خفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة إلى مستويات قياسية جديدة أمس وأطلق برنامجاً جديداً لضخ سيولة في الاقتصاد المترنح لمنطقة اليورو. وفي إجراءات تسلط الضوء على القلق المتزايد في شأن سلامة اقتصاد الكتلة، خفض البنك الأوروبي سعر الفائدة الأساسي إلى 0.05 في المئة من 0.15 في المئة. وكان رئيس البنك ماريو دراغي قال بعد آخر خفض لأسعار الفائدة في حزيران (يونيو)، إن أسعار الفائدة وصلت عملياً إلى القاع. وأعلن «المركزي» الأوروبي أمس، أنه خفض سعر الفائدة على ودائع البنوك لليلة واحدة إلى -0.20 في المئة، ما يعني أن البنوك تدفع نقوداً في مقابل إيداع أموال في «المركزي». وتوقف نمو اقتصاد منطقة اليورو في الربع الثاني من العام، وبدأت أزمة أوكرانيا تؤثر بشدة في ثقة الشركات. وقال دراغي في مؤتمر صحافي: «يرى مجلس المحافظين أن الاحتمالات الخاصة بالتوقعات الاقتصادية لمنطقة اليورو في جانب الهبوط، وقد يؤدي تراجع قوة الدفع الاقتصادية إلى تقليص الاستثمار الخاص وقد يسبب تزايد الأخطار السياسية مزيداً من الآثار السلبية في ثقة الشركات والمستهلكين». وخفض البنك المركزي توقعاته للنمو هذا العام إلى 0.9 في المئة فقط، ترتفع إلى 1.6 في المئة في 2015. وتباطأ التضخم في منطقة اليورو إلى 0.3 في المئة الشهر الماضي ليواصل انخفاضه عن هدف «المركزي» الأوروبي البالغ أقل قليلاً من اثنين في المئة ويزيد من أخطار انكماش الأسعار في المنطقة. وخفض البنك توقعاته للتضخم في 2014 إلى 0.6 في المئة ترتفع إلى 1.1 في المئة في 2015. وقال دراغي إن التضخم لو ظل منخفضاً أكثر من اللازم لفترة طويلة فإن مجلس المحافظين مجمع على التزامه استخدام «أدوات غير تقليدية» أخرى. وأوضح أن قرارات أمس لم تحصل على تأييد جماعي من زملائه على رغم وجود «غالبية مريحة». وأعلن أيضاً خططاً لإطلاق برنامج لشراء أوراق مالية مدعومة بأصول وسندات مضمونة للمساعدة في تيسير ظروف الائتمان في الكتلة. وتراجع اليورو إلى أدنى مستوى في أكثر من عام أمام الدولار بينما ارتفعت الأسهم والسندات الأوروبية بشدة بعد قرار «المركزي». وصعد مؤشر «يوروفرست 300» للأسهم الأوروبية الممتازة إلى أعلى مستوى في شهرين بعد قرار البنك ليرتفع 0.8 في المئة عن مستواه لدى بدء التعاملات إلى 1396.08 نقطة. ونزل اليورو إلى أقل مستوى في 14 شهراً في مقابل الدولار إلى 1.3036 دولار. في المقابل، أبقى «بنك إنكلترا» (المركزي البريطاني) أسعار الفائدة من دون تغيير مع استمرار الاقتصاد البريطاني في النمو على رغم أن الأخطار التي تهدد التعافي في الداخل والخارج ما زالت قائمة. وأبقت لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي على سعر الفائدة الرئيسي عند 0.5 في المئة وهو مستوى لم يفارقه منذ ذروة الأزمة العالمية قبل أكثر من خمس سنوات. وسيضطر المستثمرون إلى الانتظار نحو أسبوعين للوقوف على ما إذا كان هناك مزيد من صناع السياسة سيصوتون لصالح رفع أسعار الفائدة بعدما انشق اثنان من أعضاء اللجنة التسعة عن الصف في آب (أغسطس). وتراجع الجنيه الاسترليني قليلاً بعد قرار «المركزي» البريطاني ليصل إلى أدنى مستوياته في سبعة أشهر أمام الدولار. وفي ظل اتجاه معدل النمو الاقتصادي إلى تجاوز ثلاثة في المئة هذا العام توقع اقتصاديون استطلعت «رويترز» آراءهم، أن يرفع «بنك إنكلترا» أسعار الفائدة في مطلع 2015، وقد يكون ذلك قبل أشهر قليلة من إقبال مجلس الاحتياط الفيديرالي الأميركي على هذه الخطوة. وأبقى «بنك اليابان» (المركزي) سياسته النقدية بلا تغير وحافظ على رؤيته لاستمرار النمو الاقتصادي، في دلالة على الثقة بأنه يمكنه تحقيق المستوى الذي يستهدفه للتضخم والبالغ 2 في المئة من دون إنعاش نقدي إضافي. وكما توقع معظم المحللين، صوّت أعضاء لجنة صنع السياسة في البنك المركزي بالإجماع على الإبقاء على تعهد لزيادة القاعدة النقدية بوتيرة سنوية قدرها 60 - 70 تريليون ين (572 - 667 بليون دولار) من خلال مشتريات للسندات الحكومية والأصول العالية الأخطار.