محافظة جنوب لبنان مليئة بالمعالم الأثرية والقلاع الإستراتيجية المهمة، وتأتي بلدة تبنين التي تضم قلعة باسمها في منطقة جبل عامل التابعة لمحافظة النبطية كواحدة من القلاع العريقة الباقية التي تحكي قصة تاريخ مجيد وماض تليد. اكتسبت بلدة تبنين شهرتها تاريخياً من قلعتها. وأول من وضع الحجر الأساس لقلعتها هم الآراميون منتصف القرن التاسع قبل الميلاد. وقد أطلق عليها اسم تبنين، وتعني بالآرامية البناء المشيّد. وعرفت أيضاً باسم طورون وطور. في تلك العهود أضحت ملتقى القوافل الكبرى من دمشق إلى السواحل، وكانت تنازعها في ذلك مدينة طبريا الفلسطينية نظراً إلى قصر الطريق مع وعورتها في الأولى، وطول الطريق مع سهولتها في الثانية. أهم المعالم الأثرية والسياحية في تبنين: القلعة، الحصن، المنازل القديمة، وغابة الصنوبر. إذا وقفنا عند القلعة، نجد أن ما يعطيها سمة خاصة هو ارتفاعها عن سطح البحر 750 متراً، وتبلغ مساحتها 25 ألف متر مربع. وهي مستديرة الشكل يبلغ قطرها 180 متراً وعدد أبراجها عشرة. أوسع أبراجها هو البرج الغربي المطل على وادي السلطانية والمعروف باسم برج أبي حمد. يقابل القلعة من الناحية الجنوبيةالغربية ربض (مسكن) يبعد عنها قرابة المئتي متر، مساحته لا تزيد عن الستمئة متر، له أربعة أبراج، بني للمراقبة على تلة صغيرة يوازي علوها علو القلعة، ويقال إن بينه وبين القلعة نفقاً، ولكن ليس لدينا ما يثبت ذلك. والقلعة منيعة من الناحية الغربية ويستحيل على القادم دخولها من هناك، والمعروف أنها محاطة بخندق في بقية الجهات الثلاث، إذ إن الأراضي المحيطة بها تسمى الخندق. ولعل الخندق رُدم مع مرور الزمن. وقد حفر أهالي البلدة في الأراضي المحيطة بها من الناحية الجنوبية وعثروا على أحجار صخرية ضخمة أغلبها مستطيل بطول متر وعرض وارتفاع قرابة ستين سنتمتراً، يستحيل إزاحتها إلا بالعتلة وجمع من العمال الأقوياء أو الآلات الحديثة. والدخول إلى القلعة يتم من الناحية الجنوبية، بالصعود على درج مرصوف بالأحجار الصخرية الملساء، يبلغ علو الدرجة عشرة سنتمترات وعرضها يتراوح من أربعة إلى ستة أمتار وفق اتساع الطريق. ومع الزمن أصبح الممر مبرياً يصلح لمرور السيارات. وقبل أن تصل إلى المدخل، يلفت نظرك حجر صخري بشكل مقعد يبلغ طوله المتر، له متكأ ويعرف بسرير البدوية. وهناك بعض الأحاديث الخرافية عنه لا مجال لذكرها. يلي هذا الحجر بناء بشكل قنطرة تحت الحائط القريب من برج المدخل، يقال إنه المدخل السري للقلعة وحسب. وكنا نسمع من أهالي البلدة أن باب القلعة نقله أحمد باشا الجزار إلى عكا بعد مقتل سيدها ناصيف النصار، ووضع الباب لمدخل قلعة عكا. وأخيراً قامت القوات النروجية العاملة في قوات الطوارئ الدولية بصنع باب للمدخل ابتكر تصميمه ليتلاءم مع البناء. والحصن عبارة عن سكن كبير يقع عند الناحية الجنوبية للقلعة ويشرف على المنطقة الجنوبيةالغربية، ويتألف من أربعة أبراج متصلة. وقد بقي الحصن قائماً حتى عام 1965 وكان مقراً للقوات العسكرية لما يتضمنه من أنفاق. أما المنازل القديمة فلا تزال موجودة في بعض الأحياء، وما زال أبناء البلدة يحافظون على هذه المعالم باعتبارها تراثاً قديماً وكنزاً ثميناً. غابة الصنوبر والسنديان هي المتنزّه الأفضل والأهم في المنطقة، حيث يقصدها المتنزهون من القرى المجاورة بهدف الراحة في مكان ظليل وهادئ جداً.