دفع الخوف والقلق من تزايد أعمال القرصنة الإلكترونية أكثر من 700 اختصاصي في أمن المعلومات إلى البحث عن دروع لحماية الأموال والأسرار للشركات والأفراد والدول على الشبكة العنكبوتية. وتوقّع الخبراء في «ملتقى أمن المعلومات الخامس» الذي انعقد في دمشق أخيراً ونظمته وزارة الاتصالات والتقنية و «الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية»، أن تتزايد هجمات القرصنة الإلكترونية في ظل أزمة المال العالمية بهدف سرقة البيانات للحصول على معلومات شخصية كي تُستَخدَم لاحقاً للابتزاز مالياً. وبحث الملتقى على مدى يومين عدداً من المحاور منها أنظمة أمن الشبكات والإنترنت ورقابتها، وحماية البيانات والتشفير، وأمن الاتصالات اللاسلكية والهاتف المحمول، ومكافحة الجرائم الإلكترونية، والتوقيع الرقمي بين القانون والتطبيق، ومراكز الاستجابة لطوارئ الحاسوب، والتجارة الإلكترونية، وأمن المعلومات المصرفية، ومعايير أمن المعلومات وتقويمها، إضافة إلى إدارة الهوية رقمياً، والسرية والخصوصية، والأثر الاجتماعي لأمن المعلومات وغيرها. واعتبر عماد صابوني وزير الاتصالات والتقنية السوري، أن قضايا أمن المعلومات والاتصالات من أهم ركائز الاقتصاد الرقمي. وقال: «من المهم التنبّه لحماية البيانات العملية والتجارية والشخصية من الانتهاك أو التخريب أو الضياع، وضمان سلامتها وتكاملها، وهو الأمر الذي من دونه يضيع كل مغزى وفائدة من تداولها على الشبكة بصورتها الإلكترونية». ولفت إلى أن وزارته تعمل حالياً على إحداث هيئة متخصّصة بتطوير البنية التحتية وإدارتها بحيث تستطيع النهوض بتقديم الخدمات الإلكترونية المتنوعة. وكشف عن قرب بناء مركز للمعطيات والخدمات المعلوماتية الإلكترونية، ووضع نواظم وضوابط للأمن والأمان على الشبكات المعلوماتية ومراقبة تطبيقها وإدارة النطاق العلوي السوري على الإنترنت. دراسة سعودية أصيلة في سياق اللقاء، أفادت دراسة أنجزها «مركز التميّز لأمن المعلومات» في «جامعة الملك سعود بن عبد العزيز»، أن كل 10 برامج من أصل 20 برنامجا خبيثاً منتشرة على شبكة الإنترنت هي عبارة عن برامج مكتوبة بلغة «جافا سكربت». وأكدت الدراسة أن 50 في المئة من البرامج الخبيثة تعتمد في انتشارها على متصفحي مواقع الإنترنت. ولفتت الدراسة إلى أن 97 في المئة من مصادر الهجمات الخبيثة تتركز في 10 دول هي الصين والولايات المتحدة الأميركية وهولندا وألمانيا وروسيا ولاتفيا وبريطانيا وأوكرانيا وكندا. وفي سياق متصل، رأى خالد الحمصي مدير «الشركة السورية - الألمانية للاتصالات» أن الأنظمة المعتمدة في تشفير الاتصالات اللاسلكية وترميزها في الدول الغربية، أكثر نجاعة وكفاءة من الأنظمة المستخدمة في الدول العربية بسبب تقدم منظومة الاتصالات ووجود بنية تحتية تسمح بالدخول في صميم أمن المعلومات. وقال: «نحن ما زلنا نحاول تأمين البنية التحية للاتصالات وهاجسنا هو توفير الخدمة». وفي لقاء مع ال «الحياة»، قال الحمصي: «أغلب الملفات اليوم أصبحت ذات محتوى إلكتروني. ويجب العمل على تأمين هذا المحتوى بنوعية تشفير وترميز معينة، تضمن خصوصية المعلومة وسريتها وعدم وقوعها في أيدي آخرين قد يستفيدون منها في شكل يؤذي مصلحة الجهة التي تمتلك هذه المعلومة». وفي هذا الصدّد، سلّط الملتقى الذي شارك فيه عدد كبير من الشركات العربية والأجنبية، الضوء على أحدث التقنيات والتكنولوجيا المستخدمة في مجال أمن المعلومات. ورأى بعض الخبراء أن الملتقى ابتعد عن المواضيع التقنية، مكتفيّاً بمناقشة ما يخص التطبيقات الإدارية ومجالات الحماية الإلكترونية. ولاحظ المهندس إياد الهوشي من شركة «سْكان سيريا» Scan Syria المتخصصة في الخدمات الاستشارية في مجال أمن المعلومات، عدم كفاية خوارزميات التشفير المعتمدة عالمياً، وكذلك عدم توافر موثوقية كاملة بها بسبب توافر الموارد اللازمة لكسر خوارزميات التشفير لأنها تعتمد على طول مفتاح التشفير حصرياً. وفي لقائه مع «الحياة»، تحدث الهوشي عن البحث الذي قدمه أمام الملتقى، فقال: «من الممكن أن نشفّر المعلومات، ولكن يمكن أيضاً أن نخفيها ضمن ملفات ملتيميديا عبر بعض التعديلات على الملفات، من دون التأثير في عين المتلقي وأذنه، وبالتالي فإن أي شخص يتنصت على قناة اتصال تكون هذه المعلومات بالنسبة اليه من دون أهمية على عكس الشخص الأخر المرسلة إليه والتي لا يستطيع احد أن يراها إلا هو، عبر استخدام خوارزميات رقمية خاصة». وفي ختام أعماله، دعا المؤتمر إلى ضرورة التوعية المستمرة بأهمية أمن المعلومات والنظم المعلوماتية في الشركات والمؤسسات المختلفة. وطالب بإنشاء جهة وطنية تعمل على تنظيم أمن المعلومات على المستوى الوطني، كما حثّ قطاع التعليم العالي على القيام بالبحوث والدراسات في مجال أمن المعلومات، وطالب بالإسراع بإصدار قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية وحماية البيانات الشخصية نظراً الى ازدياد هذا النوع من الجرائم مع زيادة انتشار الأنظمة المعلوماتية والشبكات والإنترنت.