في أروقة وزارة الثقافة والإعلام، خصوصاً في الأجهزة التي صدرت التوجيهات السامية بتحويلها إلى هيئات، يتساءل موظفو تلك الأجهزة عن المصير الذي ينتظرهم، والكل يسأل الآخر عن مآل أوضاعهم الوظيفية بعد هذا التحول في شكل وتنظيم الأجهزة الجديدة، التي يأملون أن تنعكس عليهم إيجابياً. المشكلة أن الآمال عريضة جداً بتحولهم إلى موظفي هيئات، ويطمعون بتحسن أوضاعهم الوظيفية في حال سن أنظمة إدارية تعطي الجميع حقهم، وليس كما هي الحال في نظام الخدمة المدنية، الذي نجد فيه تفاوتاً في الحقوق، وليس هناك رؤية واضحة مثلاً في جانب الترقيات والحوافز التي قد تتدخل فيها عوامل كثيرة وليست إيجابية في معظم الحالات، مثل التداخلات المناطقية وغيرها. إن ما يشغل بال هؤلاء الموظفين هو عدم الوضوح والشفافية في ما سوف تكون عليه هيئات الإعلام الجديد، فالإشاعات منتشرة بينهم، فهناك من يقول إن الوضع لن يتغير كثيراً عما هو عليه الآن، والبعض الآخر يبني أحلاماً بزيادة الرواتب وبدلات السكن والتأمين الصحي، ولكن القضية أنهم يتحدثون عنها من مصادر غير معروفة، خصوصاً أن هناك الكثير من اللجان التي ليسوا ممثلين بها، تلك اللجان هي من ستقرر مصيرهم، وكم كنت أتمنى أن يكون هناك لقاءات مفتوحة لموظفي هذه الأجهزة مع الوزير ونائبيه لمعرفة شكل التغير الذي سوف يحل بهذه الهيئات، وانعكاس ذلك عليهم حتى يكون هناك مساحة لمناقشة جميع اهتماماتهم ونقلها إلى اللجان العاملة على هذه الملفات. إننا نجد مثلاً بعض الهيئات الرسمية، التي يوجد بينها تفاوت في الشكل الوظيفي، فبعض موظفي تلك الهيئات يحصلون على رواتب مرتفعة مقارنة بمنسوبي هيئات أخرى، وهذا ما يقلق موظفي أجهزة الثقافة والإعلام في هذه المرحلة، إن مبدأ العدالة يجب أن يكون هو نبراس مسؤولي هذه الوزارة حتى لا تتكرر قضايا التظلمات إلى الأجهزة المختصة التي نسمع عنها من بعض موظفي بعض الهيئات الرسمية القائمة، بسبب أن البعض لم يحصل على حقوق مثل زملائه الآخرين بسبب العمر أو الخبرة أو طبيعة تعاقده مع الوزارة، فهناك مثلاً موظفو العقود بالوزارة يرددون مخاوفهم بصوت مسموع، بأن هناك نية للتخلص منهم، ومع الأسف لا نجد تطميناً من الوزارة لهم على مستقبلهم الوظيفي في ظل هذا التحول النوعي الذي يشهده الإعلام الرسمي. لا شك أن العنصر البشري هو الجانب الرئيس في العملية الإنتاجية، وشعوره بالاستقرار و الأمان الوظيفي، وإحساسه بالعدالة، سواء داخل مؤسسته أو مع منسوبي المؤسسات الأخرى، هي أهم الدوافع المحفزة في عمله، واختلال مبدأ العدالة سوف يجعل انتماءه لهذه المؤسسة ضعيفاً جداً، وقد يوجد مادياً، أما الإنتاج والنجاح فسوف تكون آخر أولوياته، لذا على وزير الثقافة والإعلام الاهتمام بهذا الجانب وتطمين هؤلاء الموظفين والبعد من المحسوبية في التعاطي معهم في عملية التحول هذه، وأن يكون هناك أنظمة إدارية واضحة يخضع لها الجميع من دون استثناء. الغالبية من هؤلاء المنتسبين لهذه الأجهزة ينتظرون بلهف وترقب تعيين رؤساء لهذه الهيئات الإعلامية الوليدة، باعتقادهم أن هؤلاء الرؤساء هم من سوف يكون لهم الأثر الكبير بتشكيل الأنظمة لهذه الهيئات، وهذا باعتقادي رؤية قد يجانبها الصواب، لأن الهيئات الرسمية يجب أن تخضع لنظام الهيئات الحكومية الممثلة حتى لا يكون هناك ازدواجية في الحقوق والواجبات لمنتسبي هذه الهيئات. الهدف الرئيس من هذا التحول في أجهزة الإعلام الرسمية إلى هيئات هو تحقيق المرونة الإدارية والمالية لهذه الهيئات الناشئة، وعلى مسؤولي الإعلام القائمين على هذا التحول التأكد من تحقيقه، وإلا فلن يختلف الإعلام سواء كان تحت مظلة وزارة أو هيئة. [email protected] @akalalakl