أصدر رئيس «أرامكو السعودية» السابق عبدالله جمعة كتاباً جديداً عبارة عن قراءة خاصة للملحمة الشهيرة «جلجامش»، تميّز النقل فيها بلغة شعرية عربية فاخرة، وتبدأ الملحمة بكلمة جلجامش في أروك: «تلكم كانت إرادة الآلهة، حين أنعمت على جلجامش بجمال عزّ أن يكون له مثيل وصاغت ثلثيه من جبلّة الأرباب، وثلثه الباقي من طينة البشر. إعلم إذاً أن الحكماء السبعة هم الذين أرسوا قواعد هذا السور العظيم». بدأت فكرة النقل منذ أن كان جمعة طالباً في «العلوم السياسية» بالجامعة الأميركية في بيروت. وحصل جمعة أخيراً على حق الترجمة من دار النشر الإنكليزية Penguin، فوقع عقداً مع الناشر مُنح بموجبه الحقوق الحصرية لترجمة جلجامش إلى العربية، فتكون بذلك أول ترجمة رسمية مرخصة للملحمة. أشرف على تصميم الكتاب وأخرجه كتحفة فنية كميل حوّا من دار «المحترف السعودي». وعرف عن جمعة مخزونه الأدبي والثقافي والشعري، واهتمامه بمختلف الفنون الثقافية، تماماً مثل اهتمامه بالاقتصاد وتميزه في الإدارة، وكتب الكثير من المقالات والقصص القصيرة، وتضم مكتبة منزله أكثر من ثلاثة آلاف كتاب، من بينها نوادر الكتب والمؤلفات. يقول عبدالله جمعة في مقدمة كتابه: «وصلتنا الملحمة بروايات متعددة، باللغة السومرية، تم جمعها لاحقاً في عمل أدبي واحد، بلغة أهل بابل، المسماة الأكدية، في حوالى عام 1800 قبل الميلاد، إلا أن أكثر النسخ تماسكاً هي تلك التي يعود تاريخها إلى ما بين عامي 1300 و1000 قبل الميلاد، التي كتبت بالخط المسماري على 12 لوحة فخارية، وجدت أجزاء منها، مصادفة، في نينوى بالعراق في القرن ال19 في أطلال مكتبة الملك آشور بانيبال، آخر الملوك الآشوريين». وقال أيضاً: «جلجامش بطل هذه الملحمة يختلف عن أبطال الملاحم الأغريقية. فبينما كان أولئك شخوصاً خياليين من إبداع هوميروس، كان لبطل ملحمتنا وجود حقيقي في التاريخ، إذ تشير سجلات السلالات الحاكمة لممالك ما بين النهرين، إلى أن جلجامش حكم أوروك حوالى عام 2700 قبل الميلاد. وبعد وفاته، ولحقب طويلة، ذاع صيته كفارس مغوار، ومحارب شرس». وقال جمعة إن «النص الذي ترجمته والمكتوب باللغة الإنكليزية كان محاولة من كاتبته السيدة ن. ك. ساندرز لأن تقدم قصة جلجامش بسرد مطرد. فهي لم تترجم الرواية السومرية على شكلها الأصلي المملوء بالثغرات جراء تكسر الألواح التي كتبت عليها الملحمة، بل استندت إلى ترجمات متعددة لألواح الملحمة من اللغات الإنكليزية والألمانية والفرنسية، وهو نص نثري متصل لا يأبه بما لحق بالأصول من تشوهات، وهو يقدم للقارئ غير المتخصص في علوم الآثار نصاً يستطيع معه أن يقوم الأفكار المطروحة في العمل الأدبي».