ودّعت منطقة عكار اللبنانية أمس، الرقيب في الجيش الشهيد علي أحمد علي السيد الذي كان ذبح على يد مسلحي «داعش»، وفق شريط بثه التنظيم ليل الخميس الماضي، في ظل استمرار الجهود من أجل الإفراج عن العسكريين الآخرين المحتجزين لدى «داعش» و «جبهة النصرة»، في ظل تهديد الأول بذبح عسكريين آخرين ضمن مهلة نجحت الاتصالات في تمديدها يومين آخرين. وتعكف حكومة الرئيس تمام سلام في جلسة تعقدها اليوم، على بحث ملف التفاوض لإخلاء العسكريين المحتجزين تحت ضغط مطالبة أهاليهم بمبادلة هؤلاء بتحقيق مطالب يطرحها الخاطفون، وسط تباين بين اتجاهين، الأول يقوده سلام وعدد من الوزراء من أجل وضع آلية لهذا التبادل «تحت سقف القانون»، كما قال أحد الوزراء ل «الحياة»، والثاني يرفض المقايضة مع الخاطفين، ويخوض حملة إعلامية ضدها. (للمزيد) وعلمت «الحياة» أن سلام سيطرح الأمر على النقاش داعياً جميع الأطراف الحكوميين إلى تحمل مسؤولياتهم في هذا الصدد، باعتبار القضية وطنية لا يتحمل رئيس الحكومة وحده مسؤوليتها. وسيُطرح السؤال على معارضي المبادلة والمقايضة، إذا برز أن هناك من يعارض، عن الاقتراحات البديلة لضمان الإفراج عن العسكريين، «لأن هناك أرواحاً معرّضة في هذا الملف، وعلى الجميع أن يتحمل المسؤولية فيه». ومن المتوقع أن يحمل الفريق الحكومي الذي يشرف على تواصل الوسطاء مع الخاطفين، وسط التكتم على تفاصيل التفاوض، ملفاً عن الخطوات التي جرى البحث في اتخاذها لإخلاء سبيل موقوفين غير محكومين من الإسلاميين السجناء في سجن رومية كبادرة حسن نية من الجانب اللبناني إزاء الخاطفين، بعد فرز ملفات هؤلاء القضائية وتحديد المخارج التي تتناول كلاً من الحالات الاتهامية أو القضائية التي تواجهها، فضلاً عن تحديد الأولوية بالنسبة إلى جنسيات الذين يمكن إخلاء سبيلهم، بدءاً بالسوريين منهم. وفي وقت أعلن وزير العدل اللواء أشرف ريفي أمس أنه لا توجد صفقة في القضية، مؤكداً «أننا لن نفرّط بأولادنا لضمان خروجهم، ومنطق الصفقات هذا غير موجود، بل منطق المسؤولية»، أشار إلى «وجود خلية أزمة برئاسة الرئيس سلام، وهو يعمل بكل شفافية وروية نحو المصلحة الوطنية». وقالت مصادر معنية بالمفاوضات الجارية بتكتم مع «جبهة النصرة»، والتي يقوم بها الشيخ مصطفى الحجيري من عرسال كقناة رئيسة، إنها ساهمت في الحفاظ على التواصل وليس على المقايضة، من دون أن يعني ذلك أن هذا الأمر غير مطروح. وتابع اللبنانيون أمس بتأثر نقل جثمان الشهيد من المستشفى العسكري، بعدما أكدت فحوص الحمض النووي أول من أمس أن الجثة التي تسلمها الجيش تعود له، إلى بلدته فنيدق في عكار مروراً بالأوتوستراد المؤدي إلى البلدة، حيث أقام أهالي العسكريين المحتجزين لدى «النصرة» و «داعش» اعتصامات وتجمعات وقطع طرقات لمطالبة الحكومة بالإسراع في جهود الإفراج عن أبنائهم، واستُقبل نعش الشهيد في محطات عدة وأُوقف ونثر عليه الرز، وسط الغضب والحزن وإطلاق النار بكثافة. وعند مدخل عكار، وجّه والد الشهيد مختار بلدة فنيدق كلمة مؤثرة طالب فيها بعدم إطلاق الرصاص، وقال: «ابني شهيد الوطن، وأتمنى عودة جميع الأسرى وإذا كان ابني افتدى رفاقه وسيُطلق سراحهم فأنا أقبل بما حصل يا رب». لكن كلمات أخرى ألقيت، منها واحدة لعم الشهيد حملت على المسؤولين، وقال فيها: «سئمنا من الدولة، وستندمون». وفي مسقط الشهيد فنيدق، احتشدت عشرات الألوف حول النعش وتراكض الشبان لحمله على الأكف. وحضر المأتم نواب من المنطقة وممثلون لزعيم تيار «المستقبل» رئيس الوزراء السابق سعد الحريري ولقائد الجيش العماد جان قهوجي. وشهد بعض قرى عكار ردود فعل انفعالية، فطرد بعض الشبان نازحين سوريين، لكن نائب المنطقة خالد زهرمان ومشايخ فيها قاموا بتحرك يمنع التعرض للنازحين.