زوريخ - رويترز - بدأ المستثمرون الذين يواجهون صعوبات بعد أزمة الائتمان العالمية يتطلعون للاستثمار في مجال آخر غير الأسهم والسندات في سعيهم الى الحصول على إيرادات. ويقدم الفن المعاصر فرصاً تجذب المستثمرين ذوي النظر الثاقب. ويوضح دليل «آرتبرايس» الذي يجمع بيانات الأسواق وهو ذائع الانتشار، إن أسعار أعمال الفنانين الذين ولدوا بعد عام 1945 تراجعت نحو الثلث منذ بلغت أوجها في أواخر عام 2007، بينما يشير محللون الى ان الوقت الحالي ربما يكون مواتياً للغاية لدخول هذا المجال. وقال دومينيك ميرش وهو صاحب معرض فني في سيدني: «ما من شك في أن الوقت الحالي ملائم جداً لشراء الأعمال الفنية المعاصرة. تجد أعمالاً مثيرة للاهتمام ورفيعة المستوى بأسعار معقولة من دون ارتفاع الأسعار، كما كان يحدث خلال السنوات الماضية». وتظهر بيانات «آرتبرايس» أن إيرادات بيع الأعمال الفنية المعاصرة في المزادات تراجعت إلى 11 في المئة من الإجمالي خلال النصف الأول من عام 2009، بعدما كان 19 في المئة طوال عام 2008. ولكن صفقة شهيرة أبرزت الإمكانات في هذا المجال. فقد بيعت لوحة لديفيد هوكني تصور بيتي فريمان وهي مصورة أميركية محبة للأعمال الخيرية وراعية للأعمال الفنية مقابل ثمانية ملايين دولار في أيار (مايو)، وهو مبلغ قياسي لعمل من أعمال هذا الفنان، وعلى رغم ذلك ما زال يعتبر استثماراً جيداً. وأفاد سيمون دي بيري رئيس مجلس إدارة دار مزادات «فيليبس دي بيري آند كومباني» بأن «أياً كان الذي اشترى هذا العمل فقد حصل على صفقة مثالية حقاً». ويعتقد دي بيري بأن أعمال هوكني ستتبع الدرب نفسه الذي سار عليه فنان بريطاني آخر هو فرانسيس بيكون الذي بلغت أسعار أعماله عنان السماء بعدما ظل يجاهد في البداية. ورأى باتريك غرون صاحب «آرت انفست» في سويسرا أنه على رغم ذلك، فإن تحقيق عائد كبير في سوق الأعمال الفنية ربما يستغرق ما يصل إلى عامين في الوقت الذي تتعافى هذه السوق في وقت أطول من الاقتصاد بصفة عامة. وأضاف: «السوق المعاصرة تتراجع قليلاً في الوقت الراهن. إنها فرصة طيبة لدخول هذا المجال». أما الأعمال الفنية التي تلقى رواجاً في شكل دائم مثل أعمال مونيه أو فان غوغ أو رمبرانت، فأثبتت أنها تمثل مجالاً آمناً خلال الأزمة الاقتصادية في حين أن فئة الأعمال التقليدية بصفة عامة التي تعرف على أنها أعمال الفنانين الذين ولدوا قبل عام 1945 فقدت ربع قيمتها منذ أواخر عام 2007. ودفعت شهية المستثمرين للأعمال الفنية المصارف في أنحاء العالم بما في ذلك «يو.بي.اس»، و«سيتي بنك»، و«دويتشه بنك» إلى تقديم خدمات استشارية إضافية في المجال الفني لعملائها الأثرياء خلال الفترة التي سبقت رواج السوق الفنية. ولكن الأزمة المالية العالمية أجبرت المصارف على التركيز على أعمالها الرئيسة المتعلقة بإدارة الاستثمارات. وهناك مؤشرات مبكرة الى أن السوق الفنية ربما تكون تجاوزت أسوأ أحوالها. وتراجعت أسعار الأعمال الفنية في 2008 وتراجع مؤشر «مي موزيس» الشامل للفنون والذي يجمع بيانات من مبيعات المزادات نحو 4.5 في المئة بعد خمس سنوات من النمو السنوي الذي بلغ في المتوسط نحو 20 في المئة. ويشير مؤشر «مي موزيس» إلى أن الاستثمار في الأعمال الفنية تفوق على الاستثمار في الأسهم العام الماضي، ولكن لم يكن موقفه جيداً مثل السندات والأوراق المالية والذهب. ولكن كانت أحدث عائدات سنوية مركبة للاستثمار في الأعمال الفنية لأجل خمس وعشر سنوات مبهرة ولم يتجاوزها سوى الاستثمار في الذهب. وحققت لوحة تعود الى العام 1911 لآنية فيها زهور الربيع فوق مفرش أزرق، عائداً قياسياً على اعتبارها من أعمال الرسام الفرنسي هنري ماتيس لأنها بيعت مقابل نحو 36 مليون يورو، كما أن عملاً تجريدياً للرسام الهولندي بيت موندريان حقق 21.5 مليون يورو. ويشير بعض المراقبين إلى أنه بما أن الأسعار مرتفعة نسبياً ومستقرة في الأعمال التقليدية وأن الأعمال الرفيعة المستوى محدودة، فإن المشترين الذين يريدون تكوين مجموعات مهمة سيبحثون عن أعمال فنية خلال الربع قرن الماضي، ومن هنا ترتفع الأسعار. وقال دي بيري: «إذا عدنا للوراء الآن ونحن في بداية القرن الحادي والعشرين إلى أعمال الثمانينات والتسعينات، يمكننا شراء أفضل الأعمال الفنية التي ظهرت في ذلك الوقت من دون أي قيود». وقال غرون صاحب «آرت انفست» إن على المشترين أن يبحثوا بأنفسهم واختيار الفنانين الواعدين الذين لم يصبحوا مشهورين بعد.