في اللغة، الأضاحي هي الأنعام التي تُذبح يوم النحر في أيام مباركة، تأسياً بسنة الأنبياء، بنية التقرب إلى الله تعالى، والإحسان إلى النفس وتزكيتها؛ المبعوث الأممي إلى سورية السيد الأخضر الإبراهيمي دعا طرفي النزاع «القاتل والمقتول، المُعتدِي والمُعتَدى عليه، الظالم والمظلوم»، دعاهم إلى القبول بهدنة موقتة أيام عيد الأضحى المبارك، لتأجيل قتل الأبرياء، وطلب الإبراهيمي من إيران «حليفة النظام السوري ضد الشعب» المساعدة في ترتيب هذه الهدنة، ولا أعرف سبب عدم دعوة روسيا الحليف الأكبر إلى المشاركة في ترتيبها، إلا إذا كان للبُعد الديني دور في الطلب الديبلوماسي. عجيب أمرك أيها الإبراهيمي، كيف تطلب من دكتاتور شَرِب ثقافة الظلم والعصيان هدنة وهو لم يستجب لأمر الله بإيقاف القتال في الأشهر الحُرم «ذو القعدة، وذو الحجة، ومحرم، ورجب»، ولا نعلم دور المرشد الإسلامي ذي العمامة السوداء في «قم» لإرشاد أصغر الدكتاتوريين العرب إلى الآية الكريمة وأسباب النزول، إذا كان في قلبه ذرة من إيمان! ذكّره أيها المرشد الفقيه، أن الرسول «صلى الله عليه وسلم» كان يرسل بعض السرايا للاستطلاع والسرية، وقد أرسل سرية على رأسها عبدالله بن جحش الأسدي، وأرسل معه ثمانية أفراد، وجعله أميراً عليهم، وأعطاه كتاباً، وأمره ألا يفتحه إلا بعد مسيرة يومين، وذلك حتى لا يعلم أحد أين تذهب السرية، وبعد ليلتين فتح عبدالله بن جحش الكتاب وقرأه فإذا به؛ اذهب إلى بطن نخلة، وهو مكان بين مكةالمكرمة والطائف، واستطلع عبر قريش، ولا تُكره أحداً ممن معك على أن يسير مرغماً، وبينما هم في الطريق ضل بعير لسعد بن أبي وقاص وعقبة بن غزوان، وذهبا يبحثان عن البعير، وبقي ستة مقاتلين مع عبدالله بن جحش، وذهبوا إلى بطن نخلة فوجدوا عمرو بن الحضرمي ومعه ثلاثة على عير لقريش، فدخلوا معهم في معركة، وكان هذا اليوم في ظنهم هو آخر أيام شهر جمادي الآخر، وتبين لهم في ما بعد أنه أول شهر رجب، وهو من الأشهر الحُرم. قتل المسلمون ابن الحضرمي، وأسروا اثنين ممن معه، ولما تبين لهم أنهم فعلوا ذلك في أول رجب، اعتبروا أن قتالهم وغنائمهم مخالفة لحرمة الشهر، وقد أثارت هذه المسألة الأخذ والرد بين المسلمين، وقالت قريش: إن محمداً يدّعي أنه يحترم المقدسات ويحترم الأشهر الحرم، ومع ذلك قاتل فيها وسفك دمنا، وأخذ أموالنا وأسر الرجال، فامتنع رسول الله «صلى الله عليه وسلم» عن الغنائم والأسرى حتى يفصل الله في الأمر، فنزل قول الله سبحانه وتعالى (يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قُل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكُفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون). فيا مرشد الجمهورية الإيرانية الإسلامية، ومُدَبّر سياستها ومُحرك توجهاتها، أنت تعرف أن ابنك البار بشار انتهك حرمة المحرمات، وضل سواء السبيل، وتعرف حق المعرفة أن البكاء على مقتل الحسين بن علي «رضي الله عنه» مظلوماً أوجع قلوب المسلمين وقض مضاجعهم، ويجب هذه المرة أن تعرف أن ذبح الأبرياء في أرض الشام جريمة وظلم لا يقل أثراً عن مقتل الحسين «رضي الله عنه»، «فكل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه»، فماذا أنت قائل يا سماحة الإمام لمن استباح دماء الشعب السوري وأموالهم وأعراضهم، لماذا لا نراك في «الحسينيات» تخطب رافضاً قتل الأبرياء، وتبكي من خوف العقاب الإلهي، كما بكيت على الإمام الحسين «رضي الله عنه»؟! أنتم في حكومة جمهورية إيران الإسلامية شهداء على التقيا المزيفة لحماية خلافة الأقلية العلوية، وروسيا والصين عبدة درهم ودينار، ينتظران نصيبهما من الكعكة الشرق أوسطية، فكيف تجتمع محبتكم لآل البيت مع قتلة ومجرمين وعبدة مال وشياطين إلحاد؟ تسمحون لأنفسكم بكيل التهم لمن يقيم من المسلمين علاقة مع أميركا والغرب، وأنتم تُحيطون أنفسكم بسياج طهارة المقصد، وقاتل شعبه يتمسح بصكوك الغفران والبراءة من لفائف العمائم. أرح أعصابك أيها الإبراهيمي، فالأضاحي في الشام هذا العام، ليست من الأنعام، على سنة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وسيكون الشيوخ والشباب والنساء والأيتام هم الأضاحي بآلة حرب النظام الأسدي، وتحت غطاء وعهدة «الملالي»، وإذا كُنت كما عهدناك تحمل شرف المهنة الديبلوماسية فانسحب كما انسحب سلفك السيد «كوفي أنان» بعد فشل مهمته، لأن حماية أرواح ما تبقى من الشعب السوري تكمن في تضامن وإرادة دولية لإزاحة النظام السلطوي بالقوة، وإلا دع أبطال الثورة فهم عازمون بمشيئة الله على إسقاطه، ويعرفون أن الثمن سيكون غالياً. الثورة السورية المجيدة أصبحت تواجه اللعب على المكشوف، ولم يَعُد للديبلوماسية مكان للنفاذ أو النجاح، الشعب السوري الثائر يواجه حلفاء النظام الأسدي «إيرانوروسيا والصين»، أما الولاياتالمتحدة الأميركية فهي تتلكأ محاطة برغبة وأمنيات الكيان الإسرائيلي بإطالة أمد الحرب حتى تخرج سورية منها محطمة ممزقة ومنهكة القوى، مثلما حدث أو رُسم للعراق، والعرب، وما أدراك ما العرب، فهم في الفرجة مبدعون، وفي التصريحات متألقون، ولأصابع الندم سيعضون، وهم على مشارفها قريبون... قريبون. [email protected] @alyemnia