لم يكن السعوديون يتناقلون المعلومات والأخبار إلا مشافهة أو من وسائل الإعلام التقليدية، التلفزيون والإذاعة والصحف قبل عام 1417ه، حتى نسجت «الشبكة العنكبوتية خيوط اتصالاتها في أرجاء المملكة، لتتحول إلى مصدر رئيس، لتناقل المعلومات بصورة أوسع وفي معظمها غير مقننة، ليبدأ معها عصر انتشار الإشاعات. وظهرت إلى جانب الثورة المعلوماتية ثورة أخرى تلقفها المجتمع العربي عموماً والسعودي خصوصاً بشراهة كبيرة، وهي الهواتف المدمجة بكاميرات تصوير، بعد أن كان الهاتف الجوال للمحادثات الصوتية فقط، تحول إلى هوس تصوير، إذ لا تتوقف تلك الأجهزة عن التقاط كل ما يدور حولها. تلقف المجتمع السعودي الهواتف المزودة بكاميرا في بدايات الألفية الثالثة، لتولّد هوساً من نوع خاص، انعكس على موقع «يوتيوب»، إذ يجد زائره مشاهد لا يمكن حصرها، تم تصويرها على الأراضي السعودية. إدراكاً لتأثير هذه الظاهرة في المجتمع وفي صورة الوطن عموماً، حذّرت وزارة الداخلية من تصوير التجمعات الصغيرة في الأماكن العامة للمطالبة بإطلاق سراح محكومين أو متهمين بجرائم إرهابية، لاستخدام هذا التصوير من خلال وسائل إعلام وشبكة الإنترنت، وأشارت إلى أن الغرض منها «تزييف الواقع بهدف تأجيج الفتنة وزرعها». جاء هذا التحذير ضمن بيان مطول أصدرته الوزارة أول من أمس، لمنع التجمعات التي تناقلت مواقع إلكترونية مشاهد وصور منها، يظهر فيها الاهتمام الواضح بالتصوير والتوثيق والنشر الذي يقام بجهود فردية وذاتية. وتساعد الخدمات التي توفّرها أجهزة الجوال الذكية في رفع تلك الصور والمشاهد بسرعة إلى مواقع مختلفة، مثل «يوتيوب» و«فيسبوك» وغيرها. وتعد مواقع التواصل الاجتماعي وخدمات المحادثة من أكثر وسائل تداول الأخبار ومقاطع الفيديو والصور بأنواعها، ووسيلة رئيسة لنشر الإشاعات والأخبار المغلوطة، حتى باتت وجبة يومية على مدار الساعة، ويعتقد متخصصون أنها وسيلة خطرة جداً في حال استخدمت بطرق غير مشروعة. وتخلت معظم وسائل الإعلام عن بروتوكولاتها المتبعة في عدم نشر الصور والمشاهد، التي تفتقر الدقة في التصوير، وأصبحت أجهزة الجوال وكاميرات التصوير العادية مقبولة في نشرات الأخبار الرئيسة والبرامج المختلفة، ما أعطى شحنة تشجيعية لهواة هذا النوع من التصوير. وجاء تحذير وزارة الداخلية من تصوير ونشر مشاهد التجمعات بعد دراسة هذه المشاهدة، وتأثيرها في المشاهدين الذين أصبحوا لا ينتظرون تلك المشاهد، بل تأتي إليهم بسرعة البرق، وهذا النوع من التوثيق يمكن أن يستخدم في غير محله، لتأليب الرأي العام، وتشويه الصورة الوطنية بحسب بيان الوزارة. ويصف مراقبون البرنامج الشهير «واتسآب» بأنه «إدمان من نوع خاص»، فهناك من يستيقظ وينام عليه، وبات وسيلة تواصل من شرائح مختلفة من المجتمع، فهو لا يستثني صغيراً ولا كبيراً إلا وجعله ضمن كتيبته، وكمية المشاهد والصور والمعلومات التي ينقلها تهدد بخلق ثقافة تلقي الشائعة من دون البحث عن مصدرها الحقيقي.