لا يفكر الفرد في بلد متطور لدى مشاهدته بقايا الأطعمة تفسد في مستوعب نفايات، بما تنطوي عليه من أهمية. وربما يعتقد إنسان في مجتمع اقتصاده ناشئ لدى رؤيته كيساً من الخيش ممزّقاً وملقى في الشارع يحتوي حبوباً، أنه من الأمور الشائعة أن تفقد الشاحنات أكياساً من الحبوب خلال نقلها. ويسعى معهد أميركي جديد إلى تغيير وجهة نظر المستهلكين حول الخسارة في الأغذية والعمل كمركز رئيس للمعلومات والتكنولوجيا الدولية، في سبيل التكنولوجيات والممارسات القابلة للحياة اقتصادياً، ويمكنها التخفيف من خسائر المحاصيل الرئيسة كالرز والذرة والقمح وبذور النباتات الزيتية، والبقول. ويخطط المعهد أيضاً لتوفير التدريب للناس الذين يعيشون من زراعة الأغذية وتصنيعها وتقديمها. وأعلن مدير معهد «آرشر دانيالز ميدلاند» لمنع الخسائر في الأغذية بعد الحصاد (جامعة إلينوي في أوربانا)، شامبين ستيف سونكا، أن «ثلث الأغذية المنتجة للاستهلاك البشري في أنحاء العالم يُهدر». وحذّر من «التداعيات العالمية التي ترتّبها الخسائر ما بعد حصاد المحاصيل الأساسية على الأمن الغذائي وسوء التغذية، والفقر». وقدّرت قيمة هذه الخسارة ب «أكثر من 14 بليون دولار سنوياً، ويمكن هذه الخسائر في الغذاء أن تلبّي الحد الأدنى من الحاجات الغذائية السنوية لما لا يقل عن 48 مليون إنسان». ولاحظ سونكا، «بدء تلاشي الوعي حول خسارة ما بعد الحصاد، لكن وفي ضوء التركيز العالمي المتجدد على الزراعة الذي بدأ عام 2008، برز مجدداً الاهتمام بمنع خسارة الأغذية، استناداً إلى تقرير البنك الدولي بعنوان «الأغذية المفقودة: مسألة خسائر الحبوب ما بعد الحصاد في البلدان الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى». وعلى رغم ذلك، «لا تزال خسائر ما بعد الحصاد تجذب نسبة لا تتجاوز 5 في المئة من تمويل الأبحاث الزراعية». وسيسلّط سونكا الضوء على المسألة في الدورة الدراسية في بورلوغ التي ستُعقد في 17 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل في مدينة ديس مونيز في ولاية أيوا، وهو حدث يتزامن مع الاحتفالات باليوم العالمي للأغذية. وأعلنت منظمة الأغذية والزراعة (فاو) التابعة للأمم المتحدة، أن هذه الخسائر «تساهم في ارتفاع تكاليف المواد الغذائية، وتدهور البيئة وتغير المناخ. وتُهدر المياه والأراضي والجهود، والموارد غير المتجددة كالطاقة والأسمدة المستخدمة في إنتاج الأغذية التي لا يستهلكها أحد». واستناداً إلى تقرير ل «فاو» بعنوان «الخسائر العالمية للأغذية وإهدارها»، تُفقد السلع خلال الإنتاج بسبب الآلات المتضررة أو التسرب، وخلال النقل وسوء التخزين، ما يؤدي إلى خفض نوعية المحصول خلال التصنيع والتوزيع والاستهلاك. وأكدت «إهدار معظم المواد الغذائية في مرحلة الاستهلاك في البلدان ذات الدخل المتوسط والمرتفع». ويمكن أن تُهدر الأغذية في بعض البلدان بسبب الحصاد السابق لأوانه، في حال كان المزارع يحتاج بشدة إلى المال. كما يُحتمل أن تتلقى مثل هذه الأغذية خسارة أيضاً في القيمة الغذائية والاقتصادية، وربما تُهدر في حال عدم صلاحياتها للاستهلاك. وتشمل الأساليب المحتملة للحد من فقدان الأغذية وإهدارها القيام بعملية الحصاد والتجفيف بطرق سليمة، ورصد نسبة الرطوبة في الحبوب، ونقل المحاصيل من الحقل بعناية عبر كل مراحل سلسلة الإمدادات. وأشارت «فاو» إلى تحسين أساليب إدارة مكافحة الآفات والفطريات والتخزين السليم، والتعاون بين المزارعين للحد من خطر الإفراط في إنتاج محصول واحد».