في اليوم الرابع من المواجهات عبر الحدود السورية التركية أعلن مقاتلو المعارضة السورية أمس سيطرتهم على قرية خربة الجوز في جسر الشغور الواقعة في محافظة إدلب. وتقع خربة الجوز مقابل قرية غوفيتشي في محافظة هاتاي التركية على الجانب الآخر من الحدود ولا تبعد عنها أكثر من كيلومترين. وكان الجيش السوري أطلق قذيفتين أمس سقطتا داخل الحدود التركية خلال الاشتباكات التي كانت تدور بينه وبين قوات المعارضة. ورد الجيش التركي بإطلاق قذائف الهاون على مصدر القصف السوري. وجاء في بيان لمحافظة هاتاي أن هذا القصف كان يستهدف مقاتلين من المعارضة السورية ينتشرون قرب الحدود. وسقطت القذيفة الأولى على مسافة 50 متراً داخل الأراضي التركية في الساعة السابعة صباحاً بالتوقيت المحلي. وردت نقطة غوفيتشي الحدودية بأربع قذائف من مدفع مورتر عيار 81 ملليمتراً، وأطلقت النقطة الحدودية قذيفتين أخريين بعد سقوط قذيفة المورتر الثانية في حوالى الساعة 11:30 صباحاً بالتوقيت المحلي. وذكرت قناة «أن تي في» التركية، أن سورية أمرت طائراتها الحربية وطائرات الهليكوبتر بعدم الاقتراب لمسافة عشرة كيلومترات من الحدود التركية وأبلغت وحدات مدفعيتها بعدم إطلاق قذائف على مناطق قريبة من الحدود. وفيما تناقلت مصادر إعلامية تركية ودولية أن الرئيس بشار الأسد طلب من قواته البقاء بعيداً عن حدود تركيا نحو عشرة كيلومترات، لم تؤكد دمشق أو أنقرة ذلك، علماً أن إنشاء هذه المنطقة العازلة داخل الأراضي السورية كان أحد المطالب الرئيسية للمجلس الوطني السوري والجيش السوري الحر. وقالت وكالة أنباء الأناضول التركية الرسمية إنه جرى إرسال عدد كبير من القوات التركية إلى منطقة أونكوبينار الحدودية في إقليم كيليس. ويأتي الرد التركي على مصادر النار السورية بعد يوم على التحذير الذي وجهه رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان إلى دمشق من تكرار استهداف الأراضي التركية. وقال أردوغان أمام تجمع لأنصار حزبه «العدالة والتنمية» في إسطنبول: «أقولها مجدداً لنظام الأسد ولأنصاره، لا تغامروا باختبار صبر تركيا، ستخرج من هذا الحادث منتصرة من دون أي خدش وستواصل طريقها». وأضاف: «أما أنتم فستُسحقون تحته، ستدفعون ثمناً باهظاً جداً». وكان البرلمان التركي منح الحكومة تفويضاً بشن عمليات عسكرية داخل الحدود السورية رداً على قصف الأراضي التركية. إلى ذلك زار الرئيس بشار الأسد أمس ضريح الجندي المجهول في جبل قاسيون في دمشق ووضع عليه إكليلاً من الزهر بمناسبة الذكرى التاسعة والثلاثين لحرب أكتوبر 1973. وأكد وزير الدفاع السوري فهد جاسم الفريج تصميم الجيش على استعادة الأمن والأمان إلى ربوع سورية. وقال إن بلاده ستنتصر قريباً على «الحرب الكونية» التي تخوضها. وكان القتال استمر أمس في مختلف المناطق السورية، لا سيما في حمص، في حين أعلن التلفزيون الرسمي القضاء على عدد من «الإرهابيين» في حلب بينهم أربعة أتراك. وقصفت قوات النظام حي الخالدية وسط حمص الذي تعرض للاستهداف بالطيران الحربي نهار الجمعة. وفي دمشق شهد حي المهاجرين انتشاراً كثيفا لعناصر الأمن مع تمركز عدد من القناصة وعمليات دهم وتفتيش للمنازل في الحي، كما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان. كما تعرضت بساتين الغوطة في ريف دمشق للقصف بعد يوم على إسقاط المعارضة طائرة في هذه المنطقة حيث تشدد قوات النظام حملتها. وفي حلب، تعرضت أحياء السكري والعامرية والمرجة ومساكن هنانو والفردوس والصالحين والسكري والفردوس للقصف. ونقل مراسل فرانس برس عن مصدر عسكري أن عدداً من الحواجز العسكرية بالقرب من الجامع الأموي تعرض لهجمات من المقاتلين المعارضين في ساعة مبكرة من صباح أمس. وفي واشنطن جاءت تصريحات وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون التي دانت فيها القصف السوري داخل تركيا، وتأكيدها على «خطورة الوضع وضرورة التقاء الدول المسؤولة لإقناع نظام الأسد بوقف النار وبدء عملية المرحلة الانتقالية السياسية»، لتعكس سعي واشنطن نحو التهدئة واحتواء أي تصعيد عسكري. وتقول مصادر قريبة من الإدارة الأميركية إنها تفضل العمل عبر الأممالمتحدة ومجلس الأمن، في ظل استبعاد المراقبين وصول الأزمة التركية -السورية إلى مستوى الحرب، ولأسباب تندرج بانشغال القوات السورية بأزمتها في الداخل، وتردد أنقرة في الدخول في أية مواجهة من دون غطاء دولي ومن دون إجماع داخلي. كما تتمسك الإدارة بخيار الحل السياسي كمخرج للأزمة في سورية، بغض النظر عن انشغالها في الانتخابات الأميركية. وفي طهران، طالبت وزارة الخارجية الإيرانية بالإفراج الفوري عن عشرات الإيرانيين المخطوفين في سورية منذ بداية آب (أغسطس) الماضي من قبل مجموعات مسلحة، وحذرت من أن هذه المجموعات ستتحمل المسؤولية عن حياتهم. وكان المقاتلون السوريون هددوا بقتل كل الرهائن الإيرانيين اعتباراً من أمس، إذا لم ينسحب الجيش السوري من منطقة الغوطة الشرقية. وبث الخاطفون الذين قالوا إنهم ينتمون إلى «كتيبة البراء» التابعة للجيش السوري الحر، شريطاً مصوراً على الإنترنت في 5 آب (أغسطس) الماضي أعلنوا فيه خطف 48 إيرانياً قالوا إن من بينهم ضباطاً في الحرس الثوري الإيراني. وافاد مسؤول دولي ان مختار لاماني رئيس مكتب الموفد الدولي الى سورية الأخضر الإبراهيمي في دمشق التقى أمس افراداً من المعارضة في جنوب سورية في اطار «التواصل والتحاور» مع جميع اطراف النزاع في البلاد. وقال المتحدث باسم بعثة الاممالمتحدة في دمشق خالد المصري لوكالة «فرانس برس» ان «لاماني توجه الى منطقة اللجاة وقابل عددا من قيادات المعارضة المسلحة». واوضح ان هذه اللقاءات «تندرج في اطار مهمة الابراهيمي للتواصل والتحاور مع كل الاطراف السوريين للاستماع الى ارائهم في شأن حل الازمة السورية». واضاف المصري ان «لاماني توجه الى اللجاة عقب زيارته مدينة درعا» التي انطلقت منها الحركة الاحتجاجية، «حيث التقى محافظ المدينة وممثلين لمنظمة الهلال العربي السوري». وتوقف لاماني في طريقه الى درعا «في قرية خبب واطلع على الاوضاع فيها»، وفق المصدر نفسه.