إثر مواجهته موجة اعتراضات وانتقادات عاصفة، دافع رئيس الوزراء الهندي، مانموهان سينغ، عن سياسة الحوار مع باكستان. وكشف عن سياسة تبدو قصيرة المدى، ولكنها جزء من نهج استراتيجي حكيم. ويرى المعترضون أن الحوار مع باكستان هو علامة على ضعف حكومته. ولكن سينغ تمسك بأن الحوار هو الخيار الوحيد لإبعاد شبح الحرب، ومكافحة الهجمات الإرهابية. ولا شك في أن دواعي القلق من المشكلات مع باكستان لم تبدد في قمة شرم الشيخ بين رئيسي وزراء الهند ونظيره الباكستاني. ومن أبرز ما جاء في البيان الختامي هو تطرق سينغ الى قضية بلوشستان في إطار الحوار الثنائي مع باكستان. ولكن تصريحات رئيس الوزراء الباكستاني، يوسف رضا جيلاني، مربكة ومتناقضة. فهو أشاد بخطاب رئيس الوزراء الهندي في البرلمان، ووصفه برجل دولة، من جهة، وروج في باكستان الى أن إدراج بلوشستان في البيان الختامي لقمة شرم الشيخ هو اعتراف هندي بالضلوع في تمرد الاقليم، من جهة أخرى. ونفت الهند تورطها في بلوشستان، ورأى المبعوث الأميركي الخاص في أفغانستانوباكستان، ريتشارد هولبروك، أن أدلة إسلام أباد تفتقر الى الصدقية. والحق أن سياسة سينغ مع باكستان عقلانية. فهو يولي الامن الداخلي الهندي الاولوية، ويقول ان تحسن العلاقات مع باكستان هو رهن تعاون اسلام أباد في مكافحة الهجمات الارهابية. ولكن إسلام أباد تناور، وتحقق مكاسب في قضية بلوشستان على حساب القضايا الأساسية والاستراتيجية في الحوار بين البلدين. والنقاش الحاد في البرلمان الهندي على سياسات سينغ هو موقف مرحب به. وحريّ بالحكومة الهندية توخي الحذر، وتفادي تقويض المصالح العليا الهندية أو المساومة عليها في الحوار مع باكستان. وباكستان مدعوة الى ملاقاة الهند في منتصف الطريق. وعلى الحكومة الهندية طمأنة عامة الشعب والمعارضة الناشطة والصاخبة. * افتتاحية الصحيفة الهندية، 31/7/2009، إعداد جمال اسماعيل