبيهة بهذه اللوحة الأخروية قبيل اجتماع «حلف الراغبين» في حرب الخليج، قبل أكثر من عقدين. ولا غرابة في أن يستعيد أبناء هذه المنطقة حديث معركة «هرمجدون» النهائية، بين قوى الشر وقوى الخير، كلما ألمّت بهم مصيبة كبيرة. فلقد دأب أبناء هذا الشرق على اعتبار بلادهم «مركزاً للكون». إنها «مركزية» يستمدونها من حقائق التاريخ القديم، من جغرافيا المكان، من ذاكرة جمعية عميقة الجذور ومن أديان أولى وأساطير بدئية، فهم كانوا أول من اخترع العجلة، وأبدع الكتابة، والأبجدية، وهم كانوا أول من بنى المدينة - الدولة وشرّعوا القوانين وبنوا القنوات وروّضوا الحيوانات وزرعوا القمح في الحقول. وهم كانوا أول من نظر في السماء ووضع خريطة لكواكبها ونجومها وممراتها. وكان حكامهم يبنون الإمبراطورايات ويحملون لقب «ملك الجهات الأربع» ويعتقدون أنهم «أنصاف آلهة».
يرتبط حديث «نهاية الزمان» بفهم «خطي» للتاريخ يقف على الضد من ذلك «الدائري»، فالايمان ب «نهاية الزمان» يفترض أن للزمان «بداية»، أي أن التاريخ يسير في اتجاه خطي نحو نقطة في الزمان ينتهي عندها، أي أن للوجود غاية وقصداً وهدفاً، أي أن للتاريخ معنى ومغزى ومضموناً.
لكن ليس هذا هو حال ديانات الصين واليابان والهند، فالكونفوشية لا تهتم كثيراً بالميتافيزيقيات ولا تعرف شيئاً عن نهاية العالم، والشنتوية والتانكيروية اليابانيتان تنسجان على نفس المنوال، فالإنسان يجب أن يُعنى بهذا العالم ولا يجب أن يهتم بما يوجد خلف هذا العالم.
أما الهندوسية، فتؤمن بزمن «دائري»: الزمن يبدأ لينتهي، وينتهي ليبدأ. والزمن والخَلق ينتظمان في «دوائر»، وفي كل «دائرة» تنتظم دهور أربعة عظيمة. ولا تختلف البوذية عن الهندوسية كثيراً في هذا الاعتقاد.
أما في اليونان القديمة، فكان أن قرر أحد أباء الفلسفة، افلاطون، في محاورات «تيماوس»، أن العالم يعيش حالة «عود أبدي» وأن الزمن «دائري». وهو تحدث عن «السنة العظيمة»، وهي السنة التي تعود فيها الأجسام السماوية والنجوم الى مواقعها الاولى الأصلية، مُنهيةً بذلك دورة مكونة من دهور ثمانية.
في الأزمنة الحديثة، يتوصل اسحق نيوتن، ابو الفيزياء الحديثة، والذي كان عضواً في جماعة سرية باطنية، الى أن «نهاية العالم» سوف تكون في 2060. والوثيقتان اللتان تُفصّلان هذا التوقع تحوزهما المكتبة الوطنية اليهودية في القدس.
الى جانب الزرادشتية، يكاد يقتصر حديث «نهاية الزمان» على الديانات الإبراهيمية وحدها.
أثناء «حرب الخليج الثانية»، تداولت دوائر كثيرة الأحاديث عن ايمان جورج بوش ب «العودة الثانية» للمسيح. وكان ريغان قد أعلن أن جيله قد يكون شاهداً على تلك «العودة». أما اعتقاد احمدي نجاد بأنه يمهد الطريق لظهور «المهدي المنتظر» فاعتقاد لا تعرفه تقية. وهناك من همس بأن ايهود باراك يحتفظ في مكتبته الشخصية بكل الأدب «المسيحاني» الذي كتبه موسى بن ميمون، موسى الثاني، عن المسيح اليهودي المنتظر.
المشهد في الشرق العربي يبدو أخرويّاً: روسيا ترسل أكثر من ثلاثين طائرة من أحدث الطائرات لتكون قبالة السواحل التركية، اسرائيل والولايات المتحدة تحضران لتنظيم مناورات عسكرية هي الأضخم في تاريخهما، تركيا تحشد قوات عند الحدود مع سورية وترفع من مستوى جاهزيتها العسكرية، سورية تحرك ترسانتها الكيماوية، كلام عن تمركز قوات اميركية في الأردن للتعامل مع الكيماوي السوري، الأساطيل الغربية تزيد من تواجدها في البحر الأبيض المتوسط والخليج العربي، ايران تزيد من نغمة تهديداتها اثر العقوبات الغربية، والعراق يعقد صفقة اسلحة مع روسيا، السلطة الوطنية الفلسطنية تُهدد بحل نفسها و «مرشد الاخوان» في مصر، الدكتور محمد عاكف، يدعو الى الجهاد لتحرير «الاقصى».
يُذكر أنّه عندما بدأت شمس «الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس» بالأفول، قام الإنكليز بالطلب من الاميركيين «ملء الفراغ» في منطقة الشرق الأوسط، في بدايات الخمسينيات، مُنبهين الورثة الجدد الى أن «الشرق العربي» لا تخضع تفاعلاته بالضرورة لمنطق عقلاني يمكن قياسه رياضياً، فالأسطورة والدين في الشرق بوسعهما أيضاً أن يصنعا مسار التاريخ.
* كاتب فلسطيني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.