انتهى دور الجياد العربية الأصيلة في الحروب منذ زمن بعيد، إلا أن قبائل في تونس مازالت تحتفي بالجواد وتُقيم له مهرجاناً ... دولياً، ففي مدينة مكناسي جنوب غربي تونس اختُتمت اخيراً فعاليات الدورة التاسعة والعشرين من «المهرجان الدولي للجواد العربي الأصيل». وسر اهتمام المنطقة بالجياد كونها اعتادت على تربيتها منذ مرحلة الفتوحات العربية، فالخيول كانت العمود الفقري للدفاع عن القبيلة وشن الغارات على القبائل المنافسة، ما جعل كثيراً من الأسر تتخصص منذ قرون بتنقية فصائل الخيول وتهجينها كي تعطي فئات مُحسنة قياساً الى تلك المعروفة في مناطق أخرى. واستفاد أهالي مكناسي من مناخ منطقتهم ذات الطابع الزراعي للتركيز على تربية الخيول وتطوير نوعيات تتسم بالجمال والصلابة والسرعة. وبعد استقلال البلد عن فرنسا عام 1956 باتت جياد مكناسي العربية مُثبتة في السجل الوطني للخيول وحصلت على اعتراف المنظمة الدولية لتربية الخيول، وغدت مع مرور الزمن مصدراً لتنشيط الحركة الاقتصادية في المنطقة. واستفاد كثير من المربين من مشاركة جيادهم في مسابقات دولية للركض واستعراضات للخيول الأصيلة كي يحصدوا جوائز ذات قيمة. يُطلق المربون في مكناسي أسماء عربية على الأصناف التي يُجودونها ومن أشهر «جدات» الأصناف المنتشرة في المنطقة اليوم كريمة وإغاثة وحميدة وفجلة، ويُقال إن غالبية الأصناف الموجودة اليوم متحدرة منها. بثت فعاليات المهرجان الذي استمر ثلاثة أيام حيوية خاصة في المدينة التي اعتادت على الرتابة في باقي فترات السنة. ولدى انطلاق المهرجان طاف الفرسان في شوارع المدينة فوق متون جيادهم الأصيلة ورافقتهم فرقة موسيقية نحاسية، إضافة إلى استعراض للماجورات ما أضفى على المهرجان طابعاً شبيهاً بالمناسبات المماثلة في إيرلندا. وأقيمت على هامش المهرجان معارض مختلفة بينها معرض تراثي تحت الخيام وآخر للمشغولات التقليدية وثالث لمخطوطات شاعر تونس أبو القاسم الشابي الذي يحتفل التونسيون هذه الأيام بمئوية ميلاده. وجرت سباقات بين الفرسان في إطار «السباق الدولي للجواد العربي» حصل الفائزون فيها على جوائز، فيما أقيم عرض للأزياء والملبوسات التقليدية.