نظم نادي جدة الأدبي الثقافي مساء الأحد الماضي، أمسية بعنوان «جدة إن حكت»، شارك فيها الدكتور عبد الله مناع والدكتورة لمياء باعشن وأدارها الإعلامي عبده قزان. واستهل مناع ورقته بالإشارة إلى عنوان الأمسية الأخاذ، على حد تعبيره، والذي قال عنه: «انتزع موافقتي فوراً عبده قزان بعد سماعي له»، متطرقاً إلى ذاكرة جدة التاريخية التي تمتد إلى ما قبل الإسلام كما جاء في الموسوعة العربية الميسرة، معتبراً إياها «نقطة التقاء الزمان بالمكان في الهجرة للحبشة عندما جاء الخليفة الراشد عثمان بن عفان ليجعلها مرفأً لمكة فتكون لحظتها التاريخية الأخرى». وتوقف عند الذاكرة السياسية لمدينة جدة، ووصفه بالمتفرد. ولفت أيضاً إلى اتصالها المبكر بالعالم الخارجي. وانتقل إلى ثورة أبنائها التي أطلق عليها «فتنتها» عام 1859 م ضد القنصل البريطاني عندما أنزل العلم العثماني وأهانه فأدى لمقتل القنصل البريطاني وكذلك الفرنسي الموجود في نفس الحدث آنذاك، ممّا أدى إلى إعدام 14 متهماً من أبنائها ونفي ستة من كبار أعيانها وشخصياتها. ومضى الدكتور مناع في ورقته إلى القرن العشرين، واستقبال جدة وفود القوميين العرب من أدباء وساسة وعسكريين ومثقفين في عهد الشريف الحسين، وانتقل إلى عهد وصول الملك عبدالعزيز عام 1925م وإقامته ببيت نصيف، وما شهدته مدينة جدة من توقيع اتفاقات النفط الأولى مع شركة الزيت الأميركية. فيما بدأت الدكتورة لمياء باعشن مشاركتها بإلقاء قصة غنائية باللهجة العامية الحجازية، وبعد انتهائها قالت: «أدباء جدة الذين أحضرتهم معي هذه الليلة لا اسم لهم»، موضحة في سياق حديثها أن هذه الإسهامات الشفهية هي مجهولة المؤلف ولكنها، كما قالت،:«حملت البصمة الجداوية الجمعية». ولفتت إلى أن هذه الحكايات «ما هي إلا قصص لها حبكات وثيمات وقيم إنسانية رائعة». واستشهدت بالكثير من القصائد والحكايات التي تروى، فطبعت الأمسية بطابع الحيوية، بذكرها عدداً من النكات القديمة المحكية والتي تلفت إلى مضامين نسقية واجتماعية كانت في مدينة جدة. وتطرقت باعشن في حديثها إلى الإبداع النسوي السردي، والقوة التخيلية لدى النساء في الحكايات الشعبية الشفوية، والتي جمعتها الدكتورة في كتاب مستقل وهو جزء من مشروعها حول الأدب الشعبي في الحجاز.