يوم غد الخميس هو موعد الإعلان عن الفائز بجائزة نوبل للآداب هذا العام. لكن الغموض الذي سبق تحديد موعد الإعلان عن الجائزة التي تشغل الإعلام والرأي العام، شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً، في مثل هذه الفترة من العام، أدى إلى تضارب في توقعات المراقبين والمراهنين الذين بدأوا في ضخ المال في حسابات شركات المراهنات، خصوصاً شركة لادبروكس البريطانية التي افتتحت المراهنات على الفائز بنوبل للآداب عام 2012 مبكراً هذا العام، أي في نهاية شهر آب الماضي. وقد تقلبت حظوظ عدد محدود من الأسماء الأدبية الكبيرة في العالم سواء في مراهنات لادبروكس أو الشركات الأخرى في العالم، فالقائمة تقريباً هي نفسها، مع استثناءات قليلة. كما أن الأسماء التي تصعد وتهبط ضمن القائمة لدى الشركات المختلفة تعد على أصابع اليد الواحدة: الروائي الياباني هاروكي موراكامي يرابط على رأس القائمة منذ أسابيع، يليه الروائي الصيني مو يان، ثم الروائي وكاتب القصة القصيرة الإرلندي وليام تريفور، فكاتبة القصة القصيرة الكندية أليس مونرو، ثم الكاتب الهولندي سيز نوتيبوم، فالروائي الألباني إسماعيل كاداريه، فأدونيس، فالروائي التشيخي ميلان كونديرا. هذه الجائزة العالمية الكبيرة التي يسيل لها اللعاب، كما أنها تثير الجدل والصخب حولها في الوقت نفسه، تذهب في العادة، إلا في استثناءات قليلة، عكس توقعات المتابعين الذين يتسقطون أخبار لجنة نوبل للآداب السويدية، وتصريحات سكرتير اللجنة وتعليقاته التي تشوش التوقعات أكثر مما تدعمها. سكرتير الجائزة الكاتب السويدي بيتر إنغلوند لم يورد في صفحته على الفايسبوك أي شيء يلهب التوقعات، في دلالة على عدم وجود توجهات واضحة لدى لجنة الجائزة حتى هذه اللحظة، وربما في إشارة إلى انقسام اللجنة حول القائمة القصيرة التي يفترض أن يكون أعضاؤها توصلوا إليها وهم يقتربون من موعد الإعلان عن الجائزة. الشيء الوحيد الذي رشح عن الجائزة هو أن هناك 210 مرشحين، منهم 46 اسماً جديداً رشحت لنيل الجائزة هذا العام. ومن بين المرشحين الدائمين أدونيس الذي تعذبه التوقعات كل عام، على رغم أنه كان قريباً العام الماضي من الجائزة حتى اللحظات الأخيرة التي ذهبت فيها نوبل للآداب لصديقه الشاعر السويدي توماس ترانسترومر. ومع هذا فالأمر كله يقع في دائرة الحدس والتوقع، وربما ضمن تفضيلات المتابعين والقراء المهتمين بآداب العالم وثقافاته. لا شيء يبدو مؤكداً، لأن لجنة جائزة نوبل تحيط نفسها بسرية تامة، وسكرتير اللجنة لا يصرح بشيء يروي عطش المهتمين الذين يبدأون مبكراً في تسقط أخبار جائزة قادرة على إنقاذ الفائز بها من وهدة الفقر، والأهم من ذلك أنها ضمانة للانتشار في لغات العالم وثقافاته من خلال تسارع حمى الترجمة إلى لغات قد لا يكون الفائز قد تخيل أنه سيقرأ فيها. كثرة الأسماء الجديدة المرشحة لأول مرة هذا العام لا تعني شيئاً، لأن لجنة نوبل تنظر في ترشيحات السنوات الماضية، وتفاضل في العادة بين عدد من الأسماء التي تكرر ترشيحها على مدار السنوات. لا يعني هذا أيضاً أن الأسماء العتيقة على قائمة الترشيحات هي أكثر حظاً من الأسماء الجديدة، فالعكس هو ما يحصل أحياناً، ومثال ذلك الروائي التركي أورهان باموك الذي فاز بالجائزة عام 2006 متخطياً الأسماء المزمنة على قائمة نوبل، ومنها توماس ترانسترومر وأدونيس وجويس كارول أوتس وفيليب روث وكو أون. الأسماء المتوقعة هذا العام هي نفسها تقريباً حتى الآن: الشاعر الكوري الجنوبي كو أون، والشاعر العربي السوري أدونيس، والشاعر البريطاني جون آشبري، والروائي الإسباني خوان غويتيسولو، والروائيون الأفريقيون: تشينوا أتشيبي ونغوجي واثيونغو ونور الدين فرح، والروائية الجزائرية بالفرنسية آسيا جبار، والروائي الألباني إسماعيل كاداريه، والروائيون الأميركيون: فيليب روث، وكورماك ماكارثي وجويس كارول أوتس، والشاعر الصيني باي داو، والكتاب الإسرائيليون: عاموس عوز وديفيد غروسمان وأ. ب. يهوشواع، وآخرون. لكن الأسماء المتداولة بقوة هي: هاروكي موراكامي، مو يان، إسماعيل كاداريه، ميلان كونديرا، سيز نوتيبوم، فيليب روث، كو أون وأدونيس. لكنني أتوقع أن تذهب جائزة هذا العام إلى روائي (كاداريه، كونديرا، روث، جويس كارول أوتس، مو يان) أو مسرحي (الكاتب البريطاني توم ستوبارد، أو الكاتب الكيني نغوجي واثيونغو) أو كاتب قصة قصيرة (الكندية أليس مونرو، أو الإرلندي وليام تريفور)، لا إلى شاعر، خصوصاً أنها ذهبت العام الماضي إلى الشاعر السويدي توماس ترانسترومر. لذلك، تتقلص حظوظ أدونيس هذا العام أيضاً، إلا إذا حصلت معجزة وأرادت جائزة نوبل للآداب مكافأة الربيع العربي بأثر رجعي.