توقع مسؤول مختص في صناعة الأسمنت (رفض ذكر اسمه) أن تعود أزمة الأسمنت للسوق السعودية، بعد موسم الحج، حيث سيرتفع حجم الطلب ويقل المعروض، محذراً من أن ذلك سيتسبب في توقف كثير من المشاريع في القطاعين العام والخاص. وقال ل«الحياة»: «إن ما حدث من أزمة في سوق الأسمنت العام الماضي ستعود هذا العام وتمتد من تشرين الثاني (نوفمبر) حتى شهر أيار (مايو) من العام المقبل، وهي الفترة التي ينشط فيها قطاع المقاولات ويطرح فيها كثير من العطاءات على المشاريع»، مؤكداً أن جميع مصانع الأسمنت تعمل بكل طاقاتها، إلا أن الطلب أكبر من حجم الإنتاج. ولفت إلى أن العام المقبل سيشهد عجزاً كبيراً، إذ من المتوقع أن يحتاج السوق إلى أكثر من 5 ملايين طن زيادة على حجم الإنتاج الحالي الذي يبلغ 52 مليون طن ونحو 48 مليون طن في العام الماضي. وذكر أن قطاع المقاولات والإنشاءات سيتضرر من جراء الشح الذي سيشهده قطاع الأسمنت، خصوصاً أن هناك عقبات كثيرة تعاني منها مصانع الأسمنت، منها الوقود، والحد من توسعها. وعن اتهام الكثير من أن المصانع تختلق تلك الأزمات، نفى أن يكون لها دور في تلك الأزمات، ولا سيما أن جميع المصانع تعمل بكل طاقتها وتهدف من ذلك إلى الربح، وتساءل كيف تقوم المصانع بالحد من الإنتاج وهي في الحقيقة تتنافس بينها لرفع حجم مبيعاتها والاستحواذ على جزء كبير من السوق ورفع إرباحها؟! ولفت إلى أن توقف أي خط إنتاج في أي مصنع سيتسبب في خسائر كبيرة، وهو ما سينعكس ضرره على الأرباح النهائية للمصنع، مشيراً إلى أن عملية الصيانة للمصانع ضرورية على رغم الأضرار التي تلحق بها جراء فترة التوقف. وأكد أن تصدير الأسمنت إلى الخارج أصبح الآن غير مجدٍ، بسبب ارتفاع الطلب داخلياً الذي يفوق المعروض، خصوصاً في ظل حجم المشاريع الموجودة في المملكة، لافتاً إلى أن الفترة التي يمكن التصدير فيها تكون في شهر رمضان فقط. من جهته، قال عبدالله حسن (أحد البائعين في أحد مراكز توزيع الأسمنت في الرياض) إن الطلب في الوقت الحاضر على الأسمنت مرتفع، وهناك تذبذب في الأسعار بحسب نوع الأسمنت وتوصيله إلى مقر مشروع العميل. وتوقع أن يكون هناك تزايد في الطلب في الفترة المقبلة عقب الحج، نتيجة طرح عدد كبير من المشاريع الإنشائية العملاقة التي سيتم تنفذها في المملكة خلال الفترة المقبلة، لافتاً إلى أن الكثير من المقاولين متخوفون من نشوء أزمات نقص للأسمنت في عدد من مناطق المملكة، نتيجة ازدياد الطلب، بعد فترة الركود التي شهدتها السوق خلال شهر رمضان. وأشار حسن إلى أن سعر كيس الأسمنت يراوح بين 13.50 و15 ريالاً بحسب نوعية الأسمنت وخدمة التوصيل، حيث يتوافر في السوق أكثر من ثلاثة أنواع، منها اليمامة وله أنواع بحسب الاستخدام، والبحريني والسعودي وجميعها متوافرة، ما عدا أسمنت اليمامة المعد للصبات والجسور فإنه يشهد شحاً كبيراً. من جهته، حذر المقاول عبدالله عوض من نشوء أزمة جديدة للأسمنت، خصوصاً أن هناك مؤشرات تؤكد أن المنطقة الغربية والمدينة المنور بدأتا تشهد شحاً في حجم المعروض من الأسمنت، مطالباً الجهات ذات العلاقة بتشديد الرقابة وليس على السعر فقط، وإنما على عمليات تجفيف السوق من المعروض. ولم يستبعد أن يكون لبعض شركات الأسمنت دور في تعطيش السوق ورفع الأسعار إلى مبالغ تصل إلى 20 ريالاً للكيس، في بعض المناطق، على رغم تحديد وزارة التجار للأسعار مسبقاً، إلا أن السوق السوداء برزت خلال العامين الماضيين بشكل واضح، ودائماً تظهر من دون مقدمات وتشترك في ذلك أطراف عدة. وأكد عوض أن الطلب المحلي تجاوز 52 مليون طن خلال العام الحالي، وتوافق ذلك مع إصدار الصندوق العقاري قروضاً لعشرات الآلاف من الدفعات الجديدة أسهم بشكل كبير في ارتفاع الطلب على الأسمنت، وهو ما جعل شركات الأسمنت لا تستطيع تصدير شيء من إنتاجها إلى الخارج. وأشار إلى أن حاجة المملكة إلى بناء 1.6 مليون مسكن جديد بحلول عام 2015 لتلبية الطلب المتزايد على الإسكان، يؤكد ان شركات التطوير العقاري الخاصة والحكومية بحاجة إلى بناء أكثر من 250 ألف وحدة سنوياً، وبالتالي ستواجه المملكة مشكلة إسكان كبيرة نتيجة تسارع النمو السكاني وتدفق اليد العاملة الأجنبية إلى المملكة، وهذا سيسهم في زيادة تنامي الطلب على الأسمنت خلال السنوات الخمس المقبلة.