«حرب ناعمة على العادات والتقاليد لدى الجيل الجديد». بهذه الجملة يختصر الخمسيني محمد التميمي وصف التقليعات الجديدة للاحتفالات التي بدأ يتوالى الإعلان عن النية بتنظيمها في عمّان. فبعد مهرجان الألوان الذي فاجأ المجتمع الأردني بإقامته في منطقة غابات حرجية غرب العاصمة، يقول التميمي: «انهالت على رأس الآباء وأولياء الأمور أسماء لمهرجانات لم يسمعوا بها من قبل». ويضيف التميمي أن هذه المهرجانات بدأت تقلق الأهل بسبب أسمائها الغريبة التي تعبّر عن انحلال، و «ممارسات غير أخلاقية» تحصل خلالها، ومهرجان الألوان خير دليل على ذلك. فقد تصدّرت أخيراً دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي لإقامة مهرجانات وُصِفت بأنها «دخيلة» على المجتمع وتقاليده، كان آخرها مهرجان «البيجاما» و «شرب الخمر». ولا يزال مهرجان الألوان الذي نظّم في مطلع آب (أغسطس) الماضي في متنزه عمّان القومي، يواجه انتقادات واسعة في المجتمع، على أنه طقس من طقوس الديانة الهندوسية الهندية. ووجه النائب الدكتور خير أبو صعيليك أسئلة إلى وزير الداخلية عن سبب السماح بإقامته، وما إذا كانت مورست فيه شعائر هندوسية، ومن هم المنظمون؟ وكان آلاف من الشبان الأردنيين احتفلوا بالدورة الأولى من مهرجان الألوان المستلهم من مهرجان «هولي» الهندي، وقدّموا عروضاً ورقصات موسيقية مع رش الألوان. وشنّت مواقع إخبارية هجوماً لاذعاً على الحكومة لسماحها بإقامته. «أزمة أخلاق» واعتبر الصحافي فارس حباشنة أن المهرجان يعبّر عن أزمة أخلاق بدأت تظهر في المجتمع الأردني. ودعا الحكومة والأجهزة الأمنية إلى وضع حد لهذه الخروقات والسلوكيات الغريبة والمستهجنة. فيما أثمرت ضغوط شعبية وقانونية عن إلغاء «مهرجان البيجاما» الذي كان من المقرر أن تنطلق فعالياته في 17 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، في متنزه عمّان. وكان المحامي طارق أبو الراغب تقدّم بشكوى إلى مكتب النائب العام ضد منظمي المهرجان وإقامته، بدافع «الحفاظ على قيم المجتمع وأخلاقه». واضطرت وزيرة الثقافة لانا مامكغ إلى إصدار كتاب رسمي يمنع إقامة المهرجان، ل «تعارضه مع عادات المجتمع وتقاليده». غير أن التركي ستيف إيزك المدير العام ل «ultra pajama festival» المنظمة للمهرجان، أكّد في تصريحات صحافية أن إلغاء المهرجان جاء بطلب من مسؤول كبير في الدولة، وليس بسبب دعوى قضائية. وأوضح إيزك أن هدف المهرجان إخراج جيل الشباب من الحزن المحيط به نتيجة الحروب والأزمات الدولية، وتجاوزاً لروتين الحفلات. وقال إن المنظمين تلقّوا 10 آلاف طلب من شبان وفتيات يرغبون في المشاركة. واعتبر أستاذ علم الاجتماع حسين الخزاعي هذه المهرجانات عبارة عن محاولات لإذابة المجتمعات الشرقية المحافظة بالغربية المنفلتة. وأردف الخزاعي أن هذه المهرجانات تهدف إلى استسهال السماع عن هذه الفعاليات من دون الشعور بالغضب، ما يحوّل ما كان في نظر المجتمع وصمة عار أو رذيلة إلى مباح أو حتى أمر فضيل ومحبب. وأشار إلى أن هذه المهرجانات عبارة عن تقليد أعمى لأخرى تنظّم في الغرب وتناسب مجتمعاته، لكنها «لا تناسب مجتمعنا الذي يملك خصوصيات دينية واجتماعية». خدش للحياء وأوضح الخزاعي أن خطر هذه الفعاليات يكمن عند فئة الشباب «المعرضين للخطر». ويصنفهم فئات عدة منها الملتزمون دينياً، والواعون اجتماعياً من دون التزام ديني، والمعرّضون للخطر الذين لا يملكون فكراً أو وعياً يمكّنهم من مكافحة مثل هذه القضايا التي قد تجرفهم نحو انحطاط سلوكي وأخلاقي على حدّ قوله. وناشد الخزاعي الجهات الحكومية المعنية بمكافحة مثل هذه الدعوات والفعاليات المخالفة للدين الإسلامي وللقوانين والأنظمة الأردنية، مؤكداً أن هذه المهرجانات تندرج تحت قانون العقوبات لأنها تخدش الحياء العام وتنشر الرذيلة في المجتمع. وأكدّ مدير العلاقات العامة والإعلام في وزارة الداخلية الدكتور زياد الزعبي، أن الوزارة لن تكتفي فقط بمنع المهرجانات والفعاليات التي تمس الدين الحنيف والعادات، بل ستلاحق أي دعوة لإقامتها وسيحاسب القائمون عليها.