في خضم تصريحات ل «جس النبض» تتعلق برفع الدعم أو خفضه عن المحروقات، لا سيما وقود السيارات والغاز، ثم نفيها أو تأكيد أنها مجرد مقترحات أو خطط مستقبلية، خرجت منظمة حقوقية برؤية اقتصادية اجتماعية مؤيدة لقرار خفض الدعم، الذي يسبب هلعاً شعبياً، مطالبة بتنفيذه تدريجاً. وحذرت «المبادرة المصرية للحقوق الشخصية» أمس من التسرّع في تنفيذ خفض الدعم للوقود من دون التنبه إلى العواقب الاجتماعية والاقتصادية. وأكد مدير قسم العدالة الاقتصادية والاجتماعية في المبادرة عمرو عادلي ان «دعم الطاقة الموروث من حكومة أحمد نظيف افتقد إلى مبدأي العدل والإنصاف، إذ أن معظم الدعم كان يذهب إلى الفئات التي لا تستحقه، ما يشكل تمييزاً ضد الفقراء، إذ قلل من العائد الاجتماعي لسياسة الدعم وعمّق التهميش الاقتصادي». واعتبر عادلي أن «المبادرة المصرية، وإن كانت تعتبر خفض دعم الطاقة أمراً إيجابياً عموماً ويمثل تصحيحاً لأخطاء متراكمة للسياسات الاقتصادية والاجتماعية التي ابتدعت في عهد حكومة نظيف، إلا أنها ترى ضرورة إدارة هذا الخفض على نحو تدريجي وعبر خطة زمنية واضحة ومعلنة من قبل الحكومة تشمل خطوات سريعة وجادة لتدارك تداعياتها على الفئات الفقيرة والمهمشة التي تشكل نحو نصف المجتمع». ويُشار إلى أن دعم الطاقة كبند واحد فقط استأثر العام الماضي ب72 في المئة من إجمالي قيمة الدعم الموجه للوقود، مستحوذاً بذلك على خُمس الإنفاق الحكومي أو نحو 6.31 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي و19.27 في المئة من الإنفاق العام، ما يعادل 182 في المئة من الإنفاق على التعليم و407 في المئة من الإنفاق على الصحة. ويُذكر أن المواطن المصري يعاني سيلاً منهمراً من التصريحات الحكومية، بعضها متناقض، يؤكد أن الحكومة تعد قراراً جمهورياً يرفع أسعار المحروقات بما يحقق خفضاً لمخصصات الدعم، كما ورد في الموازنة الحالية 2012 – 2013، بمقدار 28 بليون جنيه (4.6 بليون دولار) مقارنة بما كان مخصصاً لها العام الماضي اي 113 بليوناً. رفع تدريجي وأشارت المبادرة إلى وجود توجه داخل الحكومة يتبنى سياسة رفع أسعار الوقود بفئاته المختلفة والسولار وقارورات الغاز تدريجاً بدءاً من الأسابيع المقبلة حتى نهاية عام 2013، مؤكدة أن ذلك يقتضي رفع سعر الوقود 50 في المئة. أما في ما خص السولار، فإن السياسة السعرية تقترح نظاماً لتوزيعه مدعوماً على المزارعين وبعض المنشآت الحكومية بسعره الحالي، على أن يباع في الأسواق بسعر يزيد على الضعف. وتتضمن خطة خفض دعم الوقود منح كوبونات لمستحقي الدعم في منافذ التموين للحصول على قارورات الغاز بأسعار مدعومة، بينما سيحصل عليها غير المستحق، بدعم أقل. ويُتوقع أن يثير تطبيق هذه القرارات والسياسات احتجاجات واسعة بسبب الضغوط التضخمية التي سيسببها على أسعار الكثير من المنتجات التي تعتمد على الطاقة مدخلاً للإنتاج أو النقل والتوزيع، وستتضرّر منها الفئات الأكثر فقراً. وعلى رغم أن المبادرة تعتبر خفض دعم الطاقة تصحيحاً لأخطاء متراكمة للسياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تبنتها حكومات النظام السابق، إلا أن ذلك لن يتحقق من دون إعادة توجيه للقسم الأكبر من الدعم إلى برامج تنموية أخرى تعود بالنفع المباشر على الفئات المحرومة والأكثر فقراً. ولفت عادلي إلى أن «تنفيذ سياسات خفض الدعم على وجاهتها تبقى عرضة لأخطار ترحيل كلفتها على كاهل الفقراء، ولذلك يجب أن تأخذ قرارات إعادة الهيكلة السعرية للطاقة، لا سيما المواد البترولية، مصلحة الفقراء في الاعتبار وأن تتم وفق منظور العدالة الاجتماعية». وأوصت المبادرة أمس في تقريرها الصادر بعنوان «خفض دعم الطاقة نعم، لكن بشروط»، بأن تعلن الحكومة بشفافية جدولاً زمنياً يشمل إجراءات محددة لإعادة توجيه نسبة معتبرة من الدعم الملغى لصالح دعم السلع الغذائية الأساس، بما يساهم في احتواء الضغوط التضخمية المحتملة لزيادة أسعار المواد البترولية، خصوصاً في ظل ضعف الرقابة على الأسواق، مطالبة الحكومة بتوزيع كوبونات لمستحقي الدعم للحصول على المنتجات البترولية المختلفة مثل السولار والوقود، وليس قارورات الغاز فقط، مع رفع كفاءة عمليات التوزيع والتأكد من وصول المنتجات إلى مستحقيها عبر رقابة صارمة.