في اوسع هجوم تشنه المعارضة على مواقع الجيش السوري في حلب نفذت قواتها امس ثلاث عمليات انتحارية بسيارات مفخخة وهجوماً بقذائف المورتر ضد مواقع للجيش، من بينها نادي الضباط في ساحة سعدالله الجابري في وسط المدينة، ما ادى الى سقوط 48 جندياً على الاقل، بحسب ارقام الشبكة السورية لحقوق الانسان. واشار المرصد السوري لحقوق الانسان الى احتمال ارتفاع عدد القتلى بسبب وجود نحو مئة جريح كثيرون منهم بحالة خطرة. وتشكل قدرة المعارضة على الوصول الى ساحة سعد الله الجابري تطوراً مهماً في معركتها مع النظام. فهذه الساحة شهدت قبل عام تظاهرة حاشدة ضمت حوالى مليون شخص تاييداً للرئيس السوري، عندما كانت حلب ما تزال بعيدة عن المواجهات التي اشتعلت في مدن اخرى كحمص وحماة ودرعا ودير الزور. غير ان معارك طاحنة تدور منذ شهرين في العاصمة الاقتصادية للبلاد التي يعتبر النظام استمرار سيطرته عليها دليلاً على قدرته على البقاء. من جهة اخرى، قام مقاتلو المعارضة باطلاق قذائف هاون على فرع الامن السياسي في حلب بالاضافة الى احد اسواق الخضر الذي يتمركز فيه الجنود. كما دمروا دبابتين في المدينة ليلا. وتأتي سلسلة الهجمات هذه بعد أقل من أسبوع على اعلان المعارضة شن هجوم «حاسم» للسيطرة على كبرى مدن الشمال. وكانت صحيفة «الوطن» السورية المقربة من السلطة ذكرت، في عددها امس، ان القوات السورية، «ردا على الفشل الذريع في معركة الحسم التي أعلنها مسلحو حلب منذ نهاية الأسبوع المنصرم»، حسمت أمرها بالتقدم نحو معقل المسلحين في الاحياء الشرقية ومركز ثقلهم والدخول إلى حي الشيخ خضر. واوضحت «ان السيطرة على هذا الحي ستمكنها من تمهيد الطرق الواصلة إلى الأحياء الشرقية التي ستدور في رحاها المعركة الفاصلة والأخيرة». وحلب مقسمة حاليا بين قوات النظام الذي يسيطر على معظم احيائها الغربية فيما يسيطر مقاتلو المعارضة على الاحياء الشرقية. وفي محافظة ادلب، قتل 15 جنديا على الاقل في هجمات شنها مقاتلو المعارضة في معارك في بلدة بداما بمنطقة جسر الشغور. وذكر المرصد السوري ان مجموعات من المقاتلين هاجمت بشكل متزامن ثلاثة حواجز في البلدة بداما، وتلت ذلك معارك عنيفة. في هذا الوقت شهدت الحدود السورية - التركية اخطر حادث من نوعه منذ بدء الانتفاضة السورية في آذار (مارس) 2011. اذ ادى سقوط قذيفة اطلقت من الاراضي السورية على قرية تركية الى مقتل خمسة اشخاص على الاقل واصابة تسعة آخرين بجروح بينهم عدد من رجال الشرطة. واعتبر نائب رئيس الوزراء التركي بشير اتالاي ان اطلاق قذائف من سورية وسقوطها في بلدة حدودية متسببة بمقتل خمسة مدنيين اتراك يشكل «حادثا بالغ الخطورة يتجاوز كل الحدود». وقال رئيس بلدية منطقة أكاكالي التي تعرضت للهجوم ان القتلى هم ام واطفالها الاربعة. واضاف ان «هناك غضبا في بلدتنا ضد سورية»، مشددا على ان البلدة تعرضت بانتظام خلال الايام العشرة الماضية لرصاص طائش وقذائف اطلقت اثناء معارك متقطعة بين الجيش السوري النظامي ومقاتلين معارضين في محيط معبر تل الابيض الحدودي. وسقط هذا المعبر في ايدي مقاتلي «الجيش السوري الحر» قبل عشرة ايام اثر معارك عنيفة اسفرت عن سقوط خمسة جرحى في الجانب التركي من الحدود. وسيطر مقاتلو المعارضة السورية منذ تموز (يوليو) الماضي على معابر باب الهوا والسلامة وجرابلس عند الحدود التركية التي يبلغ طولها 900 كلم، وكذلك على معابر على الحدود العراقية - السورية. وجمع رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان مستشاريه لبحث احتمال الرد على الحادث، وفق مصدر مقرب منه. كما اتصل وزير الخارجية احمد داود اوغلو بالامين العام للامم المتحدة بان كي مون واعرب له عن «قلق حكومته العميق بشأن الحادث الذي وقع في تركيا». واوضح المتحدث باسم الامين العام ان بان «شجع داود اوغلو على ابقاء كافة قنوات الاتصال مفتوحة مع السلطات السورية لخفض حدة التوتر التي قد تنجم عن هذا الحادث». كما اتصل داود اوغلو بالامين العام لحلف شمال الاطلسي اندرس فو راسموسن. كما اتصل داود اوغلو بالممثل الدولي -العربي الخاص الى سورية الاخضر الابراهيمي. ونقلت وكالة «جيهان» التركية للانباء عن نائب رئيس الوزراء بولنت ارينج ان سورية يجب ان تحاسب على الحادث ويجب ان يكون هناك رد في ظل القانون الدولي. ويعتبر هذا الحادث الاخطر بين تركيا وسورية منذ اسقاط الدفاعات السورية مقاتلة تركية في حزيران (يونيو) الماضي. وكانت القوات السورية النظامية شنت منذ الصباح هجوماً واسعاً على عدد من البلدات الواقعة في الريف الغربي لدمشق حسبما افادت منظمة غير حكومية وناشطون، واشار مراسلو وكالة «فرانس برس» الى تحرك عسكري غير اعتيادي في هذه المنطقة. واشار المرصد السوري لحقوق الانسان الى قصف مدينة قدسيا والهامة اللتين تشكلان «معقلي الجيش السوري الحر»، بالدبابات من قبل القوات النظامية التي تقوم كذلك بحملة دهم واعتقالات وتفتيش في المنطقة. من جهة اخرى، علمت «الحياة» في نيويورك أن الإبراهيمي سيغادر اليوم متجهاً الى باريس وسيبدأ جولة إقليمية منتصف الشهر الحالي «ستكون اولى محطاتها المملكة العربية السعودية». وسينقل الابراهيمي مركز عمله مع فريقه الى القاهرة. وقالت مصادر في الأممالمتحدة إن الإبراهيمي سيزور أطراف مجموعة الرباعية، التي تتألف من إيران وتركيا ومصر والسعودية، ولكن «لم يتقرر بعد متى سيزور إيران». وبعد جولته الإقليمية من المقرر أن يزور الإبراهيمي روسيا والصين. وكان نائب الأمين العام للأمم المتحدة يان إلياسون أشار الى أن «الدول ذات التأثير على الحكومة والمعارضة في سورية يمكنها أن تساهم في التوصل الى قرار خفض العنف». وشدد على أن الهدف من خفض العنف هو التوصل الى «وقف إطلاق النار».