عادت الملاحقات القضائية لأركان النظام السابق إلى صدارة المشهد السياسي في مصر، بعدما أحالت السلطات القضائية المرشح الرئاسي السابق الفريق أحمد شفيق، رئيس آخر حكومات الرئيس المخلوع حسني مبارك، على المحاكمة بتهمة الفساد إبان توليه وزارة الطيران المدني، فيما أعلنت محكمة النقض أمس أنها ستنظر نهاية العام الحالي في طعون على أحكام بالسجن تقدم بها الرئيس المخلوع ووزير داخليته حبيب العادلي ورئيس وزرائه أحمد نظيف. وكان قاضي التحقيق المنتدب من وزير العدل هشام رؤوف قرر إحالة شفيق ووزير الطيران المدني السابق إبراهيم مناع ورئيس شركة مصر للطيران توفيق عاصي وثمانية متهمين آخرين من كبار مسؤولي قطاع الطيران المدني، على محكمة الجنايات في أربع قضايا تتعلق بارتكاب وقائع فساد مالي في القطاع. ووجهت السلطات القضائية إلى شفيق الذي فرّ إلى دولة الإمارات غداة إعلان خسارته الانتخابات الرئاسية في حزيران (يونيو) الماضي، وإلى مناع وعاصي اتهامات «الإضرار عمداً بأموال الجهتين اللتين يتصل بهما بحكم عمله (الشركة القابضة للمطارات والملاحة الجوية والشركة القابضة لمصر للطيران) بتوقيع بروتوكول تعاون مع (رئيس ديوان الرئاسة السابق زكريا عزمي بصفته) سكرتير جمعية تنمية خدمات مصر الجديدة الأهلية (التي تترأسها زوجة الرئيس المخلوع) كلف شفيق بموجبه المتهمين مناع وعاصي منح مبالغ مالية (أكثر من 23 مليون جنيه) لتلك الجمعية». وأسند أمر الإحالة إلى مناع وعاصي أنهم «أضرا عمداً بأموال الشركة القابضة للمطارات والملاحة الجوية والشركة القابضة لمصر للطيران بأن قدما تلك المبالغ إلى جمعية خدمات مصر الجديدة الأهلية قيمة ألعاب ترفيهية لحديقة سوزان مبارك». ونسب قاضي التحقيق إلى المتهمين جميعاً أنهم «سهلوا استيلاء جمعية خدمات مصر الجديدة الأهلية على أموال عامة مملوكة للشركة القابضة للمطارات والملاحة الجوية وهي مبلغ 7 ملايين و157 ألفاً و798 جنيها وأخرى مملوكة للشركة القابضة لمصر للطيران وهي مبلغ 16 مليون و348 ألفاً و159 جنيهاً». وتضمنت القضية الثانية إحالة كل من محمد فتحي فتح الله رفعت (لواء طيار متقاعد) وعبدالفتاح مطاوع إبراهيم بدران (نائب رئيس مجلس إدارة شركة ميناء القاهرة الجوي) على محكمة الجنايات، إذ أشار قرار الاتهام إلى أن المتهمين بصفتهما موظفين عمومين، الأول رئيس مجلس إدارة شركة ميناء القاهرة الجوى، والثاني القائم بأعمال نائب رئيس مجلس إدارة الشركة «أضرا عمداً بأموال الجهة التي يعملان بها وحملاها كلفة إنشاء القطار الآلي الذي ترتب على إنشائه ضرر مالي مقداره 405 ملايين جنيه على النحو المبين في التحقيقات، كما أنهما سهلا استيلاء شركة إيجس ريل على المبلغ». وتضمنت القضية الثالثة إحالة محمد حسن محمد (مستشار رئيس الشركة القابضة لمصر للطيران) ومحمد سمير عبدالخالق رشاد (مستشار رئيس الشركة سابقاً) وأيمن المحمودي (مدير الشؤون القانونية في الشركة) ومجدي محمد راغب (رئيس قطاع التخطيط والمتابعة في الشركة) وعاطف عبدالحميد إبراهيم (رئيس شركة إيمي سال) على محكمة الجنايات بتهمة «الإضرار عمداً بأموال الجهة التي يعملون بها بأن حملوها الخسائر المادية المقدرة بمبلغ 9 ملايين و699 ألفاً و493 دولاراً، نتيجة قيام المتهمين الأربعة الأوائل بتقدير قيمة طائرتين بأقل من قيمتهما الفعلية، وقيام المتهم الثالث ببيعها بناء على ذلك التقدير». وأضاف أمر الإحالة أن المتهمين سهلوا استيلاء شركة «جي تي باور» الأميركية على مبالغ مالية. وتضمن القضية الرابعة والأخيرة إحالة عبدالفتاح كاطو (لواء طيار متقاعد) على محكمة الجنايات بصفته رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة لمصر للطيران. ونسب أمر الإحالة إليه أنه أضر عمداً بأموال «شركة مصر للطيران للفنادق» بأن «حملها تكاليف نصف ما انتهى إليه التحكيم، والمقدر بمبلغ مليون و911 ألفاً و766 يورو و99 ألف دولار، نتيجة قرار إلغاء التعاقد مع شركة إدارة فندقية». وقال شفيق على موقع «تويتر»: «لن أبقى بعيداً عن مصر طويلاً، وسافرت بعد الانتخابات تحسباً لاضطهاد متوقع ثبت أنه صحيح ومدبر، وبتوظيف أدوات القانون... سأعود إلى وطني في حماية المصريين وسأواصل عملي السياسي وسأواجه الاضطهاد وتعمد الإيذاء والتشويه والتلفيق باستخدام القانون». وبالتزامن مع قرار إحالة شفيق على الجنايات، حددت محكمة النقض كانون الأول (ديسمبر) المقبل للنظر في الطعون ضد أحكام بالسجن صدرت بحق مبارك ورموز نظامه. وشملت هذه الطعون الطعن المقدم من مبارك ووزير داخليته على الحكم الصادر بمعاقبتهما بالسجن المؤبد في قضية قتل المتظاهرين، إلى جانب طعن من العادلي في الحكم الصادر بسجنه 12 عاماً وعزله من وظيفته في قضية تبييض أموال وتربح، والطعن في حكم ضد نظيف والعادلي بسجن كل منهما 5 سنوات وعزلهما في قضية فساد، والطعن المقام في الحكم الصادر في قضية مقتل خالد سعيد المدان فيها أمينا شرطة. وشملت هذه الطعون أيضاً الأحكام الصادرة ضد كل من وزير السياحة السابق زهير جرانة و وزير الإسكان السابق أحمد المغربي ووزير الإعلام السابق أنس الفقي ورجل الأعمال القيادي في الحزب الحاكم سابقاً أحمد عز ورئيس «هيئة التنمية الصناعية» السابق عمرو عسل ورئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون السابق أسامة الشيخ. وجميعهم محكومون بالسجن المشدد في قضايا فساد.